فرص اقتصادية لتركيا محفوفة بالمخاطر (تقرير)

يسعى أصحاب الأموال الروس وبخاصة الأوليغارشية الروسية (رجال الأعمال في الجمهوريات السوفيتية السابقة الذين تربحوا علي الثروة بسرعة خلال عصر الخصخصة الروسية في أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي في التسعينيات) عن سوق جديد يستقبلهم و يستقبل أموالهم، وتعمل تركيا بسرعة على ترسيخ مكانتها كمضيف مرحب به.

حيث يعاني المستثمرين الروس وتحديدا الأوليغارشية الروسية، من فرض عقوبات غربية وأمريكية بهدف إثناء روسيا عن خطواتها في غزو أوكرانيا، ما يضيق الخناق على رجال الأعمال الروس أصحاب الشركات والأموال القابعة خارج روسيا.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، لقناة CNBC، إنه يرحب بحكام القلة الروسية المعاقبين في البلاد كسياح ومستثمرين على حد سواء، طالما أن تعاملاتهم التجارية تلتزم بالقانون الدولي.

ليعقب ذلك إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان أن "بعض مجموعات رأس المال" يمكنها "وضع منشآتها معنا"، في ما كان يُنظر إليه على أنه إشارة مباشرة إلى وصول العديد من الأصول الفاخرة المملوكة لروسيا في تركيا مؤخرًا، بما في ذلك اثنتين من الأصول الفاخرة من يخوت وطائرة خاصة تعود للملياردير الروسي رومان أبراموفيتش.

فمع فرض عقوبات على أبراموفيتش من قبل كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وجدت يخوته ملاذًا في تركيا، التي ترفض فرض عقوبات على الروس، كما شوهد أيضًا يخت رئيس الوزراء الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، قبالة سواحل مارماريس التركية.

وأثارت تلك التصريحات التركية تكهنات بأن تركيا، التي تعد دولة غير تابعة للاتحاد الأوروبي ولكنها عضو في الناتو، ربما تشجع بنشاط الاستثمار من المليارديرات المدرجين في القائمة السوداء حيث تسعى إلى تعزيز اقتصادها، فيما أكدت تقارير لوكالة رويترز أن الأثرياء الروس يسعون بشكل حثيث إلى الاستثمار في أنقرة.

إلا أن بعض الخبراء الأوروبين، مثل دفني أرسلان، كبيرة المديرين في المجلس الأطلسي في تركيا والاقتصادي السابق في السفارة الأمريكية في أنقرة،  يرون أن أي مكاسب محتملة قد تكون قصيرة النظر بالنسبة لبلد ينسق عملية توازن دقيقة بين روسيا والغرب، وأن إن جذب الأموال الروسية قد يضر بتركيا على المدى الطويل.

وتسعى تركيا إلى السير على خط رفيع في الحرب الدائرة في أوكرانيا، فعلى الرغم من  استنكار أنكرة بشدة لغزو موسكو لأوركرانيا، لم تصل رد فعل الأتراك إلى حد تنفيذ عقوبات مثل تلك التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول أخرى.

وتبنت تركيا دور الوسيط المحايد، الذي يسهل محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث تثير المفاوضات التي تديرها أنقرة الآمال في تحقيق انفراجة بعد أن وافقت موسكو على وقف هجومها العسكري على كييف وتشيرنيهيف.

ويأتي موقف تركيا من الحياد إلى حد كبير نظرا لعلاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية الوثيقة مع روسيا، لا سيما فيما يتعلق بالطاقة والدفاع والتجارة والسياحة، لذا يتفهم الحلفاء الغربيون موقف تركيا من عدم الانضمام إلى العقوبات الغربية.

وتمنح تلك المعطيات تركيا موقعًا شرعيًا للأصول المملوكة لروس الخاضعين للعقوبات، ما يمكن أن يوفر تدفق الاستثمارات الأجنبية والأصول الفاخرة نعمة للاقتصاد التركي الذي يعاني بسبب تلك الحرب وارتفاع التضخم المتصاعد بالفعل.

إلا أن فتح المجالات أمام أموال الروس من المرجح أن يثير حفيظة الغرب، خاصة إذا بدأت تركيا في استقبال الثروة الخاضعة للعقوبات بشكل مباشر، إلا أن أنقرة تدرك للغاية تداعيات تحول تركيا إلى أرضية لخرق العقوبات، لذا ستكون حريصة على منع ذلك.

فبالكاد يمكن لتركيا أن تتحمل التعرض لعقوبات ثانوية بالنظر إلى الضغط الذي فرضته الحرب والعقوبات الروسية على اقتصادها بالفعل، ففي الشهر الماضي قفز التضخم إلى مستوى قياسي عند 61.14% وسط تراجع سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

فرص أخرى

من جهة أخرى، هناك فرص لتركيا لدعم اقتصادها والاستفادة من حركة خروج الثروة من روسيا دون إثارة الغضب السياسي والاقتصادي، كجذب استثمارات من بعض العلامات التجارية الغربية البالغ عددها 750 التي أوقفت عملها حتى الآن في روسيا، خاصة في ظل أوجه التشابه بين الجغرافيا الروسية والتركية وخطوط الإنتاج وغيرها من العوامل.

وقال أردوغان، في أحد اللقاءات الصحفية، إن "باب تركيا مفتوح" أمام الشركات التي تتطلع إلى نقل أعمالها إلى خارج روسيا، مضيفا "ليس فقط الشركات الأمريكية، ولكن أيضًا العديد من العلامات التجارية والمجموعات من جميع أنحاء العالم تغادر روسيا. بالطبع بابنا مفتوح لمن يأتون إلى بلادنا".

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات