‪ الغزو الروسي لأوكرانيا يضع قطاع السياحة التركي في مأزق‬(تقرير)

في ظل الصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا، يعيش العالم واقع اقتصادي مضطرب ينعكس على جميع القطاعات من بينهم قطاع السياحة خاصة في الدول المحيطة بهذه الحرب وفي مقدمتهم تركيا التي يعد هذا القطاع بها حيوي للغاية.

حيث يوجد عوامل عدة تدعو للتشاؤم حول قطاع السياحة خلال الفترة القادمة، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميا ومعدلات التضخم غير المسبوقة بشكل عام، بسبب أزمة سلاسل التوريد، كذلك ارتفاع أسعار النفط التي تحوم حول الـ110 دولار للبرميل وأسعار الطاقة عموما، ما سيزيد من تكلفة رحلة الطيران.

تأتي جميع تلك العوامل لتؤثر على قطاع السياحة عالميًا، ولكن ستؤثر على قطاع السياحة في أنقرة التي يتوقع أن تنال نصيب كبير من الخسائر في هذا القطاع الذي يمثل نحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي التركي.

وذك نظرا لأن النسبة الأكبر من السياح الوافدين إلى تركيا هم من طرفي الصراع كل من موسكو وكييف، حيث يشكلان سويا نحو 27.3% من إجمالي السياحة الوافدة إلى البلاد، مما ينذر بخسائر كبيرة.

فالآن، مع تعثر الاقتصاد الروسي مع فرض الناتو والحلفاء الغربيين عقوبات تاريخية، من غير المرجح أن يتدفق السياح الروس بنفس الأعداد وبنفس الرغبة في الإنفاق كما كان الحال في السنوات الماضية.

يضاف إلى ذلك تراجع العملة الروسية من مستويات تحوم حول الـ80 أمام الدولار إلى 131 روبل أمام الدولار، أي تراجع بنحو 63% منذ بداية الحرب، سيسهم أيضا في تقلص عدد الروس القادرين على السفر إلى الخارج.

كما سيجد الروس صعوبة في استخدام بطاقات الائتمان المعترف بها عالميًا في الخارج عندما يتمكنون من السفر، بعد أن أعلنت شركات مثل Visa وMastercard وقف تعاملاتها بموسكو عبر وقف دعم البطاقات الصادرة عن البنوك الروسية، ما يعني أن ذلك سيدفع البعض منهم إلى تجنب السياحة الخارجية.

علاوة على ذلك، من غير المرجح أن يعطي الأوكرانيون الذين دمرتهم الحرب الأولوية لقضاء الإجازات هذا الصيف.

إحصائيات
ووفقًا لبيانات وزارة السياحة ، تعد روسيا أكبر مصدر للسياح في تركيا ، حيث شكل 4.7 مليون روسي 19٪ من إجمالي السياح في البلاد في عام 2021، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الثالثة بعد ألمانيا، حيث زار 2.3 مليون زائر بنسبة 8.3٪ من السياح الأجانب خلال العام الماضي.

وستؤدي تداعيات هذه الأزمة إلى تفاقم الضرر الذي خلفته جائحة كوفيد -19، الذي لم يتعافى منه قطاع السياحة بالكامل بعد.

ووفقًا لرئيس جمعية مديري الفنادق المحترفين في مدينة بودروم التركية ، سيردار كارجيلي أوغلو، فإنه خلال عام 2020 تراكمت ديون على قطاع السياحة بتركيا بنحو 8 مليارات ليرة تركية بسبب الوباء.

مشيرا إلى أن هذا القطاع انتعش مع زيادة السفر خلال عام 2021، إلا أنه لم يتعافى بعد بشكل كامل، ولكن تلك الحرب ستمنع الأمور من العودة إلى طبيعتها، "وقد نرى إغلاق لبعض الفنادق".

ويرى بعض ممثلو الصناعة إن السيناريو الأسوأ قد يشهد انخفاض عائدات السياحة من البلدين ما بين 5 مليارات و6 مليارات دولار في عام 2022.

وتشكل عائدات السياحة حوالي 5% من الاقتصاد التركي، والأهم من ذلك أنها تعني النقد والعملات الأجنبية لما تجلبه من إيرادات بالعملة الصعبة.

يأتي ذلك في وقت تهدف فيه الحكومة التركية هذا العام إلى رفع السياحة في البلاد إلى مستوى ما قبل الوباء وتحقيق إيرادات تزيد عن 34.5 مليار دولار.

ويرى الباحث الاقتصادي، إبراهيم الطاهر، أن تداعيات الغزو الروسي ممتدة إلى دول العالم وليس تركيا فقط، مشيرا إلى أن القطاع السياحي سيتأثر في أنقرة نتاج استحواذ الروس والأوكران على نسبة كبيرة من مجموع السياح الوافدين للبلاد بنحو قد تصل إلى 30%.

وأشار الطاهر، لـ"نافذة اقتصادية"، أن قطاع السياحة التركي يتطلب تقديم دعم كبير من الدولة إلى القطاع لمساعدته في تجاوز الأزمة الحالية، عبر تقديم قروض فورية بأسعار معقولة لشركات السياحة حتى يتمكن القطاع من التغلب على ديونه.

وأوضح، أن القطاع السياحي في تركيا يتمتع بالعديد من العوامل الجاذبة التي تمكنه من التعافي سريعا من الأزمة عقب الانتهاء من الحرب القائمة، مشيرا إلى أن تركيا تسعى إلى وقف تلك الحرب بأسرع وقت ممكن، عبر تقديم الوساطات والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات