مساعٍ لزيادة إنتاج الطاقة في تركيا.. فما هي الأسباب والتوقعات؟

تسعى تركيا إلى زيادة إنتاجها من الطاقة، خاصة أن ميزانيتها تعاني من عجز مزمن بسبب تدني نسب الاكتفاء الذاتي من موارد الطاقة، والتي تصل لحوالي 5 في المئة للنفط و1 في المئة للغاز الطبيعي و47 في المئة للفحم، ما يتطلب استيراد كميات كبيرة من الوقود لتغطية استهلاك نحو 81 مليون فرد من السكان، بخلاف المهاجرين والسياح الواصلين لتركيا.

ويعتبر إنتاج تركيا من النفط والغاز ضئيلا عند مقارنته بجيرانها الثريين بالموارد الطبيعية مثل روسيا وأذربيجان وإيران والعراق، إلا أن موقعها الجغرافي الذي يتوسط أوروبا وروسيا والشرق الأوسط، يمنحها أهمية استراتيجية في أن تصبح مركزًا للطاقة بين الإمداد الشرقي للنفط والغاز الطبيعي والطلب الغربي عليهما.

ومع ذلك، من الصعب القول إن البلاد قد وصلت إلى إمكاناتها من حيث الجمع بين العرض والطلب.

لذا تعمل الحكومة على استراتيجيات مختلفة لتعزيز إنتاج النفط والغاز المحلي لسنوات عديدة. وبناءً على ذلك ، فقد وضعت وزارة الطاقة والموارد الطبيعية والموارد الطبيعية استراتيجية ذات شقين لمعالجة هذه المشكلة، تتمثل الخطوة الأولى في تعظيم الاستخراج من حقول النفط الحالية باستخدام طرق غير تقليدية.

وجاءت استثمارات قطاع الطاقة في المرتبة الثالثة بعد قطاع النقل والاتصالات والتعليم، بنسبة 12.2 بالمئة من إجمالي قيمة موازنة البلاد لعام 2021.

كما تعمل تركيا على إحلال موارد بديلة منها الطاقة الاعتيادية والغير متجددة من خلال تكثيف الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات التركية في مجال الطاقة المتجددة، في العام الماضي، 7 مليارات دولار، مع زيادة السعة الإنتاجية بنحو 4 آلاف و800 ميغا واط.

اكتشافات تعزيزية
اكتشفت تركيا 405 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي في بئر تونا والذي يعد أكبر حقل نفط في البحر الأسود، وذلك خلال عام 2020.

ومن المقرر أن يقلل احتياطي الغاز الطبيعي التركي المكتشف بشكل كبير من عجز الحساب الجاري للبلاد بسبب واردات الطاقة وتقوية يدها في الصفقات التجارية المستقبلية ، مما يضع أنقرة في وضع أفضل بكثير، خاصة وأن البلاد تستهلك سنويا نحو 50 مليار متر مكعب.

كما أنه سيتم إطلاق سوق العقود الآجلة للغاز الطبيعي (VGP) للسماح بشراء الغاز الطبيعي وبيعه عبر العقود الآجلة، مما يسمح للمتداولين العاملين في تبادل الغاز الطبيعي بشراء وبيع غاز البحر الأسود المكتشف حديثًا. قد يكون لهذا أيضًا تأثير إيجابي على الأسعار .

وفي تصريح لوزير الطاقة والموارد الطبيعية، فاتح دونمز، أكد إن سوق العقود الآجلة للغاز الطبيعي، الذي سيساهم بشكل كبير في الأنشطة التجارية، سيتم افتتاحه خلال العام الجاري في بورصة الطاقة بإسطنبول.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أبرمت شركة Gazprom Export الروسية الصفقة الأولى لمبيعات فورية للغاز الطبيعي إلى السوق التركية من خلال منصة المبيعات الإلكترونية الخاصة بها.

ويرى المسؤولون إنه تطورًا مهما، مؤكدين أن هدف تركيا في أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا يتحرك بسرعة نحو التحقيق.

من جانبه قال الخبير الاقتصاد عدنان إبراهيم، لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن الغاز ما هو إلا بداية لسلسلة من المتغيرات التي ستجلب العديد من المزايا الاستراتيجية، معتبرا أن هذا الاكتشاف يعد بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في البلاد.

وتشير التقديرات إلى أن الكمية الاحتياطية التي سيتم حفرها من المنطقة يمكن أن تصل إلى 5 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعادل حوالي 10 بالمئة من استهلاك الغاز الطبيعي السنوي في البلاد.

وتوقع إبراهيم، أن تنخفض كمية الغاز المستورد المرتبط بالنفط وأن تنخفض أسعاره أيضا، مشيرا إلى أن اكتشاف مزيد من الغاز الطبيعي سيمكن البلاد من إنتاج كهرباء أرخص من أوروبا وبالتالي يمكنها توزيع غاز أرخص في الأسواق.

وتابع: "عندما يستخدم المصنعين كهرباء أرخص، فإن هذا يؤدي تلقائيًا إلى زيادة إمكاناتهم التصديرية"، مؤكدا أن هذه هي الخطوة الأولى في عملية من شأنها تسريع تجارة الكهرباء والغاز الطبيعي.

بينما نجحت تركيا في إنتاج النفط من آبار مغلقة تم ردمها سابقا بحجة أنها لا تحتوي على نفط، وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه تم اكتشاف نفط بالفعل في ثلاثة منها، ليتجاوز بذلك إنتاج شركة النفط التركية 61 ألف برميل يوميا خلال العام الجاري.

أهداف 2023
وتولي تركيا أهمية خاصة للسياسات المتعلقة بالطاقة المحلية والمتجددة ضمن أهداف 2023، ويعد الفحم المحلي والطاقة المتجددة والطاقة النووية وأعمال الحفر والتنقيب ومشاريع خط أنابيب الغاز من العناوين التي تصدرت مجال الطاقة في الفترة الأخيرة.

وتستمر الجهود لرفع احتياطي الفحم الحجري من 19 مليار طن في الوقت الحالي لما فوق 20 مليار طن، إضافة إلى ذلك تستمر أعمال البحث عن الغاز الطبيعي والبترول عبر التنقيب في إجمالي 26 موقعا بحريا حتى العام 2023.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، إن بلاده تهدف إلى رفع إنتاجها من النفط إلى 100 ألف برميل يوميا بحلول 2023.

ولفت دونماز إلى أن تركيا زادت إنتاجها من النفط بمقدار 6800 برميل يوميا في الشهر الأخير، عبر الاكتشافات الجديدة سواء في جنوب شرقي البلاد أو في منطقة تراقيا (شمال غرب).

وتخطط تركيا لزيادة الحصة المستخدمة من مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة الكهربية لمستوي 40 بالمئة على الأقل.

أما عن الطاقة النووية التي يُعتقد أنها ستكون مصدرا مفيدا بالنسبة للطاقة الاستيعابية، فمن المعروف أنه من المستهدف أن تدخل الوحدة الأولي من محطة "أقْ قُوْيُو" للطاقة النووية- التي تم وضع حجر الأساس لها في 2018- الخدمة عام 2023.

وفيما يتعلق بمحطة سينوب للطاقة النووية فما زالت الجهود مستمرة لإدخالها الخدمة عام 2025، وإضافة إلى ذلك تستمر دراسات الجدوى لإنشاء محطة نووية ثالثة، وهكذا ستقطع تركيا مسافة مهمة لرفع أمان المعروض من الطاقة عبر توسيع خياراتها في مجال الطاقة.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات