قطاع الطاقة التركي.. فرص وآمال استثمارية واعدة (تقرير)
كتب/ إبراهيم هايل
تحولت تركيا إلى نموذج واعد عالميا في مجال الطاقة، خاصة عقب اتجاهها إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتلبية الاحتياجات المحلية، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية (النفط والغاز والفحم)، مستغلة طبيعة البلاد وموقعها الجغرافي وامتلاكها للبنية التحتية اللازمة.
الطاقة المتجددة تحقق الأمن لتركيا
تسعى تركيا وفق رؤيتها للعام 2023 للاعتماد أكثر على مصادر الطاقة البديلة، والاتجاه نحو الطاقة المتجددة لتوفير احتياجاتها من الكهرباء والطاقة، وذلك بفضل القاعدة العلمية التي تمتلكها وتراكم الإمكانات الفكرية لديها.
وفي هذا الإطار، أفاد تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، الذي صدر في مطلع نيسان/أبريل 2021، أن “إنتاج تركيا من الكهرباء بواسطة محطات الطاقة الحرارية الأرضية، بلغ 1613 ميغاوات العام الماضي”.
ولفت التقرير أن “تركيا حققت المرتبة الثالثة عالميا في إنتاج الكهرباء عبر محطات الطاقة الحرارية الأرضية، بـ 1613 ميغاوات، بعد الولايات المتحدة والفلبين على التوالي”.
وأوضح أن “إجمالي إنتاج الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية عالميا، تجاوز 14 ألف ميغاوات، في نهاية عام 2020”.
وحول أهمية الطاقة المتجددة في توفير الأمن لتركيا، قال الباحث المهتم بالشأن الاقتصادي التركي، حسن الشاغل، إن "تركيا تطورت بشكل كبير جدا خلال السنوات الـ5 الأخيرة في ما يتعلق بأمن الطاقة والذي يشمل العديد من المجالات ومن أبرزها البترول والغاز والرياح والسدود المائية والطاقة الشمسية وغيرها".
ولفت الشاغل في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "ترتيب تركيا العالمي في هذا المجال ازداد بشكل كبير، حيث عملت على زيادة الموردين وتنوعهم ولم تقتصر في واردتها على روسيا أو دولة واحدة فقط".
وتابع "كانت تركيا تنتج تقريبا نحو 25-29% من نسبة استهلاك الكهرباء في حين وصلت الآن لإنتاج نحو 45% وهي نسبة مرتفعة وليست بالقليلة، إضافة إلى إجراء عمليات البحث والتنقيب في البحر الأسود حيث توجد المناطق الاقتصادية الخالصة التابعة لتركيا بشكل واضح على عكس البحر المتوسط المتنازع عليه في الوقت الحالي مع بعض الدول وأبرزها اليونان".
وأكد الشاغل أن "اكتشاف 410 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي في البحر الأسود هو ليس اكتشافا ضخما جدا وليس قليلا أيضا"، موضحا أنه "سيفيد تركيا على المستوى بعيد الأجل إذا ما قامت بالتفاوض مع الدول الموردة لتخفيض الأسعار".
وأشار إلى أنه "في السنوات الأخيرة عملت تركيا على العديد من مشاريع الغاز خاصة مشروع (تاناب) الذي يمتد من أذربيجان مرورا بتركيا إلى الاتحاد الأوروبي والذي من شأنه أن يمد تركيا بـ6 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا".
وأرفد أنه "إضافة إلى ذلك، فإنه يوجد خط السترين التركي الذي يمد تركيا بالغاز فضلا عن بناء محطتين لتسييل الغاز المستورد لرخص أسعاره ما يعزز أمن الطاقة في تركيا".
تنافسية عالمية
قال الدكتور مختار فاتح بي ديلي، المتخصص في الشأن التركي وأوراسيا، إن "تركيا اتجهت إلى البحث عن طرق وآليات مختلفة للطاقة المحلية ولتقليل الاعتماد على استيراد الطاقة من الخارج حتى لو كان ذلك بشكل تدريجي، وصولا إلى الاكتفاء المحلي الذاتي".
وأوضح بي ديلي في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أنه "لتحقيق هذا الهدف الوطني والتحرر من الضغوط الاقتصادية والسياسية الخارجية من الدول المصدرة للطاقة بدأت تركيا عمليات للتنقيب عن النفط والغاز برا وبحرا في البحر المتوسط والبحر الأسود وبحر إيجه ضمن حدودها".
وتابع "كان لتركيا برنامج استراتيجي للتوجه نحو الطاقة البديلة، حيث تم بناء السدود الكبيرة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه، وزيادة حقول توليد الطاقة الشمسية، ونشر حقول واسعة لأعمدة توليد الطاقة من الرياح في مناطق مختلفة من البلاد، وبناء معامل لصناعة ألواح الطاقة الشمسية.
ولفت بي ديلي أن "تركيا وصلت خلال العشرين السنة الماضية إلى المركز 13 عالميا والـ6 أوروبيا في الاعتماد على الطاقة البديلة، وفي الطاقة الشمسية احتلت المركز الـ14 عالميا والـ7 أوروبيا، أما في الطاقة الجوفية فقد حلت في المركز الـ4 عالميا والـ1 أوروبيا، وكذلك في الاعتماد على الطاقة الكهرمائية تحتل تركيا المركز الـ9 عالميا والـ2 أوروبيا"، وبيّن أيضا أنه "في طاقة الرياح تحتل المرتبة الـ12 عالميا والـ7 أوروبيا".
وأشار الخبير إلى أنه "في السنوات الـ 20 الماضية، أجرت حكومة حزب العدالة والتنمية التركية إصلاحات مهمة في مجال الطاقة. ويعود الفضل في ذلك إلى جهود الحكومة بالتعاون مع الشركات التركية المحلية الخاصة، حيث خلق ذلك سوق طاقة أكثر تنافسية بين الشركات".
وأوضح أنه "أدت خصخصة مصادر توليد الطاقة، بالإضافة إلى فتح المجال أمام المستثمرين المحليين والأجانب للاستثمار في كافة مجالات الطاقة المتجددة، إلى زيادة حصة الكيانات الخاصة في قطاع توليد الكهرباء، من 32% في عام 2002 إلى 75% في عام 2017"، مشيرا إلى أن "الحكومة التركية اتجهت نحو قطاع طاقة أكثر تنافسية وذلك بتأسيس شركة مساهمة للطاقة (EXIST)، المسؤولة عن إدارة وتشغيل أسواق الطاقة والغاز".
تجدر الإشارة إلى أن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، أكد في 9 نيسان/أبريل 2021، أن "استثمارات تركيا في كفاءة الطاقة في عام 2020 بلغت 635 مليون دولار، وذلك ما ساعد على توفير 451 ألف طن من المكافئ النفطي بقيمة 158 مليون دولار".
وقال دونمز في كلمة في مؤتمر أوراسيا للتوليد المشترك، إنه "بفضل تدابير كفاءة الطاقة، وفر القطاع الصناعي 170 ألف طن من الطلب النهائي على الطاقة سنويًا بين عامي 2003 و2018".
وتخطط تركيا لاستثمار حوالي 11 مليار دولار لكفاءة الطاقة في جميع القطاعات ذات الصلة بحلول عام 2023 بما يتماشى مع خطة العمل الوطنية لكفاءة الطاقة.
وبحلول عام 2033، تتوقع تركيا توفير 30 مليار دولار بفضل هذه الاستثمارات من خلال استدعاء 55 نقطة عمل لتطوير تدابير كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات بحيث تشمل الصناعة والنقل والبناء والزراعة وتوليد الطاقة والتحول.
لا يوجد تعليقات