كورونا.. هل عجزت تونس عن مواجهة الأزمة؟ (تقرير)

كورونا.. هل عجزت تونس عن مواجهة الأزمة؟ (تقرير)

- تشهد تونس تدهورا صحيا جراء الموجة الثالثة من تفشي جائحة كورونا - التدهور يتزامن مع استمرار عملية التطعيم ضد الفيروس، لكن بشكل بطيء ** الطبيب النائب التونسي السابق، الصحبي بن فرج: - السلطات لم تشدد الإجراءات أو تفرض حظرا شاملا عندما تجاوز عدد الوفيات 9 آلاف ** الأخصائية في علم المناعة، سمر صمود: - فتح الحدود يونيو الماضي وعدم فرض حجر صحي على القادمين، ساهم في تدهور الوضع

يزداد الوضع الصحي في تونس صعوبة يوما بعد آخر، مع تزايد معدلات الإصابة بفيروس كورونا، التي فاقت 300 ألف، وتفاوت خطورة السلالات الجديدة المتحورة وسرعة انتشارها.

الفيروس التاجي بات يحصد يوميا عشرات الأرواح، ما ينذر بخطورة الوضع في وقت يتزامن مع عمليات تلقيح تسير ببطء وسط تحذيرات يطلقها مختصون بشأن المنظومة الصحية التي تنهار يوميًا.

الأمر الذي أجبر السلطات على فرض حجر صحي شامل طيلة أسبوع، بداية من 9 مايو/أيار الجاري، حيث يشمل عطلة العيد، في محاولة للحد من انتشار الفيروس.

في ذات الوقت، يلاحظ أن عملية التطعيم ضد كورونا تجري بنسق بطيء إذ لم يتجاوز عدد المتلقين للقاح حتى 7 مايو الجاري، 478 ألفا و568 شخصًا.

رئيس الحكومة هشام المشيشي، أكد أن بلاده تواجه اليوم أكبر أزمة صحية في تاريخها، مردفًا: "التونسيون لم ينخرطوا بالشكل المطلوب في جهود الدولة من أجل التصدي للفيروس".

كما اعتبر المشيشي، أن المنظومة الصحية على وشك الانهيار بفعل تزايد حصيلة الإصابات بالفيروس.

وشدد أن المسألة تخطت التعاطي مع الإحصائيات المتواترة حول الوضع الوبائي في تونس، لتتجاوزه إلى معطيات اجتماعية وإنسانية تلخص معاناة المرضى والكوادر الطبية على حد سواء.

ولفت إلى أن الوضع الوبائي أماط اللثام عن قصص معاناة بلغت حد اضمحلال عائلات بأكملها وإيواء عائلات أخرى في أقسام الانعاش.

ووفق آخر حصيلة رسمية، بلغت إصابات كورونا في تونس 318 ألفا و236، منها 11 ألفا و277 وفاة، و274 ألفا و270 حالة تعاف.

** سياسات خاطئة

وفي حديث للأناضول، أشار الطبيب، الصحبي بن فرج، لاتخاذ إجراءات خارج الإطار الزمني ما أحدث خللا زمنيا في مسألة التعاطي مع الوباء، منذ بداية تفشيه في مارس/آذار 2020.

وأضاف: "حينها اتخذت إجراءات مبالغ فيها في وقت لم يكن هناك داع لاتخاذها على غرار حجر صحي شامل، في حين لم يتم فرض حجر صحي شامل عندما وصلت الأرقام إلى أعلى المستويات".

وأردف: "لما وصلنا إلى 9 آلاف وفاة خلال الموجة الثانية من تفشي كورونا، لم تفرض السلطات حجرا شاملا ولم تكن إجراءاتها متشددة لتجنب السيناريوهات الأسوأ بل كانت شكلية".

وتابع: "نحن اليوم في الموجة الثالثة ومثلما شهدته أغلب دول العالم فإن هذه الموجة شهدت ارتفاعا متزايدا في أعداد الوفيات".

وتوقع "بن فرج"، وهو نائب السابق بالبرلمان، أن تخرج تونس من الموجة الثالثة لتفشي كورونا، بـ 2000 أو 3000 وفاة.

وحمّل الحكومة المسؤولية "لأنها فشلت في الحصول على اللقاحات وأرست استراتيجية كارثية في تطعيم المواطنين"، وتابع: "نسبة المُطعمين لم تتجاوز 1 بالمئة من المعنيين، وهو مستوى متدنٍ للغاية".

واعتبر أن "الأحزاب التونسية تعاملت مع الأزمة منذ بدايتها وكأنها في وضع عادي ورشحت أشخاصا عاديين وليسوا من أصحاب الكفاءات العالية على رأس مسؤوليات دون التفكير في المصلحة العامة".

بدورها، أفادت سمر صمود، الأخصائية في علم المناعة والمستشارة السابقة بوزارة الصحة، أن فتح الحدود في يونيو/حزيران الماضي، بعد تسجيل صفر حالات إصابة، وعدم إجبار الوافدين من الخارج على الحجر الصحي، ساهم فيما تمر به البلاد اليوم من تدهور صحي.

وذكرت الأخصائية للأناضول، أن هناك عدة إجراءات اتخذت في التوقيت الخاطئ، من قبل السلطات التونسية.

وبلغ إجمالي المطعمين ضد كورونا، 478 ألفا و755، منهم 137 ألفا و776 تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح، وفق وزارة الصحة التونسية‎.

** تسريع التطعيم ضرورة

كما ذكر بن فرج قائلا: "ما نعيشه اليوم معجزة، فرغم عدم وجود كميات أكسجين كافية وبطء عملية التلقيح، لا وجود لأشخاص تموت أمام المستشفيات".

وأضاف: "كان من الأجدر تطوير النظام الصحي عبر تزويد المستشفيات بأجهزة تنفس وأكسجين".

وأردف: "في حال أردنا تفادي موجة رابعة فإنه من الضروري اليوم جلب كميات هائلة من اللقاحات والشروع في تطعيم المواطنين".

هذا الأمر، أكدت عليه الأخصائية صمود، معتبرةً أن الوضع الصحي يتسم بانتشار متزايد للفيروس بشكل سريع.

وأعادت ذلك إلى سببين أولهما عدم احترام المواطنين للإجراءات الصحية، فضلا عن بطء عملية التلقيح وهو ما يولد خوفا.

واستطردت: "يجب العمل على إضعاف انتشار الفيروس والحد منه، ومن جهة أخرى العمل على التسريع بتطعيم أكبر عدد ممكن من الأشخاص".

وأوضحت أن "هناك عاملا آخر أوصل تونس إلى هذا الوضع الصعب، يتمثل في ضرورة معرفة مدة تواصل الحالة الوبائية، حيث أن معرفة ذلك لا يتم إلا برفع عدد الاختبارات الكاشفة عن الفيروس".

ولفتت إلى أن "عدد التحاليل المجراة يوميا يتراوح بين 8 و10 آلاف، وهو رقم ضئيل لا يمكن عبره معرفة مدى تواصل خطورة الوضع عما هو عليه على المدى المتوسط".

وتابعت أن "هذا العامل مهم علميا وسيمكن بدوره من معرفة نسبة ومعدل سرعة انتشار العدوى، وهو ما لم نتمكن بعد من القيام به".

وأكدت أن "الوضع الصحي صعب وضبابي، خاصة مع سرعة انتشار الفيروس بسلالاته المتحورة وبطء عملية التلقيح وبالتالي فإن كل المؤشرات تنبئ بالخطر".

وشددت أن التسريع في تطعيم المواطنين ضد الفيروس هو السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع الصعب.

واستدركت: "ينبغي على السلطات، التكثيف من اقتناء اللقاحات ومحاولة تطعيم نسبة هامة من الأشخاص في وقت قصير لتجاوز الأزمة الصحية".

ولفتت أن "تطبيق سياسة تلقيح موسعة سيتطلب أولا تكثيف العمل الدبلوماسي للحصول على اللقاحات".

واستطردت: "ومن ثمة المرور إلى سياسة تواصلية جيدة لإقناع الناس بالإقبال على عملية التلقيح خاصة وسط عزوف أعداد كبيرة منهم وخوفهم من تلقي التلقيح".

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات