شجرة الاقتصاد.. بين المنظور الكلي والجزئي
كتب/ فاضل الحايك
- هل تساءلت يومًا ما الفرق بين الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي؟ وما العلاقة بينهما؟.
- وما أهمية فهم هذه المصطلحات والفروق بينهما؟.
هذا ما سنحاول الإجابة عنه بصورة مبسّطة في الومضة الاقتصادية التالية:
إذا افترضنا أن هناك شجرة لها جذع ضخم ويتفرع منه أغصان رئيسية، ومن كل غصن رئيسي يتفرع أغصان فرعية لتتشكل على أطراف هذه الأفرع أوراق ويتدلى من تحتها ثمار.إن الفرق بين دراسة مراحل تكوين الثمرة ونمو الأوراق من جهة و مراحل نمو الجذع وتفرعاته وتوزيعه للموارد من جهة؛ لا يختلف عن الفرق بين دراسة مفهوميّ الاقتصاد الجزئي و الاقتصاد الكلي.
فالاقتصاد الكلي يشكل الجذع الأساس والمتين الذي يثبّت الشجرة (الاقتصاد ككل) بواسطة جذور قوية تحت الأرض كالأصل الثابت ويرتفع الجذع والفرع إلى السماء ناميًا (كالنمو الاقتصادي).
في حين أن الاقتصاد الجزئي هو مثل الفروع الرئيسية والثانوية في الشجرة التي تغذي (المنشآت) والتي تكون من جهة مثل الأزهار التي تشكل الثمار (المنتجات) ومن جهة مثل الأوراق الخضراء التي تعمل على تغذية الشجرة من خلال التنفس وعملية التمثيل الضوئي (عندما تساهم هذه المنشآت بالقيمة المضافة والتشغيل العام
وكما أن هناك أشجار يمكن الاستفادة من كل جزء فيها كالنخلة مثلاً هناك أشجار تقل الاستفادة منها إلى أدنى حد (لتستخدم كحطب)، وكذلك اقتصاديات الدول بين بعضها.
هناك الاقتصاد القوي وهنا الاقتصاد التابع الضعيف الذي يتغذى على الاقتصاد (الشجرة) الأقوى وبطبيعة الحال هنالك الاقتصاد الطفيلي الذي يمتص خيرات من حوله ولا يسهم بفائدة تذكر، ولكن لنعود لشجرتنا الأساسية المتوازنة التي تؤتي أؤكلها ولنتعرف الآن على تعريفات الاقتصاد بالمنظور الكلي والجزئي على ضوء مثال الشجرة السابق.
الاقتصاد الجزئي (Microeconomics)
هي تحليلات تتناول سلوك العناصر المفردة في اقتصاد ما - مثل تحديد سعر أحد المنتجات أو سلوك فئة من المستهلكين أو أحدى مؤسسات الأعمال" (*)
إذا فالاقتصاد الجزئي هو دراسة القرارات التي يتخذها الأفراد والشركات فيما يتعلق بتخصيص الموارد الجزئية وأسعار السلع والخدمات.
بمعنى آخر، يحاول الاقتصاد الجزئي دراسة كيف يمكن للشركة تعظيم إنتاجها وقدرتها، حتى تتمكن من خفض الأسعار والمنافسة بشكل أفضل في صناعتها، وبالتالي تؤتي ثمار ناضجة وأوراق نضرة فعّالة.
الاقتصاد الكلي (Macroeconomics)
هو تحليل يتناول السلوك الاقتصادي ككل من ناحية المخرجات، والدخل، ومستوى الأسعار، والتجارة الخارجية، والبطالة، وغير ذلك من المتغيرات الاقتصادية الكلية".(*)
فالاقتصاد الكلي يدرس العديد من القضايا الاقتصادية على الصعيد الوطني أو المجتمع الأكبر. ويحلل نجاح وفشل استراتيجيات الاقتصادية للحكومة والتي بدورها تستخدم سياسات مالية (مثل فرض الضرائب) وسياسات نقدية (مثل تحديد سعر الفائدة وتقليل التضخم) إضافة إلى استخدام سياسات متنوعة لتشجيع الاستثمار أو ضبط الاستيراد والتصدير كما يهتم الاقتصاد الكلي ببعض الجوانب الاقتصادية الاجتماعية كالبطالة، فهو كجذع الشجرة المتين الذي تمتد جذوره في الأرض ليغذي الفروع بتوازن ويحرص على النمو العام للشجرة.
وبعد ما تناولنا المفاهيم السابقة يمكننا التوصل إلى استنتاج مفاده أن الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي ليسا متناقضين ولكنهما مكملان لبعضهما البعض ولا بد أن يسيران جنبًا إلى جنب حتى تحقق الشجرة دورها في بيئتها بأعلى جودة وكفاءة، وعندما نفهم دور كل منهما سنفهم الصورة الكلية للاقتصاد المدروس.
===========
*من كتاب الاقتصاد، تأليف بول سامويلسون و ويليام نوردهاوس
للاطلاع على كامل سلسلة ومضة اقتصادية ... هنا
.png)
لا يوجد تعليقات