"نقاط التصدير السهلة".. مشروع تركي واعد لدعم الصادرات تعرف عليه (تقرير)
كتب/ إبراهيم هايل
تواصل وزارة التجارة التركية جهودها من أجل تنمية صادرات البلاد، ودعم المصدرين وترويج منتجاتهم وخدماتهم للتوسع في الأسواق الدولية، بما يترجم رؤية تركيا لعام 2023، وأهدافها الساعية إلى رفع قيمة الصادرات إلى 226.6 مليار دولار.
وفي سبيل ذلك، أولت الحكومة التركية اهتماما بالغا بتشجيع المصدّرين الأتراك الذين باتوا يعملون بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة من أجل تعزيز مكانتهم في السوق العالمية من خلال ترسيخ علاماتهم التجارية عالميًا، بما يعود بالفائدة على الاقتصاد التركي.
وفي هذا الإطار، أطلقت وزارة التجارة التركية العديد من المشاريع مثل التصدير الإلكتروني والتخليص الجمركي قبل وصول البضاعة، وكان آخرها مشروع جديد يدعى "نقاط التصدير السهلة"، حيث تهدف جميع تلك المشاريع في نهاية المطاف، إلى جعل تركيا "عنوان التجارة السهلة والسريعة والآمنة"، بحسب وزيرة التجارة التركية، روهصار بيكجان.
وأوضحت بيكجان، في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، حول المشروع الجديد "نقاط التصدير السهلة"، أن "المشروع يعمل على خفض كبير لإجراءات العبور خلال التصدير مع الحفاظ على أعلى مستوى من الأمان"، لافتة أنه "تتمة لمشاريع سابقة لدعم المصدرين الأتراك".
وأفادت الوزيرة أن "المشروع الجديد يمنح المصدرين الفرصة لفتح بيان التصدير من مكاتبهم واختيار أقرب مديرية جمركية وتحميل البضائع مباشرة من المصنع وإرسالها للتصدير دون إضاعة أي وقت".
كما لفتت بيكجان أن "هذا التسهيل المطبق في الاتحاد الأوروبي أيضا، سيؤدي إلى تشكيل البنية التحتية للمرحلة الأولى من التخليص الجمركي المركزي في تركيا".
تركيا تعزز سياستها نحو الجذب الاقتصادي
في ظل التغيرات التي عصفت بأغلب دول العالم بسبب تفشي وباء "كورونا"، كان لابدَّ للدول من إيجاد مخرج لها من الأزمات الاقتصادية التي تسبب بها الوباء، بدءا من ازدياد معدلات البطالة وفقدان الملايين لوظائفهم، وليس انتهاءً بالمشاكل الاجتماعية والسياسية التي أحدثها.
لذلك، كان لزاما على تركيا أن تدعم جهود المصدرين الأتراك، وذلك عبر تنويع مصادر الدخل الوطني، واتباع سياسة اقتصادية جديدة تركز على الجذب الاقتصادي، بحسب ما أفاد به الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، في تصريح حصري لصحيفة "نافذة اقتصادية".
وأضاف رضوان أوغلو أنه "بعد جائحة (كورونا) سعت جميع الدول ذات الاقتصادات الكبيرة إلى تغيير سياستها الاقتصادية نحو الجذب الاقتصادي"، لافتا أن "تركيا في قائمة تلك الدول خاصة أنها تمتلك اقتصادا قويا وتعد من بين دول مجموعة العشرين (جي 20) الأقوى اقتصاديا في العالم".
وأشار رضوان أوغلو إلى أن "وباء (كورونا) كان له تأثير على الاقتصاد التركي كما أثّر في غيره من الاقتصادات"، مضيفا أن "سياسة الحكومة التركية في رفع أسعار الفائدة وإعطاء منح للمستثمرين تزامنا مع مرونة القوانين المتعلقة بالاستثمار في تركيا، يسهم بشكل كبير في إنجاز المشاريع الاستثمارية المشتركة بين الدولة والشركات الخاصة، وهذا من شأنه أن يضمن حقوق المستثمرين والمصدرين خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والطرق وغيرها".
وتابع أن "تركيا من أجل أن ترفع حجم اقتصادها من 800 مليار دولار إلى ترليون دولار، قدمت العديد من الخطط في هذا الصدد، وكان أبرزها مشروع (قناة إسطنبول)، فضلا عن مشاريع النقل والسكك الحديدية التي تربط تركيا مع الصين عبر دول وسط آسيا وإيران، وكذلك أذربيجان وجورجيا في القوقاز، إضافة إلى إنشاءها لمطار إسطنبول الدولي الذي يعد أحد هذه المشاريع الكبيرة".
عودة أوروبية قوية للأسواق التركية
تمتاز المنتجات التركية بجودة عالية وأسعار تنافسية، وهو ما يؤهلها لمنافسة نظيراتها العالمية خاصة الأوروبية، حيث أن أكثر من نصف حجم التجارة الخارجية التركية مع الخارج، تتم مع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
كما أن جودة الصناعات التركية خلال العقدين الماضيين، تحسنت بما يتناسب مع المواصفات والمقاييس الأوروبية، المصنفة كإحدى أكثر المقاييس تعقيدا، لتكون بديلا لعديد المنتجات الأجنبية الأخرى المنافسة داخل السوق الأوروبية، وهو ما يساهم في إعادة التقارب بين تركيا والاتحاد الأوروبي عبر بوابة التجارة.
وحول ذلك، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد حاج بكري، في تصريح خاص لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن "إطلاق الحكومة التركية برنامج التجارة السهلة والسريعة والآمنة يهدف إلى تقليل الاجراءات الحكومية المتبعة، وتقديم خدمات بجودة مرتفعة وأمان بمستوى عال وتوفير للوقت والجهد، خاصة في ظل عودة أوروبية قوية للسوق التركية من خلال الزيارة الأخيرة لرئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين ورئيس مجلس الاتحاد تشارلز ميشيل، حيث تم التركيز بشكل أساسي على العلاقات بين الطرفين وطرق تحديث الاتفاقات الجمركية وتطوير العلاقات بين الجانبين في القطاع العام والخاص باعتبار أن الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لتركيا".
وأوضح أن "تركيا، تحتل اليوم المركز السادس لأكبر اقتصاد في أوروبا ولديها الكثير من العلاقات التجارية وأكبر عدد من الشركاء التجاريين"، لافتا أن "الاتحاد الأوروبي يشكل قرابة 40% من إجمالي تجارة تركيا، حيث إنها تعد هدفا رئيسيا للاستثمارات الأوروبية نتيجة التكامل والتبادل التجاري من استثمارات مختلفة في مجال الصناعات النسيجية والسيارات، إضافة إلى الصناعات الغذائية وصناعة المواد الأولية وغيرها الكثير".
وأكد حاج بكري أن "هذه الإجراءات التي تتبعها الحكومة التركية، خاصة في ظل ظروف وباء (كورونا) التي يعيشها العالم اليوم، تشكل قيمة مضافة إلى الاقتصاد التركي، وتعد دليلا هاما على سرعة تطوره ومرونته في الاستجابة لحركة السوق ومتطلباته".
الصادرات التركية.. أرقام واعدة
في نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أعلنت هيئة الإحصاء التركية، أن الصادرات التركية حققت في العام الماضي 2020، أكثر من 169 مليار دولار، وذلك رغم جائحة “كورونا”.
فيما لفتت وزيرة التجارة التركية روهصار بيكجان، في تصريحات صحفية لها خلال شهر شباط/فبراير الماضي، أن "تركيا تهدف إلى رفع حجم صادراتها إلى 184 مليار دولار خلال العام الجاري 2021".
وأشارت بيكجان إلى أن "أهداف الحكومة التركية تتمثل بزيادة دعم الصادرات خلال 2021 عبر بنك ائتمان الصادرات، بنسبة 11% عن العام الماضي، لتصل 27.7%، بقيمة أكثر من 50 مليار دولار".
ونوّهت أن "إجمالي قيمة الدعم المقدم من قبل البنك إلى شركات التصدير التركية خلال 2020، بلغت 45.6 مليار دولار"، مبيّة أن "عدد الشركات التي دعمها البنك ارتفع بنسبة أكثر من 4%، خلال العام الماضي، ليصل إلى 13 ألفا 102 شركة تصدير".
ومن الجدير ذكره أن المنتجات الزراعية ومنتجات قطاع الصناعات الدفاعية والمنسوجات والأثاث والموبيليا والسيارات وقطع الغيار، تأتي على قائمة الصادرات التركية لدول العالم.
إلى ذلك، كان قد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن 3 ركائز أساسية للسياسة الاقتصادية التركية الجديدة، مشددا على دعم تركيا للمستثمرين والمصدرين.
وأرفد أردوغان في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن "سياساتنا الاقتصادية الجديدة تستند على 3 ركائز أساسية هي: استقرار الأسعار والاستقرار المالي واستقرار الاقتصاد الكلي”، مضيفا “نعتبر أرباح المستثمرين المحليين والدوليين الذين يثقون بالاقتصاد التركي والليرة التركية مكسبا لنا أيضا، وسنقدم جميع أنواع الدعم للمستثمرين والمصدرين على حد سواء”.
لا يوجد تعليقات