الفصائل بغزة تُصعّد الفعاليات الشعبية لتخفيف الحصار

يرى محللون سياسيون أن "الفعاليات الشعبية"، التي عادت الفصائل الفلسطينية لتنظيمها قرب السياج الحدودي مع إسرائيل، تُشكّل أداة ضغط على الأخيرة، لتخفيف ورفع حصارها المفروض منذ 15 عاما على قطاع غزة.

واستبعد المحللون، في حوارات منفصلة مع وكالة الأناضول، أن تقود الفعاليات الشعبية التي يتم تنظيمها داخل حدود القطاع، إلى "تصعيد عسكري بغزة"، لكنّهم قالوا إنها تُشكّل "مصدر إزعاج لإسرائيل وضغط من أجل تحقيق المطالب".

والسبت، نظّمت الفصائل مهرجانا شعبيا، انطلقت عقبه مسيرة قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة، اعترضتها إسرائيل بإطلاق النيران ما أسفر عن إصابة 41 فلسطينيا، بينهم 22 طفلا.

كما أُصيب قناص إسرائيلي بجراح خطيرة، في ذات الحدث، بعد أن أطلق فلسطيني مجهول، النار عليه من مسدس.

ومن المقرر تنظيم، مهرجان شعبي ومسيرة، غدا الأربعاء، قرب الحدود الشرقية لمدينة خانيونس جنوبي القطاع.

كما تقول إسرائيل، إن الفلسطينيين عادوا خلال الفترة الماضية، لإطلاق "بالونات حارقة" من القطاع، تتسبب في إشعال حرائق في المناطق المحاذية للشريط الحدودي.

وردا على إطلاق البالونات، شنت إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، 4 غارات على مواقع في قطاع غزة، بحسب بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي.

** القدس والحصار

يقول داود شهاب، القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، إن الفعاليات الشعبية تحمل رسالتين واضحتين، الأولى، أن "القدس ستبقى أهم أولويات الشعب الفلسطيني وأن المقاومة لن يشغلها شاغل عن الدفاع عن القدس وحمايتها".

وتابع في حديثه للأناضول: "الرسالة الثانية أن الحصار على غزة لن يكون قدراً عليها، وبالتالي فإن الفصائل ستفتح كل الخيارات الممكنة من أجل انهاء الحصار، ولن تسمح بأن يعاقب الشعب الفلسطيني بالحصار وبالعدوان".

وبيّن شهاب أن كافة الخطوات والفعاليات يتم "اتخاذها بالتشاور والتنسيق بين كل الفصائل الذين هم في حالة انعقاد ومتابعة وتعمل وفق خطة متدرجة".

وعن إطلاق البالونات الحارقة باتجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، قال شهاب: "إنها من وسائل العمل الشعبي، التي يستخدمها الشباب الفلسطيني الغاضب على الحصار وعلى البطالة، وكل أشكال المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون جراء الحصار".

وأشار أن الفصائل توافقت على "خطوات شعبية من أجل الضغط على الاحتلال"، لكنّه قال إن "التفاصيل الميدانية متروكة للشباب الثائر الذي يتصرف تحت غطاء الدعم الفصائلي والسياسي الذي يلقاه".

وحول آلية مواجهة القمع الإسرائيلي لهذه الفعاليات، قال شهاب إن "هناك حالة من التوافق على حق المقاومة في الرد على أي عدوان، والأوضاع الميدانية تخضع لتقييم وتشاور بين الفصائل لتحديد آلية التعامل معها".

** الضغط على إسرائيل

بدوره، يقول المحلل السياسي طلال عوكل، إن الهدف من تصعيد الفعاليات الشعبية هو "الضغط على الوسطاء، وإلزام إسرائيل للتعامل بشكل أكثر إيجابية مع الملفات المطروحة على طاولة التفاوض غير المباشرة (مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار بغزة التي انطلقت عقب عدوان مايو/ أيار الماضي)".

وأضاف، في حديث للأناضول، إن الفصائل تسعى للضغط لتحقيق تطور إيجابي فيما يتعلق بـ"المنحة القطرية، وإعادة إعمار قطاع غزة".

وكانت حركة حماس، وإسرائيل توصلتا عام 2018، بوساطة أممية ومصرية وقطرية لاتفاق، ينص على تخفيف الحصار، والسماح للدوحة، بتقديم دعم مالي لسكان القطاع، مقابل وقف المسيرات التي تُنظم قرب الحدود.

وأوقفت الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة نفتالي بينيت، التي تشكلت في يونيو/حزيران الماضي، إدخال الأموال القطرية للقطاع، مطالبة بإيجاد آلية جديدة.

وعدّ تصعيد تلك الفعاليات بـ"رسالة عدم الرضا، التي تبعثها الفصائل، تعبيرا عن موقفها مما تم تحقيقه، لكن دون استخدام الصواريخ".

** استبعاد التصعيد

ويعتقد عوكل أن الرد الإسرائيلي على الفعاليات الشعبية، سيما التي تنطلق داخل حدود قطاع غزة، لن تستدعي ردود فعل قوية تؤدي لتفجّر الأوضاع الميدانية.

وقال إن هذه الفعاليات "هي رسائل احتجاج لكن بوسائل عادية، ومهرجانات، وفقرات إنشادية".

وعن الوسائل الخشنة التي يستخدمها المتظاهرون قرب الحدود، ويطلق عليها مسمى "أعمال فردية"، كإطلاق البالونات الحارقة، والاقتراب من الشريط الحدودي ورشق القوات الإسرائيلية بالحجارة، قال عوكل إن "أي عمل عنيف يصدر من غزة، سواء كان فردي أو موجّه (من خلال فصائل)، يوضع على طاولة الحسابات الإسرائيلية، ويخضع لتقديرات سياسية وعسكرية".

** تكلفة كبيرة

من جانبه، يرى مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، أن هذه الفعاليات تشكل أداة ضغط على إسرائيل.

لكنه يعتبر أنها "قد تكون ضعيفة التأثير، مقارنة بتكلفتها الكبيرة التي يدفعها غالبا الشباب المتظاهرين جراء قمع الاحتلال وتعمده إطلاق النيران صوبهم".

وأوضح أن غياب الموقف الفلسطيني الموحّد "يؤثر على فعالية المقاومة الشعبية وجدواها".

وشكك إبراهيم في جدوى "هذه الفعاليات الشعبية في رفع الحصار عن غزة أو تخفيفه، خاصة وأن هذه التجربة مُكررة (انطلقت في المرة الأولى على شكل مسيرات العودة وكسر الحصار)".

وطالب إبراهيم بالتفكير في "أدوات خلّاقة، يجمع عليها الكل الفلسطيني، من شأنها أن تساهم في تحقيق الضغط المناسب ورفع الحصار".

** محاولة جديدة

بدوره، يقول المحلل السياسي أسامة محمد، إن الأوضاع السياسية والأمنية عقب العدوان الأخير على القطاع، "أفرزت واقعا أكثر صعوبة مما كان عليه الأمر في السابق، في ظل تغيّر الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وقيادتها من قبل زعيم يميني متطرف (نفتالي بينيت)".

وتابع في حديث للأناضول "كما أفرز هذا الواقع، حالة ضبابية أمنية، يسعى جيش الاحتلال لاستثمارها للضغط على حركة حماس، وذلك بتوافقه مع المستوى السياسي، في محاولة للتراجع عن مسار التفاهمات، والعودة إلى ما قبل 2018 (الاتفاق برعاية أممية ومصرية وقطرية)".

وفي إطار ذلك، أوضح محمد أن إسرائيل "ترفض عودة المنحة القطرية الخاصة بالعائلات الفقيرة بغزة، بنفس الآلية السابقة، كما فرضت تشديدات جديدة على عمل معبر كرم أبو سالم التجاري".

وذكر أن الفصائل الفلسطينية، بحسب محمد "استشعرت خطورة السلوك الإسرائيلي وانعكاساته السلبية على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بغزة".

وأشار إلى أن الفصائل، ورغم الدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، إلا أنها ذهبت "مُضطرة لسياسة الضغط الشعبي، على إسرائيل، في ظل انعدام الأفق السياسي الداخلي والخارجي، وجمود مسار التفاهمات التي تقودها وساطات".

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات