الأسواق المالية (البورصات) 2 ... الفاعلية والدور على أرض الواقع

كتب/ فاضل الحايك

- من هم أبرز الفاعلون في السوق المالية؟ 

- ما وظائف السوق المالية؟ وما أهميتها؟

- ما أبرز آثارها؟ وسلبياتها؟ 

كنا قد تحدثنا في الومضة السابقة عن الأسواق المالية (البورصات) من حيث المفهوم والشكل الحديث، أما في هذه الومضة فسوف نسلط الضوء على دور وفاعلية هذه الأسواق وأثرها في الواقع. 

الفاعلون في الأسواق المالية 

إلى جانب المستثمرين على المدى الطويل والمتداولين على المدى القصير، هناك العديد من الفاعلين المرتبطين بسوق المال. لكل منهم دور مختلف، لكن العديد من الأدوار متشابكة، وتعتمد على بعضها البعض لجعل السوق يعمل بشكل فعّال.

وفيما يلي نستعرض تصنيف أبرز الفئات في البورصة:

- المستثمرون: ويعتبرون في السوق المالي مصدرًا أساسيًا للأموال، بحيث تشمل هذه الفئة الأفراد والمؤسسات الذين لديهم فائض أموال قابل للإستثمار إما بشكل مباشر أو عن طريق الوسطاء والهيئات التجارية المتخصصة، ويهتم المقرضون أو المستثمرون بعدة عوامل لأخذ قرار الشراء، أهمها معدل العائد المتوقع والمخاطر المصاحبة للاستثمار.

- المتداولون: وهم الذين يشترون الأسهم بغرض المضاربة، ثم يقومون ببيعها عند ارتفاع أسعارها لتحقيق الربح من التداول. وغالبًا ما يحتفظون بالأسهم لفترات قصيرة مقارنة بالمستثمرين الذين يعتمدون على الاستراتيجيات طويلة المدى لتحقيق أهدافهم. ولهؤلاء المضاربون تأثير كبير على بورصة كما سنبين لاحقًا.

- المقترضون أو المصدِرون: وهم الذي يبيعون الأوراق المالية للمستثمرين والمتداولين، حيث يحصلون على الأموال في البورصة إما عن طريق اقتراض الأموال من خلال بيع السندات ثابتة القيمة والفائدة (مثل السندات التي تبيعها المؤسسات الحكومية) أو عن طريق إصدار الأسهم ومن ثم بيعها مباشرة للمستثمرين (كما تفعل الشركات).

- السماسرة، ويُعرفون أيضًا باسم الوسطاء الماليين، وهم المهنيين المرخَّصين أو منصات التداول الالكترونية، والذين يشترون ويبيعون الأوراق المالية نيابة عن المستثمرين والمتداولين، مقابل عوائد وعمولات يحصلون عليها، وتقوم بعض مكاتب الوساطة المالية أيضًا بمهمة تزويد المتعاملين معها بمعلومات تساهم في ترشيد قراراتهم الاستثمارية.

وظائف السوق المالية:

تعتبر البورصة في كثير من الأحيان مرآة للاقتصاد وتعكس حالته الدقيقة والتوجه العام له، كما أن لها دور كبير في التوازن والاستقرار الاقتصادي عبر وظائفها الأساسية، وذلك على النحو التالي

- دعم التوجهات الاستثمارية للاقتصاد وبالتالي دعم أهداف التنمية، وخاصة إذا كان هناك تشجيع من الدولة للاستثمار في قطاعات محددة، وكلما كانت البورصات أكثر تنظيمًا ووضوحًا وتقدم ضمانات قانونية؛ كلما استقطبت المزيد من المستثمرين. 

- تأمين التمويل اللازم للشركات التي هي بحاجة للقروض من أجل التوسع والنمو، حيث يمكن لهذه الشركات طرح أسهمها للبيع في البورصات، كما توفر البورصة التمويل للقطاعات الحكومية التي تطرح السندات الحكومية بغرض المساعدة في تمويل أهداف التنمية.

- إعطاء صورة عامة عن أداء القطاعات الاقتصادية، خاصة إذا التزام جميع المتعاملين بالشفافية والافصاح، فيصبح السوق أداة لتقويم الشركات والمشروعات الاستثمارية، والتقييم لمجمل الوضع الاقتصادي. 

سلبيات الأسواق المالية:

على الرغم من الوظائف الأساسية التي تقوم بها البورصة وتؤدي إلى نتائج إيجابية إلا أن بعض أنماط التداول قد تقلل من فاعلية هذه الوظائف، وتتركز السلبية الأساسية للأسواق المالية في نمط المضاربة والذي قد يكون طاغيًا، وتنعكس آثاره على العديد من المجالات، فعندما ينحصر توجه المتداولين في البورصة في شراء الأسهم بغرض إعادة بيعها خلال وقت قصير لتحقيق الربح السريع، بدلاً من الاستثمار في أصل السهم؛ تصبح اعتبارات هذه التداول محصورة بالمكاسب الاسمية الخاصة بعيدًا عن مصلحة الإقتصاد ككل.

وفيما يلي بعض من الآثار السلبية للمضاربة في البورصة.

- من الناحية الاقتصادية:

تؤثر المضاربة سلبًا على الاستثمار الحقيقي، حيث يتم توظيف الأموال لتحقيق الربح السريع الناتج عن فروقات العرض والطلب في البورصة، بدلاً من بناء مشاريع انتاجية. وهذا بدوره يسبب خلل في السيولة المتاحة أمام المشاريع الحقيقية، حيث تتوجه الأموال للمضاربة وليس لامتلاك حصة استثمارية في رأس مال الشركة، كما قد يتسبب زيادة العرض النقدي الناتج عن زيادة المضاربة؛ بإحداث خلل في التوازن النقدي للاقتصاد الكلي. 

- من الناحية الاجتماعية:

حين تؤثر المضاربة على الاستقرار والتوازن الاقتصادي تتأثر القوى العاملة سلبًا، وذلك تبعًا لانخفاض معدلات التوظيف نتيجة التوجه للاستثمارات السريعة في البورصة بدلاً من بناء المشاريع التي تمتص البطالة. كما أن للمضاربة جانب سلبي على العدالة الاجتماعية، خاصة مع احتكار القلة في البورصة للأموال، وتحقيق الربح السريع بعيدًا عن بقية فئات المجتمع، على عكس الاقتصاد الحقيقي الذي يوزع العوائد على شكل دخول تخلق استهلاك وتقلل التفاوت الطبقي.

- من الناحية السياسية:

قد يسبب فتح الأبواب للاستثمارات الخارجية في البورصات إلى دخول ما يسمى رأس المال القذر والذي يهدف إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه بعيد عن الواقع ومن ثم الانسحاب في لحظة معينة وبيع جميع الأسهم بحيث يحقق أرباح طائلة ثم يهرب، مما يترتب عليه انهيار البورصات وتأثر الاقتصادات الوطنية، وتؤثر المضاربة بهذه الطريقة على الأمن القومي للبلاد وقد يؤدي إلى انهيار اقتصادات وحدوث اضطرابات سياسية، كما حصل في الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 والتي تسمى أيضًا أزمة النمور الآسيوية.

للاطلاع على كامل سلسلة ومضة اقتصادية ... من هنا

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات