اقتصاد تركيا 2020: خسائر محققة ومكاسب تعكس قوة الاقتصاد

 

شهد الاقتصاد التركي تحديات عديدة خلال عام 2020، كغيره من دول العالم نتيجة جائحة كورونا التي تسببت في شلل القطاعات الاقتصادية وتراجع حركة التجارة العالمية، بل وإغلاق عدد من الشركات وتسريح العمالة.

وشهد الاقتصاد التركي خلال الربع الأول نمو بلغ نحو 4.5%، إلا أنه تضرر خلال الربع الثاني من عام 2020 حيث حقق نسبة نمو سالبة بنحو 9.9%،ومن ثم تمكن من استعادة نموه الإيجابي خلال الربع الثالث من العام الحالي، حيث حقق نسبة نمو 6.7%، متفوقا بذلك على كل اقتصاديات دول العشرين باستثناء الصين.

تداعيات سلبية

وتعد الليرة التركية أبرز المتضررين في عام 2020 حيث تراجعت العملة بنحو أكثر من 30%، وذلك نتيجة تراجع موارد النقد الأجنبي كالسياحة، بالإضافة إلى اتباع سياسة نقدية سريعة أشبه بالصدمة في خفض سعر الفائدة مما تسبب في هروب المضاربين على العملة للبحث عن عملات أخرى ذات عائد أكبر.

كما شهد عجز الموازنة خلال عام 2020 ارتفاعا بنحو 132.5 مليار ليرة تركية (19 مليار دولار) في الفترة بين يناير/كانون الثاني، إلى نوفمبر/تشرين الثاني أي بزيادة بلغت نحو 42.1% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

بينما بلغ حجم قروض تركيا مع نهاية 2020 ما يقرب من 3.7 تريليونات ليرة (487 مليار دولار)، محققا زيادة بنسبة 40% مقارنة بنهاية 2019، وفقا للإحصاءات الرسمية، وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 12% في الفترة نفسها.

جوانب الإيجابية

في المقابل وصلت صادرات تركيا إلى 226 دولة ومنطقة حول العالم على مدار عام 2020 بقيمة بلغت نحو 169 مليارا و514 مليون دولار، وبلغت صادرات إلى الاتحاد الأوروبي فقط نحو 70 مليار دولار.

وأعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الاقتصاد التركي هو ثالث أقل اقتصاد تضررا من الوباء في العالم، وأن تركيا أفضل حالا من البلدان المتقدمة والنامية، حتى في ما يتعلق بالسلبيات مثل الزيادة الجزئية في عجز الموازنة، وتؤكد ذلك حقيقة ارتفاع مكانة تركيا 10 درجات مرة واحدة، واحتلالها المركز الـ 33 في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال التابع للبنك الدولي.

وبحسب الخبير الاقتصادي، أحمد مصبح، فإن بالنظر إلى الأرقام والإحصاءات فإن مؤشرات الاقتصاد التركي خلال عام 2020 كان أدائها جيد بالنسبة إلى الدول الأخرى فعلى سبيل المثال ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى 14.65% ولكنه مازال تحت السيطرة مقارنة بالأزمة الحادة التي عانت منها الليرة التركية.

وقفز معدل التضخم إلى 14.6% خلال عام 2020، مسجلا أعلى مستوى له في 17 شهرا منذ أغسطس 2019.

وأضاف مصبح، لـ"نافذة اقتصادية" أن معدلات البطالة كذلك إذا ما قورنت بالدول الأخرى، فزيادتها كانت زيادة طبيعية، مشيرًا إلى أن الأزمة الكبرى التي مرت بها تركيا عدم وضوح السياسة النقدية، و"التي كانت أثارها حادة على الاقتصاد أكثر من كورونا".

وكانت أبرز المشاهد تغير وزير المالية ومحافظ البنك المركزي ورفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي والتي إلى وصلت إلى نحو 17%، بعد أن هبطت من 24% إلى نحو 8%.

تفاؤل اقتصادي

وفي ظل تلك المعطيات ومع اكتشاف لقاح كورونا من المتوقع أن يشهد الاقتصاد التركي انطلاقة أكثر وضوحا، وبخاصة مع انتهاج الدولة سياسة مالية مرنة وسريعة الاستجابة لإدارة الأزمة وإحداث التعافي في المرحلة السابقة وضمان استمراره في المستقبل.

ويتوقع مصبح، أن في حال تمكن العالم من الخروج من أزمة كورونا و التخلص من هذا الفيروس فإن تركيا ستحقق نتائج إيجابية وبخاصة في قطاع السياحة والخدمات، كما أن توقيع تركيا مع بريطانيا اتفاقية التجارة الحرة وانفتاحها على الدول سوف يكون له أثر إيجابي، بالإضافة إلى حقول الغاز المكتشفة في البحر الأسود والأبيض المتوسط.

وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول وقعت تركيا وبريطانيا، اتفاقية للتجارة الحرة بينهما، في خطوة وصفتها أنقرة بأنها بداية حقبة جديدة يربح فيها البلدان، حيث تسمح باستمرار التبادل التجاري من دون عراقيل بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

من جانبه أكد معهد بروكينغز الأميركي للأبحاث أن الاقتصاد التركي سيتجه إلى تحقيق أرقام نمو مرتفعة في 2021 تصل إلى 4% وإلى 4.5% في عام 2022، وأن ينخفض معدل الفقر إلى 11% مع السيطرة على وباء كورونا.

كما توقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 4.5% في 2021 و5% في 2022.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات