هل فكرت أين تستثمر 100 ألف دولار أمريكي؟

كتب/ فاضل الحايك

مع بداية عام 2021 بدأ العالم يشعر بنوع من الانتعاش الاقتصادي بعد الركود والخسائر التي سببها انتشار وباء كورونا العام الماضي، وبدأت كلمة "التعافي" تتردد على الشفاه، بدافع الأمل بمستقبل أفضل من جهة وظهور عدد من المؤشرات من جهة أخرى، وأبرز هذه المؤشرات ظهور لقاحات كوفيد-19، إضافة لبدء تنفيذ عدد من برامج الدعم الحكومي في العديد من دول العالم منها الصين، وأمريكا (التي أقرت خطة إغاثة اقتصادية لمواجهة تداعيات كورونا بقيمة 1.9 تريليون دولار).
ومن السمات البارزة لمرحلة التعافي هذه؛ نجد أن المستثمرين والباحثين عن فرص استثمارية قد بدأوا بدراسة البدائل الاستثمارية الجديدة التي من الممكن استغلالها في فترة الانتعاش الاقتصادي المقبلة.

وفي تقرير نشرته وكالة بلومبيرج الأمريكية، بعنوان:"Where to Invest $100,000 Right Now" / "أين تستثمر 100 ألف دولار أمريكي الآن؟"، يطرح أفكارًا ومقترحات عبر عدد من المستشارين الماليين في مجال الاستثمار المنتمين لمجموعة من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، ورؤيتهم لمستقبل الاستثمار ما بعد الجائحة وفي ظل النظام العالمي الجديد، على ضوء نتائج الربع الأول من عام 2021.

الاستثمار العقاري في الضواحي 
يرى باتريك فروزيتي من شركة The Rosenau Group للتطوير العقاري؛ أن الاستثمار في تطوير المجمعات العقارية العائلية في الضواحي والتي تتناسب مع ميزانيات الطبقات الوسطى؛ يعد فرصة استثمارية واعدة، خاصة وأن هذه الطبقة يذهب حوالي 30٪ من دخلها إلى ميزانية الإيجار السكني، في حين أن السوق لم يقدم عروض الإسكان المناسبة للطبقة الوسطى حتى الآن، كما يرى الخبير أن شركات التطوير العقاري ستشجع هذا النوع من الاستثمارات على اعتبار أنه سيؤمّن فرصة لتدفق السيولة والمساهمة في إنعاش السوق العقاري.

الاستثمار في البنى التحتية التكنولوجية
ويعتقد مايكل فوريستر، من شركة High Note Wealth لإدارة صناديق الثروة؛ أن الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية يعدّ فكرة استثمارية جيدة، حيث يحتاج الأمر فقط إلى خوادم أكبر (ممكن ان تكون سحابية)، وأمنًا إلكترونيًا لتلك الخوادم، وأشخاص يريدون الإنترنت أينما ذهبوا.

وفي سبيل ذلك قامت الشركة ببناء ما يسمى "قطع العقارات" لمحافظ العملاء لديها بما يمثل حوالي 6٪ من الأصول. وهذه العقارات ليست عقارات تجارية، ولا مباني ومكاتب، ولا شيء من هذا القبيل؛ إنها عقارات الإنترنت، المرتبطة بشبكات الجيل الخامس ومراكز البيانات (بالإضافة للعملات الرقمية المشفرة والأصول الالكترونية المرتبطة بأنظمة البلوك تشن)، وقد مزجت الشركة بين صناديق الاستثمار المتداولة والأسهم الفردية، ويصنف الاستثمار في هذا المجال من الأمور التي تحقق الدخل السلبي (أي دخل ثابت يأتي بدون جهد تمامًا مثل تأجير الممتلكات).

الاستثمار في مجال الطاقة التقليدية والبديلة
بين آندي فيرجسون، من شركة Proquility Private Wealth Partners لإدارة صناديق الثروة؛ أن شركته تعمل ضمن استراتيجية بناء محفظة متوازنة من 40 سهمًا مصممة لالتقاط فرص السعر المناسب في أسواق الأسهم، مع التركيز على نمو أرباح الأسهم، وتمثل مجالات الطاقة حوالي 12٪ من المحفظة، حيث يعتبر النفط قيمة جيدة إلى جانب الأوراق المالية، خاصة في في ظل ارتفاع معدلات الفائدة والتضخم.

وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط الذي يُعد مؤشرًا من مؤشرات الانتعاش الاقتصادي؛ إلا أن العالم يشهد حماسًا تجاه السيارات الكهربائية وبالأخص سيارات Teslas، ومع إعلان جنرال موتورز دخولها المنافسة في مجال السيارات الكهربائية؛ بات على شركات الوقود الأحفوري التقليدية التكيّف مع احتمالية تراجع الطلب على الوقود مقابل توجه الناس نحو الطاقة البديلة، لكن الأمور حاليًا تتحرك دائمًا بشكل أبطأ مما نعتقد، خاصة في أماكن مثل الأسواق الناشئة.

يستغرق التحول إلى السيارات الكهربائية وقتًا، وبالتالي فإن قيمة أسهم الشركات المصنّعة لهذه السيارات تعتبر أقل من قيمتها الفعلية إلى حد ما لهذا السبب، ويعد الاستثمار في هذه الأسهم فرصة رائعة لتحقيق النمو الرأسمالي، وتحقيق الدخل، بالإضافة إلى اعتبارها تحوط جيد للغاية من التضخم.

الاستثمار في الائتمان الخاص (الأوراق المالية طويلة الأمد)
من وجهة نظر ستيف شوارزباخ، من شركة Icon Wealth Partners لإدارة صناديق الثروات؛ فإن الاستثمار وفق استراتيجية الائتمان الخاص القائم على فترة زمنية طويلة مع ضمان عائد شهري؛ يُعدّ فرصة جيدة في فترات التعافي، خاصة إذا كان المشروع يوفر سيولة دائمة تدعم الثقة لدى المستثمرين. 

وفي حال اتباع هذه الاستراتيجية في المجال العقاري فمن الممكن الحصول على فرصة جيدة للدخل على المدى القريب وزيادة رأس المال على المدى البعيد.

ومن أمثلة المشاريع الواعدة، الاستثمار العقاري في مستودعات الخدمات اللوجستية الصناعية في المناطق التي ينتقل إليها الناس والشركات، وليس في مكاتب المناطق التي يغادرها الناس.

الاستثمار في مجال تكنولوجيا الرعاية الصحية
أما من وجهة نظر تشاك كوبر، من شركة Strongbox Wealth لإدارة الثروات؛ فإن موضوع التقارب المستمر والهائل بين التكنولوجيا والرعاية الصحية يبدو فرصة مقنعة للاستثمار، حيث تم إنتاج الكثير من الابتكارات في عصر كوفيد-19، وظهرت القوة المذهلة التي يمكن أن توفرها التكنولوجيا في تقديم الرعاية الصحية واللقاحات وأشياء أخرى، بالإضافة لتسريع الاكتشافات الطبية، مع تطورات رائعة في العلاجات المناعية والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الجينات والروبوتات وغير ذلك الكثير.

وعلى نفس المنوال في مجال الرعاية الصحية، لدينا هذا الاتجاه المتوازي المنفصل تمامًا ولكنه قوي جدًا في التطبيب عن بُعد، والرعاية الافتراضية. 

ويرى تشاك أن مجال الأجهزة الطبية هو المكان الذي فيه فرص استثمارية واعدة للغاية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما تفعله شركة Dexcom لمراقبة مرضى السكري، الأمر الذي يعد تغيير لنمط حياتهم، حيث تقوم الشركة بشكل أساسي بتصميم وتطوير وتسويق أنظمة مراقبة مستمرة للجلوكوز، لدى الشركة نظام مراقبة عن بُعد وتوصيلات لاسلكية، والمرضى لديهم جهاز استقبال موصول بتطبيق موبايل موجود على جهاز iPhone خاص بكل مريض، وذلك لمعرفة مكان وجوده في أي لحظة.

الواقع بين آثار الجائحة والتعافي
يتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير أصدره في شهر يناير الماضي تحت عنوان "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي" أن يحقق الاقتصاد العالمي نموًا قدره 5.5% خلال عام 2021، بأفضل من التوقعات السابقة، مدفوعا بتطورات اللقاحات ونتيجة الدعم الإضافي من السياسات في عدد قليل من الاقتصادات الكبرى. ونمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4.2 بالمئة خلال 2022.

ورجح التقرير نمو الاقتصادات المتقدمة بنسبة 4.3% أما على صعيد توقعات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، قدّر الصندوق نموها بنسبة 6.3% خلال عام 2021، بعد انكماش 2.4% خلال العام الماضي.

وبين التقرير؛ أن العالم بينما ينهض من أزمة كوفيد-19، يقف الاقتصاد عند منعطف حرج، ويتحدد شكل التعافي بحسب أيهما أسرع، الفيروس أم اللقاحات

وبالنسبة لعام 2020، فقد خفّض صندوق النقد الدولي تقديراته لانكماش النمو العالمي إلى 3.5 % مقارنة مع 4.4 % في توقعات أكتوبر الماضي.

وتابع التقرير أن تعافي النمو المتوقع هذا العام، يأتي في أعقاب الهبوط الحاد في 2020، الذي ترك آثارا عكسية بالغة على النساء والشباب والفقراء والعاملين في القطاع غير الرسمي

وقدر صندوق النقد الدولي أن تبلغ الخسائر 22 ترليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بين 2020 و 2025 بسبب وباء كورونا.

وفي مارس الماضي حسّن صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد التركي لعام 2021 من 5 إلى 6 بالمئة، بناء على التعافي الملحوظ الذي حققه خلال النصف الأخير من العام 2020، والزيادة في إجمالي الناتج المحلي في مطلع العام الحالي 2021.

وتجاوزت إصابات كورونا 138 مليون و 100 ألف شخص حول العالم، في حين أن عدد الوفيات قارب على الوصول إلى 3 مليون شخص، أمّا إجمالي حالات التعافي فقد تجاوزت 111 مليون و 115 ألف شخص. (بحسب بيانات موقع وورلد ميتر؛ في تاريخ 14 أبريل 2021).

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات