تركيا.. "كورونا" تبرز للعالم قوة القطاع الصحي في البلاد (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

بينما شلت جائحة "كورونا" القطاع الصحي في مختلف دول العالم خلال العامين الماضيين، ساهمت الاستثمارات التي نفذتها تركيا في هذا القطاع، في نجاحه بالتصدي للوباء، ليتبين أن أهمية هذا القطاع تأتي في المقام الأول إلى جانب أهمية الاقتصاد أو الجوانب العسكرية والأمنية.

منذ بدء أزمة "كورونا" عند تسجيل أول حالة إصابة بالفيروس، في آذار/مارس 2020، استنفرت تركيا كافة قدراتها ومواردها من فرق طبية ومهندسين وخبراء، وذلك سواء لتصنيع أجهزة الكشف السريعة والدقيقة عن الفيروس، أو حتى أجهزة الاختبارات والتحاليل السريعة أيضا، وصولا إلى تصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي، وليس انتهاء بالجهود التي يبذلها العلماء خلف الكواليس من أجل الوصول إلى اللقاح.

قفزات نوعية على المستوى العالمي

مع الأشهر الأولى للوباء جرى افتتاح نحو 18 مدينة طبية، والعديد من المستشفيات التخصصية بغرض توفير أفضل الخدمات الصحية للمواطنين. وتم خلال تلك المرحلة، توفير خدمات شاملة وقدرات متطورة وقدرة استيعابية كبيرة، ساهمت في مكافحة الوباء.

كذلك، فمنذ أن استلمت حكومة العدالة والتنمية الحكم قامت بالتركيز على الوضع الاقتصادي للبلاد والبنية التحتية فيها التي لا تنفك عن البنية الفوقية، فحققت الحكومة التركية منذ 2002 قفزات نوعية في هذا الصدد، ودخلت قائمة مجموعة دول العشرين، وتحول اقتصادها من اقتصاد دولة ترتيبها 84 عالميا إلى الـ16، وذلك بحسب الدكتور المقيم في تركيا منذ سنوات، هيثم بدرخان.

 

ويضيف بدرخان لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أنه "انطلاقا من مبدأ العقل السليم في الجسم السليم، كان القطاع الصحي من أهم ما ركزت عليه الحكومة التركية، حيث أولت اهتماما خاصا للتأمين الصحي الشامل، وبناء المستشفيات وتحفيز الصناعة والأجهزة الطبية، فضلا عن تعزيز الكوادر الطبية".

ولفت أن "تركيا اليوم، أصبحت ملاذا لعدد كبير من الأجانب الذين يأتون من أجل العلاج فيها خاصة في مجال أمراض القلب والجراحة القلبية، بالإضافة إلى مجال التجميل والأسنان وجراحة الأنف وزراعة الشعر".

وتابع "وكان التطور العلمي واضحا في بناء المشافي أثناء جائحة (كورونا) حيث كانت قادرة على استيعاب المرضى عندما وصلت درجة الإصابات الأخيرة إلى ذروتها لتصل 64 ألف إصابة يوميا إلى أن انخفضت لأقل من 8 آلاف".

وأشار بدرخان إلى أن "تركيا تعمل كذلك على إنتاج لقاحها الخاص، بالرغم من الوضع الاقتصادي السيء الذي رافق الوباء"، موضحا أنه "على الرغم من ذلك كانت الحكومة التركية سندا لمواطنيها عبر تقديم حزم الدعم والرواتب للتجار ومنخفضي الدخل".

ونوّه بدرخان أن "تركيا أدارت الأزمة بشكل جيد بل كانت نموذجا يحتذى به من قبل دول العالم، وساهمت في تقديم الأجهزة الطبية والكمامات وأجهزة التنفس واللقاحات للعديد من الدول حول العالم".

واقع القطاع الصحي التركي

تمتلك تركيا بنية تحتية قوية، خاصة في المجال الصحي، إضافة إلى عدد كبير من المستشفيات التي تم افتتاحها خلال فترة وباء “كورونا”، وبحسب معطيات وزارة الصحة، يبلغ عدد العاملين في القطاع الصحي قرابة مليون و100 ألف شخص.

وتعليقا على واقع القطاع الصحي في تركيا، قال مدير مؤسسة “رهابترك” لخدمات الرعاية الصحية، عبد الكريم معرستاوي لصحيفة "نافذة اقتصادية”، إن “أداء القطاع الصحي في تركيا منذ بدء هذه الأزمة حتى الآن مبهر، وهذا اتضح من خلال نسبة الوفيات مقارنة بعدد السكان، بغض النظر عن أعداد المصابين الحقيقية"، لافتا أن "هذه النسبة تبلغ نحو 15 حالة وفاة لكل مليون نسمة، وتعد أقل من نسب بلدان معروفة بقوة الخدمات الصحية متل كندا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة".

وأضاف معرستاوي أن “السبب يعود بالدرجة الأولى للإعداد الجيد للكوادر الطبية، بالإضافة إلى أن الأزمة على الرغم من أنها أزمة صحية، إلا أن الدولة بكل قطاعاتها تتحرك بتناغم لتفادي أعداد وفيات وإصابات كبيرة، بالإضافة إلى أن الوعي الشعبي والثقة في قرارات الحكومة لها دور كبير في هذه النتيجة”.

ولفت أن "تركيا تنتمي لفئة الدول التي استجابت للأزمة بسرعة، من خلال الاختبارات، وتعقّب المصابين، وعزلهم، وفرض قيود على الحركة"، مشيرا إلى أن "مجموعة صغيرة من الدول التي اتخذت إجراءات فعالة للغاية للحدّ من انتشار الفيروس".

وفي 21 أيار/مايو 2021، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا قدمت أجهزة ومعدات طبية مختلفة محلية الصنع إلى 158 دولة و12 منظمة دولية.

فيما أرسلت تركيا، في 25 من الشهر نفسه، وبتوجيهات من أردوغان، طائرتي مساعدات طبية إلى الهند التي تسجل مؤخرا أرقاما قياسية في الإصابات بفيروس “كورونا”.

وفي 22 من الشهر ذاته، كشف موقع “Durworldindata.org” لتجميع بيانات لقاح فيروس “كورونا” حول العالم، ترتيب تركيا العالمي في تلقيح مواطنيها ضد فيروس “كورونا”.

وبحسب بيانات الموقع، فإنه “تم إعطاء أكثر من مليار و600 مليون جرعة لقاح ضد فيروس (كورونا) في جميع أنحاء العالم، بما فيها تركيا، التي أعطت 27 مليونًا و730 ألفًا و841 جرعة، واحتلت بذلك المرتبة التاسعة عالميا بعدد جرعات اللقاح”.

وتتواصل حملة التلقيح الوطنية التركية، إذ أعلنت وزارة الصحة التركية، في 2 حزيران/يونيو 2021، أن عدد الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس (كورونا)، وصل إلى 16.831.997 شخص، فيما بلغ عدد الذين تلقوا الجرعة الثانية 12.671.004 شخصا، بمجموع بلغ أكثر من 29 مليونا و503 آلاف جرعة لقاح.

وفي 17 نيسان/أبريل 2021، أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى وارنك، تطوعه لأخذ الجرعة الأولى من اللقاح الوطني التركي، محلي الصنع، المضاد لفيروس “كورونا”، المعروف باسم VLP، وذلك في العاصمة التركية أنقرة.

وقال وارنك “تلقيت اليوم الجرعة الأولى من لقاح VLP، المضاد لفيروس (كورونا)”، لافتا إلى أن “طريقة تصنيع اللقاح التركي تعتبر واحدة من أكثر طرق اللقاح ابتكارًا في العالم”.

وتابع أن “التجارب البشرية لتلقي اللقاح بدأت في آذار/مارس الماضي بتطوع 36 شخصا، واليوم أصبحنا 38 شخصا بعد أن تطوعت إلى جانب رئيس TÜBİTAK (مجلس البحث العلمي والتكنولوجي في تركيا)، حسن ماندال، لأخذ اللقاح أيضا”.

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات