الاستثمار الأجنبي شعلة الاقتصاد التركي


يعد الاقتصاد التركي أحد أهم الاقتصادات الجاذبة للاستثمار وبخاصه الأجنبي لما تتمتع به من بنى تحتية قوية وتسهيلات كبيرة للمستثمرين بالإضافة إلى موقعها الرابط بين العديد من الدول.

ويعتبر الاستثمار هو أحد أدوات الاقتصاد التركي التي مكنته من تسجيل الأرقام الإيجابية لتجاوز التبعات الأصعب لتفشي جائحة كورونا، وما سبقها من ضغوطات خارجية على الليرة أو محاولة الانقلاب الفاشل.

حيث جاءت تركيا في المرتبة الثانية بعد الصين ضمن مجموعة العشرين التي تمكّنت من تنمية اقتصادها، بعدما حققت نموا اقتصاديا بنسبة 1.8% العام الماضي رغم تداعيات فيروس كورونا.

وتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا 165 مليار دولار في الفترة من يناير/ كانون الثاني 2002- نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

أبرز  القطاعات والدول

وخلال هذه الفترة، تم تنفيذ 62.4 بالمئة من هذه الاستثمارات في قطاع الخدمات، بينما كان 24.2 بالمئة منها في قطاع التصنيع، و11 بالمئة في قطاع الطاقة، و2.4 بالمئة في الزراعة والتعدين.

أما بالنسبة للقطاعات الفرعية بقطاع التصنيع، فاستحوذت قطاعات الأغذية والمنتجات الكيماوية وتصنيع المنتجات البترولية على النصيب الأكبر من الاستثمارات المباشرة.

وبالنظر إلى توزيع الاستثمارات المباشرة في تركيا من حيث الدول المستثمرة، يلاحظ استحواذ دول الاتحاد الأوروبي على النصيب الأكبر من الاستثمارات المباشرة في تركيا، بالتوازي مع العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا والتكتل.

 واحتلت استثمارات دول الاتحاد الأوروبي المرتبة الأولى في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بنسبة 67 بالمئة بقيمة 110.4 مليارات دولار.

 بينما احتلت دول آسيا المرتبة الثانية بنسبة 18 بالمئة بقيمة 29.1 مليار دولار، أما دول القارة الأمريكية فتأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 9 بالمئة بقيمة 14.3 مليار دولار، وذلك في الفترة من 2002 إلى 2020.

ومن حيث الدول فإن أكبر 10 دول مستثمرة في تركيا، هي هولندا والولايات المتحدة وبريطانيا والنمسا وألمانيا ولوكسمبورغ وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا وأذربيجان.

واستحوذت الاستثمارات المباشرة للدول العربية، قدر البنك المركزي التركي حصة دول الخليج باستثناء البحرين بنحو 9%، من إجمالي الاستثمارات المباشرة في تركيا والبالغة 133 مليار دولار اعتبارا من عام 2018.

وتشير المعطيات إلى أن مساهمة الاستثمار العربي ارتفعت من 8% من قيمة الاستثمارات الأجنبية الكلية عام 2016 إلى 16% مع نهاية عام 2018.

قوانين الاستثمار

وتعمل تركيا على جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي من خلال تقديم تسهيلات وتشريع وتعجيل قوانين الاستثمار بما يتناسب مع رجال الأعمال و المستثمرين.

وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، إن بلاده تعد من الدول الأقل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من حيث قيود الاستثمار المباشر.

وأوضح أوقطاي، أن مؤشر تقييد الاستثمار المباشر في تركيا يبلغ 0.059، لتكون بذلك واحدة من الدول الأقرب إلى الصفر بين دول منظمة "التعاون الاقتصادي والتنمية"، المعنية بقياس العوامل المقيدة للاستثمارات المباشرة.

وقامت تركيا مؤخرا بتعديل بعض قوانين الاستثمار منها منح الشركات القائمة حديثا فرصة تمتد من ستة أشهر إلى عام كامل لتثبيت الشركة أكثر على الأراضي التركية قبل أن يتم عرضها على المساءلة الضريبية وقبل تحقيقها قانون "استقطاب خمسة موظفين أتراك مقابل كل موظف أجنبي".

بالإضافة إلى قانون آخر يقوم على تخفيض رأس المال المستحق في الاستثمار مقابل الحصول على الجنسية التركية من مليون ليرة إلى 250 ألف ليرة بما يعادل 227.5 ألف دولار ، كما ينص تعديل قانون التجنيس على إمكانية منح الجنسية التركية لمن يودع مبلغ في الخزانة التركية بنحو 500 ألف دولار أو من خلال تشغيل نحو 50 عاملا تركيا في استثمار يملكه ذلك الأجنبي في تركيا.

كذلك تقديم منح من قبل السلطات التركية خلال السنوات الماضية للمستثمرين الأجانب للإقامات المؤقتة التي تتيح لهم إدارة استثماراتهم والاستقرار بالبلاد بشكل قانوني استعدادا لحصولهم على الجنسية.

ويرى الباحث الاقتصادي، إبراهيم الطاهر، أن قانون التجنيس يتيح للمستثمر التمتع بالمميزات التي يتمتع بها المواطن والمستثمر التركي، و بالتالي يتحول إلى مواطن درجة أولى بالدولة.

وأضاف الطاهر، لـ"نافذة اقتصادية"، أن الدولة التركية تتيح للمستثمرين الأجانب الراغبين في الحصول على مميزات المواطن التركي دون الحصول على الجنسية، بأن يحصل على ما يسمى بالـ"بطاقة القرمزية" التي تمكنه من التعامل كمواطن تركي دون الحصول على حقوق المواطنة.

كما تعمل تركيا على أن تكون أكثر جاذبية في اقتصادها للمستثمرين الأجانب من خلال توقيع اتفاقيات تجارية خارجية أبرزها  قانون الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) رقم 4875 ، واتفاقية الاتحاد الجمركي واتفاقيات التجارة الحرة (FTA).

مما يعد تشجيع للاستثمارات وحماية لحقوق المستثمرين فيها و منع الازدواج الضريبي، فضلا عن منح المستثمرين الأجانب الفرصة للاستفادة من مرونة نظام الضرائب التركي الذي يعد من أكثر النظم الضريبية التنافسية في المنطقة الدولية.

مستقبل الاستثمار الأجنبي

رفعت تركيا حصة الاستثمارات الحكومية في موازنة 2021، بمخصصات بلغت 138.3 مليار ليرة تركية (الدولار نحو 7.5 ليرات)، من أجل تنفيذ 3 آلاف و91 مشروعًا.
وبحسب برنامج الحكومة الاستثماري، نال قطاع النقل والاتصالات الحصة الأوفر بنسبة 30.7 بالمائة من الميزانية المخصصة، يليه قطاع التعليم بـ 14.3 بالمائة لتأتي استثمارات قطاع الطاقة في المرتبة الثالثة بنسبة 12.2 بالمائة، ثم التعدين 10.4 بالمائة، والزراعة 8.7 بالمائة، والصحة 7.5 بالمائة.

فيما تبلغ نسبة الإنفاق على باقي الاستثمارات في القطاعات الأخرى مثل الصناعة، والسياحة، والعقارات، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والأبحاث التكنولوجية، والبيئة، 16.2 بالمائة.

ورفعت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، توقعها لنمو الاقتصاد التركي خلال 2021 من 3.5% إلى 6.7%، وفي 2022 من 4.5% إلى 4.7%.

ومن المتوقع أن تقود تلك المعطيات إلى زيادة الاستثمار الأجنبي في تركيا، بالإضافة إلى السير قدما نحو تحقيق أهداف خطة 2023 التي تعمل عليها البلاد.

كما أعلن فرع جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين الأتراك "موصياد" بجنوب إفريقيا، اعتزام 500 رجل أعمال إفريقي، الاستثمار في تركيا، خلال السنوات الثلاث القادمة.


 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات