ما هو مستقبل التجارة الإلكترونية في ظل الأزمات العالمية؟

وسط ما يشهده العالم من أزمات اقتصادية متتابعة نتيجة جائحة كورونا، فإن المتاجر الإلكترونية تشهد حالة من الزخم والإقبال الكبيرة لما توفره كبديل عن حظر التجول المفروض في معظم البلدان على الأسواق ومنافذ البيع الميدانية المعتادة.

فقبل أزمة كورونا، كان المستهلك يعتمد على مواقع التجارة الإلكترونية بسبب التخفيضات والعروض الكبيرة التي تقدّمها على بعض السلع والمنتجات، لكن في الوقت الحالي، فإن فواتير المشتريات غالبًا ما تضمّ أكثر من سلعة، بصرف النظر عن التخفيضات والعروض.

وأدى هذا الإقبال الكبير على المتاجر الإلكترونية إلى دفع أسواق السلع الكبرى لتعزيز مبيعاتها وخدماتها على الإنترنت، في تحوّل استراتيجي لا غنى عنه لكنه محفوف بالمخاطر لعلامات تجارية تسعى إلى جذب أكبر عدد من الزبائن من دون أن يفقد القطاع ميزته الحصرية.

ويكشف إريك بريون، مؤسس مدرسة الموضة "باريس سكول أوف لاكجري"، وكالة فرانس برس أن "المسألة تقضي الآن بالتواصل مع الزبون وإثارة حماسته وتحويل كلّ عملية بيع على الإنترنت إلى تجربة فعلية كي لا يكون الطابع العملي الحافز الوحيد للتبضّع على الإنترنت".

وفي حين تراجعت المبيعات العالمية لقطاع السلع الفاخرة عام 2020، انعكست فترات العزل والقيود على التنقّلات إيجابا على التجارة الإلكترونية التي ارتفع حجم أعمالها الإجمالي من 12 % إلى 23 % خلال سنة واحدة، وفق الدراسة المرجعية "باين/ألتاغاما".

أثر كورونا على التجارة الإلكترونية

فعلى سبيل المثال شهدت مبيعات شركة "أمازون" بنسبة 40% للأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو/ حزيران 2020، لتصل إلى 88.9 مليار دولار، وهو أقوى نمو لها على أساس سنوي منذ سنوات.

وارتفعت أرباح الشركة إلى 5.2 مليار دولار بينما لم تزد عن 2.6 مليار دولار في الفترة نفسها في عام 2019.

وقد أدى الإقبال الشديد على التسوق عبر الإنترنت إلى التأثير على قدرة الشركة، مما دفع "أمازون" لتوظيف حوالي 175 ألف شخص خلال الأشهر الثلاث، وتعمل على توسيع مستودعاتها تحسبا لاستمرار النمو.

وأشار تقرير حديث لشركة "سيلزفورس"، إلى أن أزمة فيروس كورونا تسببت في إدخال تغييرات جذرية على أسواق التجزئة والتسوّق الرقمي. وخلال الربع الثاني من العام 2020، ظهرت تأثيراتها الأولية في أسواق التجزئة مع نمو عائدات التجارة الرقمية بمعدل يتجاوز 20 %.

وأضاف التقرير، أن عائدات التجارة الرقمية خلال الربع الثاني سجلت نموًا غير مسبوقًا بلغ 71 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وهو أعلى معدل نمو منذ إطلاق مؤشر التسوّق قبل سبع سنوات، كما شهد الربع الثاني من العام معدلات زيادة تاريخية لعدد الزيارات التي ارتفعت بنسبة 37 %، كما ارتفعت نسبة التحوّل إلى الشراء الرقمي بنحو 35 %، وارتفاع الإنفاق على هذه التجارة بنحو 34 % مقارنة بالأرقام المحققة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضح التقرير أن مواقع التسوّق الرقمي التي أتاحت خيار الشراء عبرها، سجلت ارتفاعًا قياسيًا في العائدات بلغ 127 % مقارنة بالربع الأول من العام 2019، في حين أن المواقع التي امتلكت متاجر تقليدية لكنها لم توفر خيار استلام المنتجات من متاجرها سجلت نموًا بمعدل 54 % فقط.

مستقبل التجارة الإلكترونية

يأتي ذلك وسط توقعات بمزيد من الرواج في هذه التجارة وبخاصة مع ظهور سلالة جديدة من كورونا بالإضافة ظهور فيروس جديد يسمى بفيروس "نيباه" والذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية كواحد من عشرة أمراض معدية من إجمالي 16 مرضًا قالت إنها تشكل خطرًا على الصحة العامة، وأنه إلى الآن لا يوجد أي مشروعات بحثية من قبل شركات الأدوية بشأنها.

وبناءً على الزخم القويّ الَّذي شهدته التجارة الإلكترونية، فإنَّ التقديرات تشير إلى أنَّ حجم التجارة الإلكترونية سيصل إلى 28.5 مليار دولار بحلول العام 2022، لتدخل التجارة الإلكترونية فترة محورية في المنطقة، وتشكّل فرصة مهمّة للمستهلكين والشركات والمستثمرين.

ولكن على النقيض يرى بعض الخبراء أنه في حال تمت السيطره على فيروس كورونا فإن الأسواق الميدانية ستعود إلى سابق عهدها بشكل تدريجي مع تخفيف الإجراءات الاحترازية التي تفرضها البلدان وبالتالي سيتراجع نشاط التجارة الإلكترونية، ولكن ربما يعد هذا الرأي ضعيف إلى حد ما نتيجة الزيادة التي يشهدها العالم في عدد مستخدمي الإنترنت مما يعني زيادة عدد المستهلكين على الساحة الإفتراضية. 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات