أردوغان القائد الأكثر شعبية.. هل اختاره العرب بطلا لهم؟ (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

يحظى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشعبية واسعة في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، تتجاوز حتى تلك الشعبية التي يتمتع بها قادة إقليميون يسعون بأقصى جهدهم لتعزيز سياساتهم الخارجية وتثبيت حضورهم الجماهيري في المنطقة.

وبينما يتساءل الكثيرون عن السبب وراء هذه الشعبية الواسعة التي يحظى بها أردوغان عند العرب الذين يصفونه بـ"زعيم للأمة وليس رئيسا لتركيا فقط"، يتداول العرب قصصا وأخبارا وروايات بشكل مستمر عن إنجازاته ومشاريعه في دعم الاقتصاد التركي وكبح جماح سلطة العسكر وغيرها من الإنجازات. فما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟

أردوغان القائد الإقليمي الأكثر الشعبية

في شهر نيسان/أبريل الجاري، أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته منظمة “الباروميتر العربي” البحثية المستقلة، تقدم أردوغان في استطلاع “القائد الإقليمي الأكثر الشعبية من حيث سياساته الخارجية”، على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.

وحسب بيانات الدورة السادسة من “الباروميتر العربي”، فإن 57% من العينة التي شملها الاستطلاع في المغرب، ترى أن السياسات الخارجية لأردوغان جيدة جدا أو جيدة، مقابل 39% لابن سلمان، و23% لخامنئي.

وحينما سئل المستطلعون عن رأيهم في سياساته الخارجية، قالت أقلية وازنة منهم حوالي 42% إن هذه السياسات جيدة جدا أو جيدة. وتضمنت هذه الفئة أغلبية في كل من المغرب 57% والأردن 54% والجزائر 52% وأقلية وازنة في تونس 41%.

ووفق البيانات فقد انخفضت النسبة في كل من لبنان 25% وليبيا 23% فقط، حيث رأى ربع المستطلع آراؤهم أو أقل إن سياسات أردوغان الخارجية جيدة جدا أو جيدة.

فيما حصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على المركز الثاني من حيث الشعبية، في الدول الستة المشمولة بالاستطلاع، أما المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في ذيل قائمة القادة الإقليميين من حيث الشعبية، إذ قالت أقلية أصغر من المستطلعين في الدول الستة المشمولة بالاستطلاع حوالي (16%) إن سياساته الخارجية جيدة جدا أو جيدة. 

العوامل المساعدة

تضيف المنظمة البحثية أن "هناك العديد من العوامل التي قد تفسر شعبية أردوغان العالية نسبيا في البلدان المشمولة بالاستطلاع بالمقارنة مع بن سلمان وخامنئي".

وتتابع "أولها أنه، بالرغم من ميوله القمعية والسلطوية، يتمتع أردوغان بشرعية انتخابية لا يمكن التغاضي عنها، فقد فاز وباستمرار بانتخابات كانت إجمالا حرة ونزيهة، وبنسب مشاركة للناخبين تعد من الأعلى على مستوى العالم.. من البديهي القول إن لا بن سلمان ولا خامنئي يحوزان على هذه الشرعية الانتخابية".

وتوضح المنظمة أن "العامل الثاني هو انفتاح تركيا بقيادة أردوغان على المواطنين العرب وإتاحة الوصول إليها بمقدار أكبر من الدول العربية ذاتها"، لافتة أنه "في نهاية العقد الأول من الألفية الثانية، ألغت الحكومة التركية برئاسة أردوغان تأشيرات الدخول لمعظم مواطني دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (..)، إذ تبقى تركيا من الدول القليلة في العالم المفتوحة والمتاحة للمواطنين العرب".

كما أشارت المنظمة إلى أنه بالإضافة إلى ذلك فإن "تركيا وبقيادة أردوغان استثمرت في الإنتاج الثقافي الذي يسعى لإعادة إحياء الميراث الإمبريالي العثماني الذي استقبله العالم العربي برحابة أكبر، نظرا لوجود أزمة قيادة متفاقمة ومستمرة في العالم العربي حيث يفتقد ميراث الإسلام الامبريالي بشدة"، على حد وصفها.

شعبية أردوغان تكشف ضعف قادة المنطقة

لم يكن مفاجئا حصول أردوغان على نسب عالية في استطلاع الرأي الذي أجرته منظمة “الباروميتر العربي”، فهو قائد يتمتع بتاريخ سياسي ونضالي على عكس قيادات المنطقة، حسب المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو.

وأضاف رضوان أوغلو في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "هناك عدة أسباب لهذه النتيجة، أولها هو الأسلوب الخطابي القوي الذي يمتلكه أردوغان على عكس باقي قادة المنطقة خصوصا في المواقف الإسلامية، إذ إن الشعوب العربية أغلبها إسلامي وتتأثر بذلك".

وتابع "ثانيها هو موضوع الانتخابات الذي يحكم الجمهوريات الديموقراطية مثل تركيا على عكس ما هو موجود في الممالك التي تملك نظاما سياسيا مختلفا".

وأرفد أن ثالثها هو "ضعف شعبية القيادات في المنطقة العربية بسبب ضعف أدائهم السياسي وأيضا بسبب مواقف حزب العدالة والتنمية التركي وأردوغان في القضايا الإسلامية، فضلا عن أن أردوغان كسياسي يعد أقدم بكثير من الرؤساء الإقليميين المتواجدين حاليا، وغيرهم من قادة أنظمة الحكم العسكرية الذين لا يمتلكون خبرة سياسية كتلك التي يمتلكها أردوغان".

بدوره، قال الباحث المهتم بالشأن السياسي التركي، أحمد الحوري لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن "أردوغان وحزبه، استطاع لأول مرة في تاريخ تركيا، إنهاء حكم العسكر وسطوة الجنرالات، وهو ما قلص على الفور حجم الفساد في البلاد، بينما لا تزال تغرق العديد من الدول العربية في هذه الآفة".

وأوضح الحوري أن "فوز أردوغان الذي رأيناه في بعض الاستطلاعات هو حالة طبيعية تعبّر عن رغبة الشعوب العربية بالتحرر من الديكتاتوريات العسكرية وحكم الكلِبتوقراطية (حكم اللصوص), حيث ترى هذه الشعوب في أردوغان زعيم الديمقراطية والحرية الحقيقية التي تحقق النمو والازدهار المطلوب، بعد أن سئمت من الاستبداد في المنطقة، فضلا عن حساسيتها من الديمقراطية الأمريكية التي جلبت الدمار والخراب للعديد من الدول في العالم مثل العراق وأفغانسان، لذلك هي ترى في أردوغان بصيص أمل لها".

يشار إلى أن الحكومة التركية منذ تولي حزب العدالة والتنمية التركي الحكم بقيادة أردوغان عام 2002، تولي أهمية كبيرة للتقارب مع العالم العربي، وذلك عبر الترويج لمفاهيم الأمة الواحدة والتاريخ والمستقبل المشترك، فضلا عن دعم وتشجيع تعلم اللغة العربية، كما أنها تحتضن على أراضيها أكثر من 6 ملايين عربي أكثر من نصفهم من اللاجئين السوريين الذين رفضت العديد من الدول العربية استقبالهم على أراضيها، فضلا عن إلغائها للعديد من التأشيرات مع الدول العربية.

 

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات