أكاديمية تركية: ماكرون يعادي تركيا لجذب دعم اليمين المتطرف
الأكاديمية "نورغل بكار":
- يدلي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتصريحات معادية لتركيا، على أمل كسب دعم اليمين المتطرف قبل انتخابات الرئاسة، في 2022، وتعزيز دور بلاده في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
- ماكرون منزعج من المبادرات التركية في كل من البلقان والشرق الأوسط وسوريا، وبشكل خاص المبادرات التي تقودها أنقرة في أفريقيا. وسبق أن استعمرت فرنسا عددا من الدول الإفريقية، ولا تزال تعتبرها مناطق نفوذ لها.
- رغم الاعتقاد بأن التنافس التاريخي بين فرنسا وألمانيا ذاب في بوتقة الاتحاد الأوروبي، إلا أن نفوذ فرنسا تراجع لصالح القوة المتزايدة لألمانيا في الاتحاد، خاصة بعد تسعينيات القرن العشرين.
لا يمر يوم إلا ويدلي فيه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمام المجتمع الدولي، بتصريحات معادية لتركيا، متناسيا عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
كما يتناسى ماكرون امتلاك تركيا لأطول ساحل بين البلدان المطلة على البحر المتوسط.
وهو يسعى إلى تصعيد التوتر في المنطقة، عبر وضعه خطوطا حمراء في شرقي المتوسط ضد تركيا، وإيهامه اليونان، العضو أيضا في "الناتو"، بقدرته على دعمها ضد أنقرة.
وتناصب فرنسا، برئاسة ماكرون، تركيا العداء في ملفات عديدة، أبرزها دعم باريس لأطماع اليونان وإدارة قبرص الرومية في شرقي البحر المتوسط، بما يضر بحقوق أنقرة وقبرص التركية، وينتهك القوانين الدولية ذات الصلة.
وماكرون منزعج من المبادرات التركية في كل من البلقان والشرق الأوسط وسوريا، وبشكل خاص المبادرات التي تقودها أنقرة في أفريقيا. وسبق أن استعمرت فرنسا عددا من الدول الإفريقية، ولا تزال تعتبرها مناطق نفوذ لها.
ويوجد تصادم ملحوظ بين السياسات الخارجية التركية وسياسات ماكرون، والأخير يسعى إلى الاستفادة من هذا الوضع لرفع مستوى التصريحات المعادية لتركيا.
إن مواقف ماكرون العدائية ضد تركيا أنسته المبادئ الأساسية للقانون الدولي والأسباب التي دفعت بلاده إلى أن تكون، منذ عقود، في التحالف الأمني نفسه (الناتو) مع أنقرة.
والحقيقة الأساسية الثابتة في العلاقات الدولية هي أنه لا يوجد صداقات ولا عداوات أبدية، بل توجد مصالح تتفق عليها الأطراف أو تختلف.
وفي القرن الواحد والعشرين، تستطيع الدول الاحتكام إلى القانون الدولي، في حال رأت أن مصالحها قد تُمس بسوء.. وبعبارة أخرى، "تحديد الاستراتيجية الصحيحة" هو أمر حيوي لجميع الدول في عالم اليوم، حيث تتجه المخاطر والتهديدات المحلية نحو العولمة بسرعة.
وتتزامن ولاية ماكرون الرئاسية (بدأت 2017) مع الولاية الأخيرة للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والسياسة الخارجية الفرنسية اعتبرت السياسات التي اتبعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، "تحديات طموحة".
شعر ماكرون بأن بلاده قادرة على "سد الفراغ" في عدّة مناطق بالعالم، بينها الشرق الأوسط، لاسيما بعد جهود ترامب لسحب الولايات المتحدة، كدولة تمتلك دورا قياديا في النظام الدولي، من أوروبا والقضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، ما عدا إسرائيل.
وثمة تغيير رئاسي محتمل في واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، قد يحمل تأثيرا مهما في تحديد إطار موقف فرنسا على مستوى السياسات الخارجية.
ويطمح الجمهوري ترامب في الفوز بولاية رئاسية ثانية وأخيرة على حساب الديمقراطي جو بايدن.
ومن ناحية أخرى، يشكل إعلان ميركل عدم ترشحها في انتخابات 2021 وضعا أساسيا لقلب معادلات السياسات الخارجية لـماكرون داخل الاتحاد الأوروبي.
ورغم الاعتقاد بأن التنافس التاريخي بين فرنسا وألمانيا ذاب في بوتقة الاتحاد الأوروبي، إلا أن نفوذ فرنسا تراجع لصالح القوة المتزايدة لألمانيا في الاتحاد، خاصة بعد تسعينيات القرن العشرين.
ومع تولي ميركل منصب المستشار في ألمانيا عام 2005، بدأ شكل التوازنات في الاتحاد الأوروبي يتغير لصالح فرنسا، وبدا ذلك جليًا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولهذا تأمل فرنسا في توسيع نفوذها في البحر المتوسط، بالوقوف إلى جانب اليونان، إلا أن هذه المغامرة غير المقبولة لتركيًا، لن تكون مقبولة أيضًا من بلدان عديدة في الاتحاد الأوروبي.
وتعتزم فرنسا تعويض الدعم المادي الذي تقدمه للجنرال الانقلابي الليبي، خليفة حفتر، من خلال زيادة مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى ليبيا، والحصول على مكاسب في المتوسط.
وبدعم من فرنسا ودول أخرى غربية وعربية، تنازع مليشيا حفتر، منذ سنوات، الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي واسع.
واختار ماكرون، في يوليو/ تموز الماضي، وزراء من اليمين في حكومة شكلها جان كاستيكس، وهو ما اعتبره محللون فرنسيون آنذاك مغامرة ورهانا على اليمين قبل عامين من انتخابات الرئاسة، في أبريل/ نيسان 2022.
توجد ضغوط سياسات داخلية في فرنسا، منها زيادة شعبية اليمين المتطرف، وتأثير حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجية، والمشاكل الناجمة عن جائحة "كورونا"، والمبادرات التي أطلقها ماكرون للحفاظ على سلطته الاقتصادية والسياسية.
هذه الضغوط زادت من جنوح ماكرون نحو إطلاق تصريحات معادية لتركيا، من أجل استجلاب تأييد من اليمين الفرنسي المتطرف، وتعزيز دور بلاده في كل من الاتحاد الأوروبي و"الناتو"، وبالتالي دورها خارج القارة الأوروبية.
.......
** نورغول بكار، عضو هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة أفق التركية.
المصدر/ الأناضول
لا يوجد تعليقات