![](https://nafezaeconomy.net/project/uploads/articles_images/جنود صوماليين.jpg)
نزاع كينيا والصومال.. ما أشعله النفط تؤججه الانتخابات (تقرير)
- نافذة اقتصادية
- الأربعاء , 23 ديسمبر 2020 7:38 ص بتوقيت جرينتش
- AA
ربط محللون سياسيون صوماليون استقرار العلاقات بين بلادهم وكينيا بحسم ملف النزاع البحري بينهما، حتى وإن نجحت جهود الوساطة ولو مؤقتا في إذابة التصعيد السياسي الراهن.
فالعلاقات بين الجارتين، وفق المحللين في أحاديث للأناضول، لن تستقر على أسس قوية ما دام لم يُعالج ملف النزاع القائم بينهما على مناطق في المحيط الهندي غنية بالنفط، وربما تشهد فترات تصعيد وتهدئة مع الوقت، بحكم مصالح السلطتين في مقديشو ونيروبي.
وبينما تتوالى خطوات مقديشو التصعيدية، وأحدثها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع كينيا منتصف ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تنتهج نيروبي سياسة المد والجزر، وترفع حاليا راية التهدئة، ضمن سياسة خارجية مدروسة.
عودة الأزمة إلى الواجهة ترجع، بحسب المحللين، إلى محاولة الحكومة الصومالية الحد من التدخل الكيني في الانتخابات المقبلة، لا سيما الرئاسية، العام المقبل.
وتصر نيروبي على توظيف كل ملفاتها للتأثير في الانتخابات الصومالية، عبر دعمها لرئيس إقليم جوبالاند جنوبي الصومال، أحمد مدوبي، الذي لا تعترف به مقديشو، إضافة إلى تحول عاصمة الإقليم إلى منصة انطلاق لحملات المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية، بحسب المحللين.
** جذور الأزمة
النزاع بين الجارتين على مناطق بحرية يعود إلى مرحلة استقلالهما في ستينيات القرن الماضي.
وفي 2009، وقعت كينيا مذكرة تفاهم مع الحكومة الصومالية الانتقالية لتمديد الجرف القاري الكيني، إلا أن البرلمان الصومالي ألغاها عام 2011، بدعوى عدم أحقية مؤسسات الحكم الانتقالي بإعادة النظر في ترسيم الحدود البرية والبحرية.
وقال شافعي معلم، أكاديمي في العلوم السياسية: "منذ إلغاء الصومال مذكرة إعادة ترسيم الحدود البحرية مع كينيا، انتهجت الأخيرة سياسات معادية للصومال".
وتابع: "من هذه السياسات، استخدام ورقة اللاجئين الصوماليين في مخيمات "داداب" (في كينيا)، وتدخل عسكري كيني في الأراضي الصومالية عام 2011، بذريعة محاربة الإرهاب، لفرض سياسة أمر واقع على مقديشو، وتنفيذ مذكرة ترسيم الحدود التي تصب لصالحها".
وأضاف أن "تزايد ضغوط كينيا على أكثر من جبهة وطرحها على شركات أجنبية عام 2012، ثماني قطاعات بحرية للتنقيب عن النفط، دفعت الصومال إلى إحالة ملف النزاع إلى محكمة العدل الدولية، وهو ما اعتبرته نيروبي انتهاكا لسيادتها وردت بخطوات تصعيدية".
وتبادل الجانبان خطوات تصعيدية بلغت سحب السفيرين، بذريعة التشاور، ردا على ما يقول كل منهما إنها تجاوزات في مناطق بحرية ارتكبها الطرف الآخر.
وأردف معلم: "بالرغم من أن الصومال لديه حجج قانونية في قضية النزاع الحدودي، إلا أن كينيا تُصعد وتهدئ، مرة تلو الأخرى، بانتظار مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة في الصومال".
ويظل النزاع الحدودي، وفق مقديشو، مفتوحا في أروقة محكمة العدل الدولية، بسبب مراوغات كينيا وتأجيل الدعوى أكثر من مرة، بجانب قيود وباء كورونا.
** انتخابات 2021
تمتد جذور الأزمة بين البلدين إلى ما قبل الحكومة الصومالية الراهنة، إلا أن عودتها إلى الواجهة بوتيرة أشد يرجع إلى اعتقاد مقديشو بوجود بصمات كينية على الخلافات الراهنة بشأن الانتخابات المقبلة.
وقال أحمد محمود، أكاديمي في مجال الإعلام، للأناضول: "بالرغم من توسع نطاق مبررات الحكومة الحالية حول اختيار مسار التصعيد السياسي ضد كينيا، إلا أن قراراتها تشي بتعمد اتخاذ تلك الخطوة، بالرغم من توفر بدائل كثيرة للضغط على كينيا".
ورأى أن "تأثير نيروبي في مجريات الانتخابات الحالية بدا واضحا حين تنصل أحمد مدوبي، رئيس ولاية جوبالاند الحدودية، من مخرجات المؤتمر التشاوري بين الحكومة ورؤساء الأقاليم الفيدرالية حول الانتخابات، في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد عودته من نيروبي".
وأردف: "مع استمرار العد التنازلي للانتخابات، ومساعي كينيا إلى إطالة أمد الأزمة، اتخذت الحكومة قرارا (قطع العلاقات) ربما ترى أنه يؤمن مجريات الانتخابات المقبلة".
وبرر وزير الإعلام الصومالي، عثمان دبي، منتصف ديسمبر الجاري، قرار قطع العلاقات بأن كينيا لم تلتزم لجميع القنوات الدبلوماسية وسياسة حسن الجوار، وتتعمد التدخل في شؤون الصومال الداخلية.
كما تتهم مقديشو نيروبي بحشد المعارضة الصومالية في أراضيها، لعقد اجتماعات معادية للحكومة الصومالية، سعيا لفرض أجندة كينية عبر التأثير على السياسة الداخلية، وهو ما تنفيه نيروبي.
كما أن عدم تعيين رئيسي ولايتي "جوبالاند" و"بونتلاند" لأعضائهما في اللجان الانتخابية يشكل عائقا أمام بدء مسار الانتخابات البرلمانية، التي ستسبقها أخرى رئاسية بحلول فبراير/ شباط 2021.
ويشترط مدوبي، المدعوم من نيروبي، لمشاركته في الانتخابات، سحب القوات الحكومية من الإقليم والاعتراف بسلطته، بينما لا تعترف مقديشو بشرعية إعادة انتخابه.
** تريث كيني
بينما لجأت مقديشو إلى التصعيد وقطع العلاقات الدبلوماسية، تتمسك كينيا بالتهدئة، على الأقل في المرحلة الراهنة.
وقال أحمد عينب، كاتب صحفي، للأناضول، إن "كينيا لا تريد تصعيدا يصل حد القطيعة، فيؤدي إلى وساطة تقود إلى حل الأزمة نهائيا".
وتابع: "نيروبي تراهن على الانتخابات المقبلة للإطاحة بالإدارة الحالية في مقديشو، بحكم تأثير كينيا في الانتخابات المقبلة".
وأردف: "كينيا تتعامل بحذر مع قرار مقديشو قطع العلاقات الدبلوماسية، فهي تدرك أن مقديشو تحاول سحب البساط من تحت أقدامها في المرحلة القادمة فيما يخص تأثيرها الداخلي".
ورأى أنه "من الطبيعي في العرف السياسي أن تحاول دولة التأثير في انتخابات جارتها، فبينهما مصالح استراتيجية تدفعها إلى متابعة التغيرات والمستجدات في الدولة المجاورة".
ومتفقا مع محمود، اعتبر أويس عدو، محلل سياسي بـ"مركز آفاق للإعلام" (أهلي)، أن "التأثير الكيني في الانتخابات الحالية أكبر بكثير من سابقاتها، لكن لمواجهة هذا التدخل لا يرقى الأمر للقطيعة الدبلوماسية".
ورجح "عدو"، في حديث للأناضول، أن "نيروبي لن تتخذ أي قرار ضد مقديشو، فالتصعيد لايصب في مصلحة كينيا حاليا، فهي تبدو من منظور كثيرين ملتزمة بالعرف الدبلوماسي، ما يعكس نضج سياستها الخارجية".
وقال المتحدث باسم الحكومة الكينية، سيروس أوغونا، في تصريح صحفي مؤخرا، إن نيروبي غير مستعدة لاتخاذ خطوات (تصعيدية) ممثالة، وستكلف لجنة بالنظر في الأمور التي شابت العلاقات بين البلدين.
وأردف "عدو": "إقدام كينيا على أي تصعيد مع الصومال هو بمثابة إضرام النار في طرف ثوبها، فسيؤثر ذلك على وجودها العسكري في الصومال تحت مظلة قوات حفظ السلام (الإفريقية- أميصوم)، ومن ثم على أمنها القومي".
** مستقبل العلاقات
ذهب محمد ابتدون، محلل بـ"مركز مقديشو للدراسات" (أهلي)، إلى أن "قرار مقديشو (قطع العلاقات مع كينيا) ربما لن يصمد طويلا، وقد يتغير لأسباب منها المعارضة السياسية في الداخل، حيث تعتبر أن موقف الحكومة لا يخدم مصلحة البلاد".
وأضاف "ابتدون" للأناضول أن "الحكومة ربما توظف قرارها في الحملة الانتخابية، مستغلة توجس شعبي ناتج عن اتهاماتها المتكررة لكينيا، بجانب النزاع البحري، وتشديد نيروبي إجراءات حصول الصوماليين على تأشيرة دخول".
وتسعى كتلة تضم 15 مرشحا محتملا لانتخابات الرئاسة المقبلة إلى الضغط على الحكومة للتراجع والبحث عن قرارات أخف وطأة من القطيعة، التي قد تربك أركان العلاقات القديمة بين البلدين.
ولا يتوقف الأمر على الداخل الصومالي، فخلال قمة الهيئة الحكومية للتنمية بدول شرقي إفريقيا (إيغاد)، اتفق الصومال وكينيا، في جيبوتي الأحد، على التهدئة ومحاولة حل نزاعهما داخل "إيغاد".
وحول مستقبل العلاقات بين الجارتين، رجح "ابتدون" أنها "لن تتأثر بالتوتر القائم حاليا، فحكومة نيروبي وأغلبية المعارضة السياسية الصومالية ترى أن قطع العلاقات هو قرار متسرع وغير دبلوماسي تم اتخاذه لاعتبارات خاصة بالإدارة الحالية في مقديشو لتحقيق أجندتها الانتخابية".
لكن العلاقات بين البلدين الفقيرين، وفق المحللين، ستظل في مد وجزر، ما بين تصعيد وتهدئة، ما لم يُحسم النزاع بينهما على مناطق بحرية غنية بالنفط.
![](https://nafezaeconomy.net/project/img/telegram.jpg)
لا يوجد تعليقات