الخطر يتزايد.. ما هي أسباب حظر تركيا استخدام العملات المشفرة في المدفوعات؟ (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

في خطوة مفاجأة، حظر البنك المركزي التركي، الأسبوع الماضي، استخدام العملات والأصول المشفرة في شراء السلع والخدمات، مشيرا إلى أضرار محتملة "غير قابلة للإصلاح" ومخاطر كبيرة في تلك التعاملات.

وقال البنك المركزي التركي، في بيان، إن "العملات المشفرة وبقية الأصول الرقمية القائمة على تكنولوجيا الدفاتر الموزعة لا يمكن استخدامها، بشكل مباشر أو غير مباشر، كأداة للدفع".

وأضاف البنك "مقدمو خدمات الدفع لن يكون باستطاعتهم تطوير نماذج أعمال بطريقة تستخدم فيها الأصول المشفرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في توفير خدمات الدفع وإصدار الأموال الإلكترونية، ولن يكون باستطاعتهم تقديم أي خدمات ذات صلة بهذه النماذج من الأعمال".

الجانب التنظيمي

علّل البنك المركزي سبب الحظر، قائلا إن "تلك الأصول لا تخضع لأي آليات تنظيم أو إشراف ولا لسلطة تنظيمية مركزية".

وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي، الدكتور فراس شعبو لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن "العملات الرقمية لا تمتلك أية سلطة ولا يمكن السيطرة عليها، إذ إن عملية البيع والشراء تتم عبر محافظ استثمارية أو من خلال منصات عالمية ولا تستطيع الحكومة التدخل فيها".
وأضاف "التداول بالعملات الرقمية غير مرتبط بأي جهة تنظيمية أو أي جهة تشرف على تداولها وهو السبب الذي دفع العديد من الدول ومن بينها تركيا لحظر استخدامها في عمليات الشراء والبيع"، موضحا أن "ذلك يرجع بسبب استخدامها في عمليات غسيل أموال وتمويل الإرهاب وعمليات سرية غير مشروعة".

وفي العام 2019، أعلنت شركة بينانس أحد أكبر بورصات العملات الرقمية في العالم أن قراصنة قاموا بسرقة سبعة آلاف وحدة من العملة الرقمية بتكوين وتبلغ قيمتها نحو أربعين مليون دولار في عملية "اختراق أمني واسع النطاق".

وتعد تلك الواقعة ضمن سلسلة سرقات تستهدف بورصات العملات المشفرة في أنحاء العالم.

فيما سرق قراصنة مبلغا يقارب المليار دولار من العملات المشفرة في جميع أنحاء العالم في عام 2018، وفقا لشركة الأمن الأميركية "سيبثرتريس". 

وتابع شعبو "إن عدم وجود سلطة قضائية للإشراف على العملات الرقمية يجعل منها محط أنظار تلك المجموعات التي من الممكن أن تستغل التداول بها لغايات غير مشروعة".

الجانب الاستثماري

وفي الشأن الاستثماري، يرى أستاذ علم الاقتصاد في جامعة إسطنبول، علي بلقانلي، أن "الاستثمار في العملات الرقمية، ليس آمنا أبدا بسبب الفروقات المضطربة لأسعارها، مما يجعلها عرضة للتذبذب واسع النطاق الذي قد يضر بالأفراد والمجتمع على حد سواء ويتسبب بحالات إفلاس كبيرة".

وأضاف بلقانلي لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "هذه السوق الافتراضية تعاني أيضا من خطورة أخرى تتمثل في صعوبة القدرة على رقابتها، مما قد يجعل منها منبرا للعمليات المحظورة مثل تجارة الأسلحة والمخدرات"، لافتا أنه "من غير المقبول أن يتجاوز حجم سوق العملات الرقمية ميزانيات بعض الدول".

بدوره يرى شعبو أنه "في ظل التضخم الذي شهده الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة لجأ العديد من الناس للاستثمار في العملات الرقمية بسبب طمعهم بالأرباح التي من الممكن أن يحققوها، إذ حققت أسعار البيتكوين مثلا مستويات قياسية وصلت إلى نحو 65 ألف دولار".

ولفت شعبو أن "العملات الرقمية يتم شراؤها بالدولار واليورو ما أسهم في إضعاف الليرة التركية التي تعاني أصلا من التضخم، وهو السبب الذي دفع الحكومة لاتخاذ هذا القرار وتضييق المتاجرة بهذه العملات، فضلا عن وجود تخوفات من أنها قد تكون نواة لما يسمى بـ(النظام العالمي الجديد)".

مخاوف

قبل أن يدخل قرار البنك المركزي التركي الذي يقتضي حظر العملات الرقمية حيز التنفيذ في 30 نيسان/أبريل الجاري، هوت أسعار بيتكوين 4.6% لتتراجع قيمة الوحدة إلى 60333 دولارا عقب قرار الحظر مباشرة.

كما أن عملات أصغر مثل إيثيريوم وإكس.آر.بي، اللتان تميلان للتحرك بالتماشي مع بيتكوين، تراجعت بين 6 و12%.

وعلى الرغم من الزخم الذي حققه سوق الأصول المشفرة في تركيا في الآونة الأخيرة، إلا أن المخاوف تعاظمت في أوساط المتعاملين بالعملات الرقمية، وذلك تزامنا مع تعرضها لتراجعات سريعة أفضت إلى تبخر أموال كثير من الأتراك والمستثمرين، وهو ما دفع للتفكير مجددا بالعودة إلى أسواق المال التقليدية التي تضمن للمستثمر فيها حيازة حقيقية لأسهم الشركات المدرجة فيها.

ويرى خبراء اقتصاديون أنه من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذه العملات الافتراضية التي تسببت بإثراء كثيرين وإفقار آخرين، لكن ذلك الجدل لن ينتهي ما لم يجر اتفاق بين الجهات المالية والرقابية على ضوابط لهذه السوق المستجدة.

 

 

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات