مع تنصيب بايدين.. الأردن يترقب دورا فاعلا في قضايا المنطقة
- مركز الأخبـار- AA
- الثلاثاء , 5 يناير 2021 7:12 ص بتوقيت جرينتش
- AA
مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، تتجه الأنظار نحو البيت الأبيض، مكان صنع السياسة العالمية؛ لمعرفة طبيعتها ومستوى ملاءمتها لأبرز القضايا، لا سيما منطقة الشرق الأوسط المسرح الأبرز لمعظم التطورات الدولية.
الأردن وكبقية دول المنطقة، تنفس الصعداء مع عدم تمكن دونالد ترامب من تحقيق الفوز بولاية رئاسية ثانية، خاصة مع قرارته "المتفردة" و"الجائرة" بحق فلسطين التي تعد القضية الأولى للمملكة؛ بحكم قربها الجغرافي منها فضلا عن التركيبة الديموغرافية المشتركة لكلا البلدين.
الأردن، الحليف الاستراتيجي لواشنطن كما يطلق عليه الساسة الأمريكيون لم يحقق مشاركة فاعلة في أبرز قرارات الولايات المتحدة المتعقلة بقضايا المنطقة كما جرت العادة، وهو ما دفعه إلى التعامل معها بحذر إن لم يصل إلى مرحلة "الجفاء" في كثير من الأحيان.
إن تحقيق مبدأ "توازن القوى" كما يطلق عليه منظرو العلاقات الدولية، يحتم على الولايات المتحدة كقوة عظمى إلى توسيع نطاق تحالفاتها الدولية، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تعزيز مبدأ التشاركية مع دول المنطقة، والأردن على وجه الخصوص، لموقعها الجغرافي الذي يتوسط دول الأزمات.
محللون وخبراء أردنيون، توقعوا في أحاديث منفصلة لمراسل الأناضول، بأن تشهد العلاقات الأردنية الأمريكية انفراجة واسعة في عهد الرئيس بادين، تحقيقا لأسس الديموقراطية التي ينتمي لحزبها زعيم البيت الأبيض والتي تستدعي الأخذ بالرأي الآخر.
** صفقة القرن عزلت الموقف الأردني
أحمد سعيد نوفل، الأكاديمي والخبير في الشأن الفلسطيني، استهل حديثه بالقول: "من سيأتي إلى البيت الأبيض مهما كان سيئا، فلن يكون أسوأ من ترامب".
وتابع نوفل: "سوء ترامب وإخفاقه لم يكن فقط باتجاه القضية الفلسطينية، وإنما في جميع القضايا الدولية، وحتى على المستوى الداخلي.. رجل أعمال وليس رجل سياسة".
واعتبر أن "الأردن مرتبط ارتباط وثيق بالقضية الفلسطينية، وبسببها فقد شهدت علاقات المملكة مع الولايات المتحدة فتورا واضحا، ولم تكن هناك أية زيارات رسمية أو تشاورات بشأنها".
وأشار قائلا: "الأردن حاول أن يقيم علاقات مع الولايات المتحدة، إلا أن موقف واشنطن من قضية اللاجئين ووقف المساعدات للأونروا تناقض مع مع الموقف الأردني، ولم يكن هناك قواسم مشتركة، بل أثرت تلك القرارات على العلاقات الأردنية مع إسرائيل أيضا".
وأوضح أن "صفقة القرن التي أعلن عنها ترامب، عزلت الموقف الأردني من القدس، فالعديد من الدول العربية أعلنت تأييدا لها".
ومضى نوفل: "بايدن لن يبدأ من الصفر في علاقاته مع الأردن، فهو يعلم تماما موقفها من القضية الفلسطينية والقضايا العربية عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما".
وزاد: "هذا الموقف (الأردني) مدعوم داخليا، وهناك تركيز من الإدارة الأمريكية على دعم شعوب دول حلفائها ديموقراطيا، فالأردنيون يدعمون القضية الفلسطينية، وستأخذ واشنطن ذلك بعين الاعتبار".
وشدد على أن "الموقف الشعبي الأردني تجاه فلسطين سيكون بالتالي ورقة رابحة أمام إدارة بايدن".
واستدرك نوفل متسائلا: "هل تلتقي السياسة الأردنية مع الأمريكية؟"، مجيبا بأنه "قد يكون ذلك، ولكن الأردن يحتاج لموقف عربي داعم، زيادة على التنسيق القائم مع فلسطين".
وأردف: "هناك اتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل وإن كان هناك تطبيع فهو ليس كما هو الحال للدول العربية التي تسير باندفاع نحو إسرائيل، والأردن يريد فرملة هذه التوجهات؛ لإيجاد حل للقضية الفلسطينية".
** الأكثر تعقيدا
محمد المومني، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان)، لم يقلل في حديثه للأناضول من دور بلاده في عهد ترامب، إلا أنه وصف مرحلته بـ"الأكثر تعقيدا"؛ إذ أشار إلى أن تطورات المنطقة كان تحتاج إلى جهود عربية ودولية تدعم التوجهات الأردنية.
وأردف: "الأردن بقيادة الملك عبد الله (عاهل البلاد) يسعى دائما إلى تحقيق حضور فاعل ومتوازن في أبرز قضايا المنطقة، لتحقيق الأمن والسلام، بعيدا عن أي اضطرابات وخلافات جوهرية قد تحول دون استقرارها".
وزاد: "الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن يدرك تماما بحكم خبراته السابقة دور الأردن بالمنطقة، لذا فأنا أعتقد بأنه سيكون أكثر تفاعلا من سابقه، وسيأخذ بعين الاعتبار أهمية الدور الأردني".
واستطرد المومني: "فلسطين قضيتنا الأولى، ومهما تغيرت الأشخاص والسياسات، فالأردن لن يغير موقفه تجاهها، لدينا التزامات تاريخية وجغرافية وعقائدية تزداد شدة وصلابة يوما وراء يوم".
ونوه في ذات السياق إلى ما أسماه بـ"التنسيق الدائم والمستمر مع الأشقاء الفلسطينيين تجاه أي خطوة من شأنها تمكينهم من إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس المحتلة".
وأكد المومني أن "الأردن يولي أهمية كبرى أيضا لقضايا المنطقة الأخرى، فقد شدد الملك عبد الله في أكثر من لقاء مع المسؤولين الأمريكيين إلى ضرورة التوصل إلى حلول سياسية تضمن استقلال الدول واستقرارها، بعيدا أي تدخلات خارجية، وهو مبدأ ثابت سيكون المحور الأساسي خلال لقاءاته المستقبلية مع أركان القيادة الأمريكية الجديدة".
** انحسار الدور الأردني
رولى الحروب، أمين عام حزب "أردن أقوى" (تأسس عام 2013)، أشارت بأن الحزب الديمقراطي الأمريكي يهتم بالحقوق والحريات ويحاول أن يعيد للولايات المتحدة قيمها، وسيحاول ترميم وتصليح الصورة التي تركها ترامب.
وتوقعت الحروب أن يكون وضع الأردن أفضل مع قدوم بايدن، مشيرة إلى أن ترامب لم يكن مهتما سوى بتحقيق المصالح لإسرائيل وتنفيذ وعوده لها.
واعتبرت أن الديمقراطيين ضد صفقة القرن، وقد رفضوها، وتوليهم للحكم يعني بأنها "لن تتحقق".
ورأت أن الديمقراطيين يأخذون بالعادة بالرأي الأردني بشأن القرارات الاستراتيجية، وأن يعود للصدارة بعد انحسار دورهم؛ لاستحواذ الخليجيين عليه في عهد ترامب.
لكن الحروب ربطت كل ذلك بالتطورات التي ستشهدها الأيام القادمة، مع تكهنات وتوقعات بضربة أمريكية لإيران، وبقاء ترامب في السلطة.
وشهدت "صفقة القرن" المزعومة، والتي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي خطوطها العريضة، رفضا أردنيا رسميا وشعبيا، ما وضع العلاقات بين البلدين على المحك.
وتتضمن خطة الولايات المتحدة، التي لاقت رفضا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل.
كما دفع القرار الأمريكي بوقف الدعم المالي لوكالة الأونروا، إلى قيام المملكة بتحرك فاعل لضمان استمرار عمل المنظمة الأممية التي تصل خدماتها لنحو 2 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن.
وكان عاهل الأردن قد أعرب خلال اتصال تهنئة مع بايدن، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى تطلعه للعمل معه؛ لتوطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتعد الولايات المتحدة هي الداعم الرئيس للمملكة من حيث المساعدات المقدمة، إذ وقع البلدان مطلع عام 2019 مذكرة تفاهم، تعهدت واشنطن بموجبها تقديم 1.275 مليار دولار سنويا للمملكة، ولمدة 5 سنوات.
وحقق بايدن انتصارا كبيرا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فيما يصر الرئيس الحالي دونالد ترامب، على رفض الاعتراف بذلك، مدعيا وقوع تزوير.
لا يوجد تعليقات