"البحر" خيارهم الأخير.. لبنانيون يعانون نقص المياه

دخلت أزمة نقص مياه الشرب إلى رزمة ضغوطات يعانيها لبنان منذ قرابة عامين، فيما يجري بحث تشكيل حكومة جديدة، قادرة على إدارة ملف أزمات متنوعة تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالقضايا الثانوية.

وعانت منطق واسعة في البلاد مؤخرا نقص مياه للشرب في المنشآت السكنية والتجارية، نتيجة ضعف إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل المضخات.

ولأن الوقود المخصص لتوليد الطاقة شبه مفقود، بدأ شح المياه يطرق أبواب اللبنانيين الغارقين بأزمات معيشية غير مسبوقة.

ومنذ نحو عامين، يشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، ويعاني منذ أشهر شحا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، لعجز المصرف المركزي عن توفير النقد الأجنبي اللازم لعمليات الاستيراد.

هذا الواقع دفع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" للتحذير، السبت الماضي، من احتمال تعرض أكثر من أربعة ملايين شخص (ثلثي عدد السكان) في لبنان لنقص حاد في المياه، ما يعرض أرواحهم للخطر.

** البحر للاستحمام

البحر، هو أحد الخيارات التي لجأ إليها مواطنون للوصول إلى المياه والاستحمام، هذا ما يقوله المواطن "سنجر" (ستيني) أحد سكان العاصمة بيروت، الذي يعاني انقطاع المياه عن منزله مثل كثير من سكان العاصمة.

يقول في حديثه للأناضول، إنه اعتاد الأزمات في لبنان على مر العقود، لكن هذه المرة الوضع أصعب بكثير بسبب فقدان الوقود وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة.

وأضاف: "قد نلجأ إلى التيمم بدلا من الوضوء"، شاكياً بأن "المسؤولين لا يسألون عن المواطنين".

أما المواطن ربيع كجك، فيقول للأناضول، إن المياه التي تؤمنها الدولة إلى مدينة بيروت شبه مقطوعة كليا، مضيفا "كيف يمكن العيش بهكذا ظروف؟.. قالوا إن المياه حياة، لكنها غير متوفرة لدينا".

وما زاد الطين بلة، أن صهاريج المياه الخاصة التي توصل المياه إلى خزانات المواطنين، لم تعد تلبي حاجات الناس كما كانت من قبل، وتتأخر عن موعدها، "وبدأنا نشعر بأنها تعاني نقصاً في المياه"، حسب المتحدث.

كما شكا كجك استغلال الأوضاع من قبل شركات المياه الخاصة، حيث ارتفع سعر المياه سعة خزان واحد (متر مربع) من 25 ألفا إلى أكثر من 100 ألف ليرة (16.5 ـ 66.2 دولارا وفق السعر الرسمي).

ولسد النقص في مياه الدولة، يلجأ اللبنانيون منذ سنوات إلى شراء المياه من صهاريج خاصة متنقلة، إلا أن أصحاب تلك الصهاريج يشكون مؤخراً عدم توفر المحروقات (بنزين ومازوت) لتشغيل آلياتهم والتنقل بها.

ورغم ارتفاع أسعار عبوات مياه الشرب التي تباع في المحلات والمتاجر بنحو 8 أضعاف عما كانت عليه قبل عامين، إلا أن معظمها بدأ يشهد نقصاً في الكميات بسبب انخفاض الإنتاج مقابل ازدياد الطلب.

** تداعيات على الصحة والغذاء

وقال سامي علوية مدير المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، التابعة لوزارة الطاقة والمياه، إن هناك شبه انهيار في مؤسسات المياة، محذراً من تداعيات خطيرة إنسانيا وغذائيا وصحيا.

وشرح علوية، للأناضول، أن هذا الواقع سببه الأزمة الاقتصادية من جهة، وسوء الإدارة المزمن لقطاع المياه من جهة أخرى، فضلاً عن توقف الجهات المانحة والمنظمات الدولية عن تقديم الدعم لهذا القطاع.

وأشار إلى أن الأزمة تمتد على 3 مستويات، الأول عجز مؤسسات المياه الرسمية عن ضخ المياه إلى المنازل، والثاني تعثر موزعي الصهاريج الخاصة في تأمين المياه البديلة، والثالث شح مياه الشرب، وهو الأخطر.

وأضاف: "أبعاد هذه الأزمة خطيرة جداً على المستوى الإنساني والأمن الغذائي والأمن الصحي، وتهدد حياة اللبنانيين، ومئات آلاف اللاجئين السوريين".

أما سبل المعالجة، فإن ذلك يحتاج إلى تأمين فوري لإمدادات الوقود وتشغيل محطات الضخ، لكن علوية أشار في الوقت عينه إلى مخالفات وتعديات بحق مصادر وشبكات المياه، في ظل عدم تطبيق القوانين التي تحميها.

ويشكل عدد اللاجئين من مختلف الجنسيات في لبنان نحو 40 بالمئة من سكان البلاد، معظمهم سوريون وفلسطينيون.

** الري والصرف الصحي

وحذر علوية من أن أزمة المياه ستطول ري المزروعات وتهدد الأمن الغذائي، مشيرا إلى أنه في ظل شحها سيلجأ المزارعون إلى الأنهار الملوثة بالمياه الآسنة، ما يهدد الأمن الغذائي والصحي في البلاد.

كما توقع المسؤول اللبناني أن تنهار المنظومات المخصصة لمعالجة وتكرير مياه الصرف الصحي، خلال أسابيع قليلة بسبب نقص الطاقة والصيانة وتوقفها عن التشغيل.

ومنذ عقود، يعاني نهر الليطاني الأطول والأكبر في لبنان (طوله 170 كلم) من تلوث حاد بمياه الصرف الصحي والصناعي، ما أفقده دوره كشريان حياة أساسي في البلاد لتأمين مياه الشرب والري وتوليد الكهرباء.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات