بين الحاجة والعقوبات.. محروقات إيران تقترب من لبنان (تقرير)

تتجه أنظار اللبنانيين إلى سفينة تحمل الوقود الإيراني لهم، لكن إلى جانب الحاجة الملحة إليه، فإن تلك السفينة قد تحمل معها أيضاً تبعات سياسية لا يحتملها لبنان، في ظل تراكم الأزمات محليا.

كان أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله أعلن، الخميس، انطلاق سفينة تحمل الوقود من إيران إلى لبنان، كما وعد بمزيد من السفن المشابهة، في محاولة لحلّ أزمة شُح الوقود التي تضرب لبنان منذ فترة.

وقبيل إعلانه الأخير، تحدث نصرالله مراراً عن عقوبات أمريكية وحصار خارجي على لبنان، إلى جانب الأزمة الداخلية وفشل معالجتها.

يرجح خبراء، أن يستغرق وصول تلك السفينة سواء الى السواحل اللبنانية او السورية ما بين 8 إلى 12 يوماً، في حال سلكت خط قناة السويس، وإلى 40 يوما إن اتخذت قسرا طريق رأس الرجاء الصالح جنوب إفريقيا ومنها إلى مضيق جبل طارق.

التبعات السياسية لتلك السفينة، كانت بوادرها بدأت بتعليق لرئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري ثم لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فيما لم يصدر أي تعليق بعد لرئيس البلاد ميشال عون حول الأمر.

واعتبر الحريري أن سفن الدعم الإيرانية، ستحمل معها إلى اللبنانيين، مخاطر وعقوبات، كما اتهم طهران بأنها تعطل تأليف الحكومة بهذه الخطوة.

أما جعجع، فأشار الى أن ما يقوم به "حزب الله" غير قانوني دولياً ويعرض لبنان لكارثة حقيقية، متخوفاً من مصادرة القرار الاقتصادي للبلاد من قبل الحزب، بعدما كان صادر سابقاً القرار العسكري والأمني.

** تهويل سياسي

تلك التخوفات والتحذيرات من قبل خصوم "حزب الله"، يضعها المؤيدون لإدخال الوقود الإيراني إلى لبنان، في خانة "التهويل السياسي".

يقول الباحث في الشؤون الإقليمية طلال عتريسي، إن الحديث عن إدخال لبنان في صراع محاور بسبب هذه السفينة هو غير واقعي، إنما تهويل سياسي، في وقت أن اللبنانيين يبحثون عن أبسط مقومات الحياة.

ويضيف عتريسي للأناضول، أن القوى السياسية في لبنان هي في الأساس جزء من المحاور في المنطقة، جزء منها مع المحور السعودي الأمريكي، وجزء آخر مع محور إيران، وبالتالي الانقسام حول القضايا ليس بأمر جديد.

** العقوبات والمعاناة الحالية

"لذلك، فإن كل التحذيرات من المساعدة النفطية من إيران هي غير واقعية، وإن أية عقوبات أمريكية ستفرض بسبب السفينة على لبنان سواء على أفراد أم شركات، لن تكون أصعب من المعاناة التي يعيشها اللبنانيون حالياً"، وفق المتحدث.

وعلى إثر أزمة اقتصادية حادة، تدهورت الأوضاع المعيشية في لبنان مؤخراً بعد خفض مصرف لبنان المركزي والحكومة دعم استيراد المحروقات والأدوية، بعدما تراجع احتياطي العملات الأجنبية لديه إلى مستويات متدنية.

وتسبب شح الوقود في عرقلة خدمات بعض المستشفيات الخاصة فضلاً عن إقفال عدد من المخابز والأفران أبوابها وتوقفها عن إنتاج الخبز، إلى جانب انقطاع الكهرباء عن منازل المواطنين لساعات طويلة.

في المقابل، يقول خصوم "حزب الله" السياسيين بأن السبب الأساسي لأزمة الوقود في لبنان، هي عمليات تهريب تلك المواد من لبنان إلى سوريا، ويتهمون الحزب بأنه كان يُسهّل تلك العمليات في الفترة السابقة.

وبعد ساعات قليلة من خطاب نصر الله، أبلغت السفيرة الأمريكية دورثي شيا، الرئيس عون، قرار واشنطن بمساعدة لبنان للحصول على الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وتسهيل نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.

** لبنان ساحة تنافس

لكن الكاتب والمحلل السياسي منير ربيع، لا يوافق على اعتبار أن خطوة واشنطن تجاه لبنان من خلال تسهيل وصول الغاز المصري، جاءت كردة فعل على الخطوة الإيرانية.

ويضيف ربيع أن واشنطن انتظرت "حزب الله" وإيران يخطوان خطوتهما، قبل أن تعلن عن إمكانية وصول الغاز المصري إلى لبنان، وهذا ما سيدخل البلاد في صراع بين وجهتين، إسرائيلية وإيرانية.

ويشرح ربيع للأناضول أن الغاز المصري الذي سيصل إلى لبنان، مربوط بشكل مباشر بالغاز الإسرائيلي، لأن انابيب الغاز مشتركة.

وهنا السؤال، هل إن دمشق ستوافق على هذا الأمر وتدخل في تطبيع غير مباشر مع إسرائيل أم لا؟ حسب ربيع.

ولفت أن كل كذلك، يعني تحويل لبنان إلى ساحة تنافس بين واشنطن وطهران، بانتظار الوصول الى توافقات إقليمية ودولية.

** السفينة تُثقل مهمة ميقاتي

واعتبر ربيع أن دخول السفينة الإيرانية، قد لا يكون لها تأثير مباشر على عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، لكنها قد تؤثر على صعيد مهمة ميقاتي وعلاقته مع الأمريكيين والفرنسيين.

ولفت الى أن السفينة الإيرانية قد تثقل مهمة ميقاتي، الذي يراهن على دعم واشنطن، وقد تدفعه هذه التطورات الى جعله متردداً في تقديم التنازلات لصالح الرئيس ميشال عون (حليف حزب الله).

وفي 26 يوليو/ تموز الماضي، كُلف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020، ومنذ ذلك الحين يعجز لبنان عن تشكيل حكومته.

** عقوبات أمريكية

يقول الأستاذ في القانون الدولي بول مرقص، إن استيراد الوقود من إيران بدون الحصول على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الامريكية، قد يضع البلاد تحت خطر عقوباتها، سواء ضد أفراد أو مؤسسات.

ولفت مرقص للأناضول الى إن السلطات الأمريكية تفرض منذ 2018 عقوبات على كل من يقدم على الدخول بصفقات مع شركات النفط الإيرانية سواء في سبيل شراء أو حيازة أو بيع أو نقل أو تسويق.

إلا أن عملية الاستيراد يمكن أن تتمّ من دون أية عواقب، إذا حصل لبنان على إعفاء خاص من هذه العقوبات وذلك عبر تقديم الدولة اللبنانية طلب إعفاء أو استثناء من قبل وزارة الخزينة الأميركية.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات