السياحة العلاجية في تركيا.. تكاليف أقل وريادة نحو العالمية (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

أجمع عدد من المهتمين في مجال “السياحة العلاجية” على أن تركيا ستحقق قفزات نوعية في هذا المجال، لافتين إلى الإقبال الكبير على السياحة الطبية في تركيا نظرا للفارق الكبير في تكاليف تلك السياحة بين تركيا وغيرها من دول أوروبا أو حتى أمريكا، وهذا ما يميز نجاح هذا القطاع في تركيا.

وأصبحت تركيا الوجهة المفضلة السياحية المفضلة لهذا النوع من السياحة حيث يقصدها عشرات الملايين من السياح سنويا، قسم كبير منهم يأتي لهذا الغرض، وذلك لوجود أسباب عديدة، بينها انخفاض التكاليف والجودة العالية للعلاجات الطبية.

تشجيع حكومي لافت

تقسم السياحة العلاجية في تركيا إلى 3 أجزاء رئيسية هي:

  • السياحة الطبية: ويتركز هذا النوع من السياحة على الرعاية الطبية التي تقدمها المراكز والمستشفيات، المزوّدة بأحدث التقنيات والتكنولوجيا والمعدات المتخصصة في علاج الأمراض المزمنة والحرجة وكافة العمليات الجراحية.
  • السياحة الاستشفائية في المياه والينابيع الطبيعية :تعتمد هذه السياحة العلاجية على المصادر الينابيع الطبيعية في الحصول على العلاج من الآلام المزمنة والأمراض الجلدية، من خلال زيارة المريض إلى أحد الأماكن السياحية الغنية بالمياه المعدنية أو الكبريتية، والشواطئ الرملية التي تساعد في معالجة تقرّحات الجلد، وهي منتشرة في تركيا.
  • سياحة كبار السن والمعوقين: توفر الخدمات الاجتماعية الطويلة الأمد لرعاية مرافق المسنين أو إعادة تأهيل المرافق في المناطق الطبيعية.

وأولت تركيا اهتماما متزايدا بهذا النوع من السياحة، وذلك عبر تنظيم سير عمل السياحة العلاجية ومنح شهادات معتمدة للمستشفيات المتمرّسة بهذا العمل.

وكذلك فإن حظر التجوال الذي فرضته الحكومة التركية بهدف التحضير للموسم السياحي للعام 2021، كان من أبرز أهداف تركيا لجذب السياح خاصة أولئك الراغبين منهم بالسياحة العلاجية.

وفي هذا الصدد، قال المدير العام لمؤسسة "ريهابتورك" للرعاية الصحية، عبد الكريم معرستاوي، إنه "في الفترة الأخيرة عندما وصلت أعداد الإصابات بفيروس (كورونا) في تركيا إلى أرقام غير مسبوقة، لمسنا انخفاضا نسبيا في حجوزات السفر لقصد العلاج بعد فترة انتعاش نسبية".

وتابع معرستاوي في حديث مع صحيفة "نافذة اقتصادية"، "يرجع هذا السبب بالدرجة الأولى إلى الخوف المشروع من قبل المرضى الراغبين بالسفر إلى تركيا للعلاج، خاصة أنهم يعانون أساسا من مشاكل صحية مختلفة"، لافتا أن "القرار الذي اتخذته الحكومة التركية لغرض الإغلاق كان ضروريا وحكيما من ناحية التوقيت والمدة، وسرعان ما شهدنا نتائجه الإيجابية على أرض الواقع".

وأرفد "نتوقع في حال استمر عدد المصابين بالانخفاض أن نشهد عودة الزخم للسياحة العلاجية في تركيا، وأن تعود أرقام الحجوزات إلى طبيعتها قبل الجائحة"، وواصل "بل من المتوقع أن تشهد ارتفاعا كبيرا عما كان عليه قبل الجائحة حيث ظهرت قوة تركيا في مجال الرعاية الصحية سواء من حيث التجهيزات والبنية التحتية أو من ناحية خبرة الكوادر الطبية وأعدادها الكبيرة".

ريادة نحو العالمية

تحتل تركيا المركز الثالث عالميا في قطاع السياحة العلاجية، وقد حققت تقدما ملحوظًا في هذا القطاع خلال العام الماضي 2020 على الرغم من جائحة “كورونا”، حيث استقبلت أكثر من مليون و300 ألف سائح، بينما كانت عام 2019 قد استقبلت 700 ألف سائح فقط.

ويقصد تركيا مئات الآلاف من السياح سنويا لهذا النوع من السياحة، إذ لم تقف أزمة “كورونا” التي اجتاحت كافة دول العالم ومن بينها تركيا، عائقا في وجه الاهتمام التركي بها، بل شكل نجاح القطاع الصحي التركي في احتواء أزمة “كورونا”، عاملا محفزا لاستمرار قطاع “السياحة العلاجية” بالزخم الذي كان عليه قبل الأزمة، وفق الدكتور مختار فاتح بيديلي.

وأضاف بيديلي الذي يعمل مدير قسم مرضى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، في مستشفى "ميديكال بارك" بجامعة إزمير للاقتصاد، أن "السياحة العلاجية في تركيا باستقطابها ملايين السياح سنويا استطاعت أن تكوّن لنفسها مكانة مرموقة في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم"، لافتا أن "تركيا تحتل الآن المرتبة الثالثة في القائمة العالمية للسياحة الطبية من حيث العدد والإيرادات التي تولدها من السياحة الطبية، بعد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، حيث تطورت وارتفعت خلال الأعوام العشرة الماضية”.

ويعمل في قطاع السياحة الطبية، حسب فاتح بيديلي، نحو أكثر من مليوني مواطن تركي، وتطورت إلى حد الاكتفاء الذاتي بإنتاج كافة اللوازم الطبية، من الأجهزة الطبية والأدوية، وبروزها في كافة المجالات الطبية مثل نقل وزراعة الأعضاء، زراعة نخاع العظام، العقم وزراعة أطفال الأنابيب، العمليات الجراحية لأمراض السرطانات، الجراحة التجميلية، جراحة العيون، جراحة القلب، واستخدامها تقنية الروبوت في الجراحة الخطيرة والصعبة.

وأشار إلى أن “تركيا تطمح لتبوّء المركز الأول عالميا في السياحة الطبية، بعدما أنجزت نشاطات تعريفية في مجال السياحة الطبية حول العالم، لتستقطب مليوني سائح، ضمن خطة وضعتها تركيا لاستراتيجية السياحة عام 2023".

وأضاف أن “أغلب المستشفيات والمنشآت المتخصصة في السياحة العلاجية في تركيا، على اعتمادات محلية ودولية مثل اعتماد اللجنة الدولية المشتركة JCI واللجنة المشتركة لاعتماد منظمات الخدمات الصحية JACHO وكذلك المنظمة الدولية لمعايير البحوث ISO”.

الجدير بالذكر أن مجلة فوربس الأمريكية توقعت في تقرير مطوّل العام الماضي، أن يشهد قطاع السياحة العلاجية في تركيا، أكبر أداء للنمو على مستوى السنوات الخمس القادمة. واصفة تركيا بأنها “الجنة الجديدة لأثرياء العالم”.

وتؤكد العديد من المصادر المهتمة بقطاع السياحة العلاجية أن إنشاء المدن الطبية الكبيرة بتوجيهات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ستساهم بشكل كبير في إنعاش السياحة الطبية.

واتخذت تركيا عددا من الإجراءات في قطاع السياحة، للوقاية من فيروس “كورونا”، وتحقيق أفضل شرط لاستقبال الزوار من خارج البلاد للقيام بسياحة آمنة ومريحة.

وتتلخص الإجراءات التي قامت بها الحكومة التركية بـ3 مناح رئيسية، هي: برنامج شهادة السياحة الآمنة، وتأمين “كورونا”، وتطبيقات اختبار PCR للكشف عن الفيروس.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات