74 عاماً على قرار "تقسيم فلسطين"
- مركز الأخبـار- AA
- الاثنين , 29 نوفمبر 2021 8:49 ص بتوقيت جرينتش
74 عاماً على قرار "تقسيم فلسطين"
توافق الإثنين، الذكرى الـ74 لقرار الأمم المتحدة رقم 181، القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، كما يتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي أقرته المنظمة الأممية عام 1977..
بعد مرور 74 عاماً على قرار الأمم المتحدة "تقسيم فلسطين".. يتساءل الفلسطينيون عمّا تبقى من حلم الاستقلال وإقامة دولتهم، في ظل إمعان إسرائيل في احتلال أرضهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم.
ويرى خبير ومختص بالشأن الفلسطيني ألّا فرص حقيقية في المدى المنظور، لإقامة دولة فلسطينية، لاسيما في ظل الواقع "السوداوي" الذي يحيط بالقضية.
ويوافق الإثنين الـ 29 من نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 خطة تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، فيما عُرف بالقرار الأممي رقم 181 "قرار التقسيم".
وصوتت على القرار 56 دولة، وافقت عليه 33 منها وعارضته 13، بينما امتنعت 10 دول عن التصويت.
وكانت فلسطين آنذاك تحت الانتداب البريطاني الذي استمر نحو ثلاثة عقود (1920-1948)، وقد نص القرار الأممي على إنهاء الانتداب.
وتعود أصول قرار التقسيم إلى عام 1937م، حين أصدرت "لجنة بيل"، المُكلفة من بريطانيا في تقصي أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، تقريرها الذي ورد فيه لأول مرة مقترح التقسيم.
واقترحت اللجنة حينها التهجير الإجباري للسكان العرب من أراضي الدولة اليهودية المنشودة.
وبموجب قرار التقسيم، فإن اليهود الذين لم يتجاوز عددهم ثلث السكان ولم يمتلكوا سوى 7 بالمائة من الأراضي، مُنحوا ما يربو عن 56 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربع).
ومُنح العرب، وفق القرار، أقل من 44 بالمائة برغم امتلاكهم غالبية الأراضي.
وتضم الدولة اليهودية المقترحة (على مساحة 5 آلاف و700 ميل مربع)، السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما فيها بحيرة طبريا، وأصبع الجليل، وصحراء النقب.
فيما تضم الدولة العربية (على مساحة 4 آلاف و300 ميل مربع)، الضفة الغربية ومنطقة الجليل الغربي، وعكا، والساحل الجنوبي من شمال مدينة أسدود حتى رفح جنوباً، إضافة إلى جزء من الصحراء المحاذية لمصر.
أما مدينتا القدس وبيت لحم، فنص القرار على إنشاء كيان منفصل في نطاقهما تحت حكم دولي خاص، تقوم على إدارته الأمم المتحدة.
**ما بعد التقسيم
قوبل القرار الأممي برفض فلسطيني وعربي قاطع، وأعلنت الجامعة العربية أن قرار تقسيم فلسطين "غير شرعي".
وأعلن الفلسطينيون إضراباً عاماً في الأراضي الفلسطينية احتجاجاً على القرار.
واستغلت العصابات الصهيونية في فلسطين، القرار الأممي أيّما استغلال، وباشرت تطبيقه على الأرض، عبر خطة إحلال اعتمدت على زيادة وتيرة الهجمات على المدن والقرى الفلسطينية.
وفي 14 مايو/أيار 1948، أُعلن قيام دولة إسرائيل على معظم أراضي فلسطين التاريخية دون توضيح حدودها حتى يومنا هذا.
وبعد أقل من عقدين على إنشائها، التهمت إسرائيل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، واحتلت شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب ما سُمّي بـ "النكسة" في 5 يونيو/حزيران 1967م.
ورغم انخراط منظمة التحرير الفلسطينية في عملية سلام مع إسرائيل عام 1993م، وإنشاء السلطة الفلسطينية لتولي حكم أجزاء من أراضي فلسطين التاريخية بموجب اتفاق أوسلو، لم تقنع إسرائيل بذلك، وواصلت انتهاكاتها بحق الأرض والإنسان الفلسطيني.
وعلى مدى 27 عاماً، وسّعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني الذي تغلغل في أراضي الضفة الغربية، وأحكمت حصار قطاع غزة منذ 2006، بينما تستمر مشاريع تهويد معالم مدينة القدس المحتلة.
ويقوّض الاستيطان الإسرائيلي، الذي يعد مخالفاً للقرارات والقانون الدولي، أركان الضفة الغربية، ويخترق مدنها وقراها، ويقطع أوصالها.
وتسيطر المستوطنات على 10 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، بينما تسيطر إسرائيل على 18 بالمئة من أراضي الضفة لدواعٍ عسكرية، فيما يعزل الجدار الفاصل نحو 12 بالمئة من أراضي الضفة.
**لا حلّ قريب
وفي ظل الإجراءات الإسرائيلية وانسداد أفق الحل السياسي، يرى مراقبون ومختصون بالشأن الفلسطيني ألّا فرص حقيقية في المدى المنظور لإقامة دولة فلسطينية بالحد الأدنى من المقوّمات.
ويقول طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، إنه بعد مرور كل تلك السنوات فإن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967، بات "حلماً بعيد المنال".
وأضاف عوكل، في حديث لوكالة الأناضول: "لم يعد هناك مجال لحلول على أساس المفاوضات تعطي دولة فلسطينية، بصرف النظر عن حدودها، أو حجمها ومواصفاتها".
ويُحمّل عوكل، إسرائيل، المسؤولية عما وصلت إليه الأوضاع، عبر ممارساتها الظالمة تجاه الفلسطينيين.
وقال إن إسرائيل تتوسع في عدوانها على الفلسطينيين، وليس هناك ما يجبرها على منحهم حقوقهم، خاصة في ظل وضع عربي منهار، ووتيرة تطبيع متسارعة، وانقسام فلسطيني داخلي، وتراجع للدعم الدولي.
وتابع: "كما أن المجتمع الإسرائيلي قاطبة يميل إلى التطرف، ولم تعد هناك تيارات يمكن أن تقبل بحلول سياسية ومفاوضات مع الفلسطينيين".
**المطلوب من الفلسطينيين
ويوضح عوكل أنه بالرغم من مساعي بعض الجهات الدولية لتوسيع حالة التضامن مع القضية الفلسطينية وفضح ممارسات إسرائيل، إلا أن ذلك يبقى في إطار "العلاقات العامة" وليس ذا تأثير حقيقي.
ورأى أن المطلوب من الفلسطينيين هو إعادة بلورة مواقفهم على أساس فهم الحقائق كما هي، فـ "المشروع الصهيوني توسعي استعماري، ولا يسعى لمجرد إقامة دولة لليهود في بقعة جغرافية معينة".
ولم يُقلل المحلل السياسي من شأن المساعي في المحافل الدولية للمطالبة بإقامة الدولة، إلا أنه أكد أن الفعل على الأرض يجب ألا يُعوّل كثيراً على هذا المسار.
وأضاف: "يجب الذهاب إلى إحياء الصراع (مع إسرائيل) من جديد، فحقيقة الصراع هي ألا مستقبل للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين".
وبيّن أنه يجب تعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم، على اعتبار أن تهجيرهم يمثّل أحد مرتكزات المشروع الصهيوني، من خلال الحروب، والاستيطان، ومصادرة الأراضي، والاعتقالات، وغيرها.
**حل السلطة الخيار الأمثل؟
ويرفض أبو عوكل فكرة حلّ السلطة الفلسطينية، كنتاج طبيعي لانعدام أفق حل الدولتين، ذلك أن وظيفة السلطة، في رأيه، لم تعد تقتصر على أنها إحدى إفرازات اتفاق أوسلو الذي انتهت عملياً.
ورأى أن السلطة الفلسطينية الآن لديها هوية، ولها تمثيل دبلوماسي رسمي دولياً وإقليمياً وعربياً.
وتابع: "فلتبقى السلطة الفلسطينية، التي يجب أن تستمر في تحمّل مسؤولية الفلسطينيين، لكن السؤال هنا هو ما البرنامج الذي تتبناه هذه السلطة؟".
ولفت إلى ضرورة تغيير وظيفة السلطة أولاً، إلى جانب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مسؤولة عن جميع الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها.
أما بشأن مقاومة الاحتلال، فأوضح عوكل أن العمل المقاوم يحتاج نقاشاً حول شكله وطبيعته، فـ "ليس بالضرورة أن يكون مُسلحاً أو عن طريق الصواريخ".
وأشار إلى أن هذه المسألة دقيقة تقررها طبيعة المرحلة ومستوى التنسيق الداخلي بين الفلسطينيين أنفسهم.
وختم عوكل بالقول إن جميع أشكال النضال الفلسطيني تدخل في نطاق المقاومة، التي لها أوجه ووسائل متعددة، موضحاً أنه على الفلسطينيين اختيار الوجه المناسب في الظرف المناسب.
**يوم التضامن العالمي
وتزامناً مع ذكرى قرار التقسيم، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1977م، للاحتفال سنوياً بالتاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، كيوم عالمي للتضامن مع الفلسطينيين.
واعتاد الفلسطينيون إحياء هذا اليوم، في جميع أماكن تواجدهم، من خلال فعاليات ثقافية شعبية ورسمية.
وقالت الأمم المتحدة، عبر موقعها الرسمي، إن "هيئات حكومية ومنظمات المجتمع المدني، تنظّم بالتعاون مع مراكز الأمم المتحدة للإعلام، أنشطة متنوعة في مختلف أنحاء العالم".
وبهذه المناسبة، أكد المجلس الوطني الفلسطيني (التابع لمنظمة التحرير)، الأحد، أن الحقوق الفلسطينية "محفوظة وثابتة، وغير قابلة للتصرف، ولن تزول".
وقال المجلس في بيان، إن على الأمم المتحدة والدول التي وقفت خلف إسرائيل، لاسيما بريطانيا، تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية وتنفيذ الشق الآخر من قرار التقسيم، عبر إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
وأوضح المجلس أن تلك الدول نفذت بالقوة الشق الثاني من القرار 181 (إقامة دولة إسرائيل)، وتنكرت ومنعت طوال 74 عاماً تنفيذ إقامة الدولة الفلسطينية بموجب ذات القرار.
وطالب المجلس برلمانات العالم واتحاداتها، إعلان تضامنها الفعلي مع حقوق الشعب الفلسطيني، وإدانة الاحتلال وسياساته الاستعمارية الاستيطانية.
كما دعا لتوسيع دائرة التضامن الدولي مع الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
لا يوجد تعليقات