الجزائر تنشد تنويع اقتصادها للتخلص من تبعية النفط

الجزائر تنشد تنويع اقتصادها للتخلص من تبعية النفط 

- 93 بالمئة من مداخيل البلاد المالية مصدرها النفط - 2.26 مليار دولار صادرات غير نفطية في 2020 - 23 مليار دولار صادرات نفطية في 2020 - خطة رئاسية لتنويع الاقتصاد الجزائري

تستهدف الحكومة الجزائرية إيجاد وتنمية قطاعات غير نفطية في البلاد، للخروج باقتصادها من تبعية مفرطة للنفط والغاز الطبيعي، من خلال خطة إنعاش جديدة أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبون.

ففي لقاء ضم الحكومة ومنظمات رجال الأعمال والنقابات قبل أشهر لشرح معالم خطة الإنعاش الاقتصادي العام الماضي، قال الرئيس تبون إن بلاده تسعى لبلوغ 5 مليارات دولار صادرات خارج قطاع الطاقة التقليدية.

والشهر الماضي، كشف الرئيس الجزائري أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي بلغت 44 مليار دولار، معتبرا أنه رقم يوفر هامشا للتحرك على مدى العامين المقبلين.

** اقتصاد تابع

وبلغت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي ذروتها منتصف 2014 عندما تجاوزت 194 مليار دولار، لكنها سرعان ما تهاوت بفعل الأزمة النفطية.

ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة للمحروقات، إذ تمثل عائدات النفط والغاز 93 بالمئة من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.

وبلغت الصادرات غير النفطية في الجزائر عام 2020 نحو 2.26 مليار دولار، مقابل 23 مليار دولار هي صادرات المحروقات.

وتضمنت خطة الرئيس تبون ثلاث محاور كبرى و20 بندا لإصلاح وإنعاش اقتصاد البلاد المتضرر من ثنائية فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط.

وتصدر الإصلاح المالي، المحاور الكبرى لخطة إنعاش اقتصاد الجزائر، إضافة للتجديد الاقتصادي ومقاربة اقتصادية لمكافحة البطالة وخلق الوظائف في السوق المحلية.

وتضمن الإصلاح المالي عدة بنود، هي: مراجعة النظام الجبائي واعتماد قواعد جديدة لحوكمة الموازنة وتحديث النظام البنكي.

أما محور التجديد الاقتصادي فورد فيه 12 بندا، وركز على تحسين فعلي لمناخ الأعمال، وتبسيط قوانين الاستثمار وإزالة العراقيل البيروقراطية التي تكبح المستثمرين.

ويعتزم الرئيس الجزائري أيضًا، تطوير شعب صناعية على غرار الصناعات الزراعية الغذائية والإلكترونيات والأجهزة الكهرومنزلية والميكانيك والصيدلة.

كما سيحظى قطاع المناجم باهتمام حكومة الرئيس تبون وفق الوثيقة، وسيتم استغلال مناجم الفوسفات والذهب والحديد والزنك والرخام.

وجاء في خطة تبون تركيز الحكومة على تطوير الفلاحة، بالوصول إلى تلبية حاجيات البلاد من المنتجات الزراعية والحيوانية بحلول 2024، وتكثيف عمليات الزراعة الجبلية في الشمال والمناطق الصحراوية (جنوب).

وفشلت مساعي الحكومات المتعاقبة منذ عقود، في رفع صادرات البلاد غير النفطية التي لم تتجاوز 3 مليارات دولار في أحسن الأحوال.

** تهديدات

في السياق، يرى المحلل الاقتصادي الأستاذ بجامعة الجزائر الحكومية أحمد سواهلية، أن السلطات عليها أخذ عدة تهديدات بعين الاعتبار، بشأن خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلن الرئيس عنها مؤخرا.

وتتمثل هذه التهديدات كما قال سواهلية للأناضول، أساسًا في العجز الدائم لميزان المدفوعات وخاصة عجز الميزان التجاري، واعتماد الاقتصاد على قطاع النفط بشكل مفرط.

ومن التهديدات استمرار عجز الموازنة العامة رغم تخفيض النفقات الحكومية بواقع النصف جراء الأزمة المزدوجة لفيروس كورونا وتهاوي أسعار النفط.

ويضاف إلى هذه التهديدات عامل الوضع الصحي العالمي الصعب الذي عطل المؤسسات الاقتصادية عن نشاطها، حسب المحلل سواهلية.

وأوضح أن من معايير نجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، إيجاد اقتصاد بديل للنفط وإنعاش القطاعات خارج قطاع المحروقات هو تجسيدها ميدانيا ونقلها من خطة مجردة على الورق إلى التنفيذ الميداني.

واعتبر أن الخطة يمكنها النجاح أولا لوجود إرادة سياسية في ذلك، شريطة الاعتماد على كفاءات بشرية في كافة الميادين تنقل الخطة من مجرد فكرة إلى التنفيذ على أرض الواقع.

ويستوجب على حكومة تبون تفعيل دور الرقابة الدورية لإنجاح الخطة، وخاصة دور الهيئات الرقابية، في ظل بيروقراطية خانقة خصوصًا في الولايات والبلديات.

** الفلاحة والصناعة والسياحة

ويشرح المتحدث أن قطاعات الفلاحة (الزراعة) والصناعة والسياحة يمكن أن تكون المفتاح لنجاح خطة الإنعاش الاقتصادي وعودة الجزائر إلى التصدير من قطاعات غير المحروقات.

ويضيف: "إمكانيات الفلاحة والصناعة والسياحة يمكنها كبح جماح الاستيراد المفرط.. يمكن خلق صناعة محلية للمنتجات الفلاحية والزراعية في مرحلة أولى تغطي الاحتياجات المحلية والتصدير في مرحلة ثانية".

** أمر صعب

من جانبه، يرى مسؤول القسم الاقتصادي بصحيفة الخبر (خاصة)، حفيظ صواليلي، أنه من الصعب الجزم على المدى القصير بنجاح خطة الانعاش الاقتصادي، التي تتطلب في البداية توفير وتهيئة ظروف موضوعية وواقعية لنجاحها.

ويوضح صواليلي للأناضول، أن بيانات التجارة الخارجية تشير أن الصادرات غير النفطية والغازية بلغت عام 2020 نحو 2.26 مليار دولار، مقابل 2.58 مليار دولار في 2019 بتراجع نسبته 12.59 بالمئة.

ويضيف: "وفقا لبيانات الصادرات خارج المحروقات يلاحظ أن 5 مصدرين فقط يسيطرون على 73 بالمئة من مبيعات البلاد للخارج من غير القطاعات النفطية والغازية، من أصل 1153 مصدر خارج المحروقات تحصيها الجزائر".

ويعتقد الخبير الاقتصادي أنه ولعدة عوامل، من الصعب بلوغ مستوى 5 مليارات دولار كصادرات جزائرية خارج المحروقات خلال العام الجاري.

من الأسباب، ذكر صواليلي أن النسيج الصناعي الجزائري وقطاع الخدمات يعانيان من ضعف، يضاف إليها تداعيات جائحة كورونا، والقيود المفروضة على استيراد عدة مواد أولية.

كما أن الأطر التشريعية والتنظيمية الخاصة بالتصدير، تتضمن معوقات وكوابح تعرقل عمليات التصدير، على غرار استعادة النقد الاجنبي لقاء عمليات البيع للخارج (إجراءات بيروقراطية في البنوك).

ويؤثر ضعف الوسائل اللوجستية والنقل والشحن بدوره على تطوير قطاعات جزائرية خارج المحروقات وتوجهها نحو التصدير، وفق صواليلي.
 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات