الغزو الروسي يضيق الخناق على الأمن الغذائي التركي وسط مساع حكومية لضبطه (تقرير)

فرض الغزو الروسي لأوكرانيا على كل دول العالم البحث عن أمنها الغذائي بهدف تحييد تداعيات تلك الحرب عنها كل منها قدر الإمكان، خاصة وأن أبرز آثار تلك الحرب على قطاع الزراعة تلمس بشكل كبير الحبوب الغذائية من قمح وذرة، وتأتي تركيا بين تلك الدول.

حيث عملت تركيا على تقييد بعض الصادرات بهدف ضمان أمن الإمدادات الغذائية في الدولة ومنع ارتفاع الأسعار، على أن يكون هذا التقييد مرهونًا بطبيعة السوق، أي أنّه متغير وفق الاحتياج المحلي.

وكانت وزارة الزراعة والغابات أعلنت، في بيان نشرته الصحف الرسمية، عن تقييد 20 منتجًا من المنتجات التركية حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، ويعد أبرز تلك المنتجات الطماطم، البصل، الثوم، الخيار، الفاصوليا الخضراء، الباذنجان، الفلفل الأخضر، الزيتون، الفاصوليا البيضاء، العدس الأحمر، البرتقال، اليوسفي، الليمون، البطيخ، التفاح، زيت الزيتون، الدواجن، والبيض، والزبدة.

ويأتي هذا القرار في إطار تقليل حجم الواردات من السلع الغذائية التي تجلب التضخم العالمي الحاصل إلى الداخل، فضلا عن أن بعض التجار المحليين يقومون بتصدير السلع الغذائية الرئيسية ومن ثم يحتاج السوق المحلي لهذا المنتج فيضطر التجار إلى إجراء عكسي من خلال استيراد نفس السلع نتيجة عدم توافرها محليا.

وحقق قطاع الزراعة التركي أعلى صادرات له في الفترة من يناير/كانون الثاني من العام الحالي إلى فبراير/شباط الماضي في تاريخ الجمهورية بزيادة بنسبة 21.4 في المائة، وذلك بقيمة إجمالية بلغت 5 مليارات و351 مليون و378 ألف دولار، حيث وصلت مبيعات الصادرات من 6 قطاعات ضمن الزراعة إلى ذروة تاريخية في هذه الفترة، وفق بيانات جمعية المصدرين الأتراك.

وتمثلت تلك القطاعات في قطاع الحبوب والبقول والبذور الزيتية والمنتجات والفواكه والخضروات الطازجة والفواكه والخضروات والفواكه المجففة والمنتجات المائية والمنتجات الحيوانية والأثاث والورق ومنتجات الغابات.

الدعم وحجم الاستثمار

وفي شهر مارس/ آذار الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رفع ميزانية الدعم الزراعي من 25.8 مليار ليرة إلى 29 مليارا، ما يعادل نحو 1.95 مليار دولار.

وأوضح أن الحكومة تواصل العمل لتوفير خطوط إمداد بديلة للقطاع الغذائي في البلاد، منها كازاخستان والولايات المتحدة وكندا، بعد تأثرها بالحرب الروسية الأوكرانية.

وأكد الرئيس أردوغان على أهمية استغلال كل شبر من الأراضي الزراعية في تركيا، مشددًا على ضرورة زيادة الإنتاج الزراعي  في البلاد من أجل تغطية الطلب المحتمل في الأسواق الأوروبية.

ويُسهم القطاع الزراعي التركي في نمو الاقتصاد بشكل عام، حيث ساهم بنحو 50 مليار دولار أمريكي العام 2020، و تسعى الحكومة للنهوض بهذا القطاع والوصول به إلى 150 مليار دولار أمريكي خلال السنوات القليلة القادمة.


وتبلغ إجمالي الاستثمارات الدولية المباشرة القادمة إلى تركيا في قطاعات الزراعة والأغذية والمشروبات والصيد ومنتجات الغابات والثروة السمكية، 10 مليارات دولار أمريكي، ويوظف القطاع الزراعي في تركيا نحو 5.3 مليون عامل.

حلول ضرورية

وتعد تركيا من ضمن أكبر الدول المستوردة للقمح، فضلا عن كونها تستورد نحو 60 بالمائة من روسيا وأوكرانيا، وذلك في وقت أوقفت فيه أوكرانيا تصدير أغلب منتجاتها الغذائية.

استوردت تركيا خلال العام 2021 نحو 4.3 مليار دولار من روسيا و1.5 مليار دولار، حيث دفعت تركيا 2.5 مليار دولار مقابل استيراد 8.4 مليون طن من القمح في العام 2021، و تحتل واردات فول الصويا المرتبة الثانية بـ 2.5 مليون طن.

بينما جاء النقد الأجنبي المدفوع لواردات فول الصويا ما يقرب من 1.4 مليار دولار، وجاء في المرتبة الثالثة زيت دوار الشمس الخام باستيراد 897 ألف طن، ويبلغ سعر الصرف الأجنبي المدفوع مقابل زيت عباد الشمس الخام ما يقرب من 1.2 مليار دولار، ودفعت تركيا 342 مليون دولار عن استيراد مليون و 490 ألف طن نخالة عام 2021.

ووفق تلك المعطيات يمكن القول بأن تركيا هي إحدى الدول الأكثر تضررًا، حيث تحتل روسيا المرتبة الأولى وأوكرانيا في المرتبة الثانية في واردات تركيا من المنتجات الزراعية، خاصة في ظل الحرب القائمة في هذين البلدين وامتناعهم عن تصدير بعض منتجاتهم.

وبالتالي لكي تتجه تركيا إلى استيراد منتجاتها من دول أخرى فعليها أن تدفع المزيد من العملات الأجنبية مقابل الواردات بسبب ارتفاع الأسعار، نتيجة بعد المسافات التي تزيد من فاتورة المنتجات ما سيؤدي إلى مزيد من الضغط على العملة الوطنية.

لذا يرى الخبير الاقتصادي، إمره إربا، خلال حديثة لـ "نافذة اقتصادية"، أن الحل هو تقييم الإمكانات الزراعية لتركيا من حيث الإنتاج، والعمل على تنفيذ سياسة موجهة نحو الإنتاج من خلال التخلي عن سياسة الاستيراد، والسعى نحو مزيد من التخطيط الإنتاجي ودعم المدخلات الزراعية وبخاصة مدخلات الطاقة.

وتشهد تركيا حالة من الارتفاع الكبير في المدخلات الزراعية مثل الأسمدة والطاقة ما أدى إلى زيادة أسعار الأعلاف التي تسهم بشكل كبير في الثروة الحيوانية وبالتالي زادت أسعار اللحوم والألبان، ليدفع الأسواق المحلية إلى معدلات تضخمية غير مسبوقة.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) خلال مارس/ آذار 2022، إلى 61.14 في المائة على أساس سنوي، و5.46 في المائة على أساس شهري، وفق معهد الإحصاء التركي.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات