خليج الدوحة.. "محامل" الأجداد تبحر بالأحفاد عبر التاريخ‎ (تقرير)

على ضفاف خليج الدوحة، تتوافد عائلات وأطفال قطريون لركوب سفن خشبية تقليدية ذات أشرعة، ليستمتعوا بتراث أجدادهم مع البحر، ضمن فعالية تراثية سنوية.

وانطلقت بالعاصمة القطرية، الثلاثاء، النسخة العاشرة من "مهرجان كتارا للمحامل التقليدية"، وتستمر حتى السبت، بتنظيم من "المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا" (حكومية).

وللتغلب على ظروف جائحة كورونا، اعتمدت الجهة المنظمة على التسجيل والحجز الإلكتروني المسبق، لضمان سلامة المشاركين، ومنع الزحام.

وعلى مدار العام، تنظم "كتارا" فعاليات ثقافية وفنية عديدة في قطر.

وضمن المهرجان، يرسو على ضفاف شاطئ "كتارا" عدد كبير من "المحامل" (السفن) الخشبية التقليدية، وهي نسخة من السفن التي استخدمها الأجداد في الخليج، خلال رحلاتهم للبحث عن اللؤلؤ والصيد.

وتصنع هذه السفن الراسية ومحتويات المعرض لوحة فنية واقعية لثقافة أهل البحر في قطر ومنطقة الخليج قديما.

ويضم المهرجان أنشطة وفعاليات فنية وثقافية ومسابقات وعروضا بحرية تراثية، إضافة إلى ورش للأطفال وأخرى لحرفيين ترتبط أعمالهم بالبحر.

وتشارك في المهرجان دول خليجية، منها الكويت، وسلطنة عمان والعراق، إضافة إلى زنجبار.

ويبرز المهرجان ثراء الموروث الفني والثقافي، الذي تشتهر به الدول المشاركة.

** موروث قديم

يقول المدير العام لـ"كتارا" خالد السليطي، للأناضول، إن "المهرجان تبوأ مكانة كبيرة منذ الأيام الأولى له كواجهة بارزة للثقافة والتراث، ويعزز دوره في تعريف الجمهور على تراث قطر البحري، والتعريف به محليًا وعربيًا وعالميًا".

ويشدد على "أهمية المهرجان التراثي السنوي، حيث يُقدم الموروث الشعبي للجمهور بصورة حية، عبر فعاليات مميزة تسهم في نشر الوعي الثقافي والتراثي لجميع الفئات".

ويتابع: "المهرجان يعكس للأجيال المعاصرة لوحة بهية عن علاقة الآباء والأجداد بالبحر وأهميته في حياتهم، الأمر الذي يجعلهم يتمسكون بتراثهم الأصيل ويحافظون عليه".

ويردف السليطي: "مهرجان المحامل التقليدية يهدف إلى استعادة المخزون الثقافي، وإحياء الموروث الشعبي والمحافظة عليه".

ويفيد بأن "الفعاليات تشتمل على معارض المقتنيات التراثية البحرية للدول المشاركة، والأجنحة الخاصة للحرف اليدوية التقليدية، وورش صناعة السفن والمشغولات البحرية القديمة".

ويشدد على أن "المحامل التقليدية من أهم المهرجانات المتخصصة في المجال البحري على مستوى الشرق الأوسط، وأصبح علامة فارقة في هذا الأمر".

** محاكاة للحياة البحرية

في أنحاء المعرض ينتشر بحارة قدماء يمارسون كافة المهن المتعلقة بالسفن والبحر، ومنها صناعة المحامل وشباك الصيد والملاقي، في استعراض للحرف البحرية التقليدية.

يقوم حرفيون مهرة بصناعة وعرض منتجاتهم المتنوعة التقليدية، مثل صناعة الشراع والدقل (الخشبة التي يمد عليها الشراع) وغزل الشباك والحبال، والحدادة، وصناعة الحُصْر وشباك الصيد، وبناء العرائش (ما يستظل به).

كما توجد بيوت تشبه ما كانت عليه المنازل قديمًا في الخليج، وخاصة في قطر والكويت وسلطنة عمان، في محاكاة للحياة قديمًا.

ويسعى المهرجان، كما في كل عام، إلى إحياء مختلف أنواع الصيد التقليدية، وتشجيع الشباب على ممارستها، باعتبارها أحد أنواع الرياضات البحرية التراثية، التي تجسد أبعادا ثقافية، وذلك بهدف الحفاظ على الموروث البحري الأصيل بكل عاداته وتقاليده وأجوائه.

ويقدم البحارة أيضًا محاكاة لرحلات الصيد والتجارة، التي كانت تستغرق شهورا، وواجه فيها الأجداد مصاعب عديدة.

** فنون شعبية

وتشارك في المهرجان فرق خليجية للفنون الشعبية تقدم أغاني تراثية كانت ترافق الصيادين والبحارة والتجار في رحلاتهم الطويلة.

وتُقدم تلك الفرق عروضها الفنية متجولة في كامل أرجاء المهرجان، بينما يتابع الأطفال عزفها، ويلتقط الآباء صورا تذكارية لهم.

كما توجد فرقة على متن "المحمل" يتابعها الجمهور، مع المحافظة على التباعد الاجتماعي، للوقاية من فيروس كورونا.

ويتواجد فنانون تشكيليون يرسمون على لوحات جدارية مشاهد مستوحاة من بيئة المهرجان، إضافة إلى أعمال فنية على الرمل، وكذلك أعمال تشكيلية من الشبك.

** مسابقات تراثية

وعلى هامش المهرجان، تنظم مؤسسة "كتارا" مسابقات تراثية تناسب مختلف الفئات العمرية، وتشمل الشوش (قوارب صغيرة) والحدّاق (مستكشف الطريق من طاقم السفينة).

وتشجع تلك المسابقات المواطنين القطريين وأطفالهم على الارتباط بالحرف والأنشطة القديمة.

وتكتمل فعاليات المهرجان بعرض أفلام وثائقية تروي حكايات الصيد والغوص لجمع اللؤلؤ قديمًا.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات