أرقام قياسية.. ما السر وراء ارتفاع الصادرات التركية في مايو الماضي (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

يوما بعد يوم، تحقق الصادرات التركية إلى دول العالم أرقاما قياسية من حيث الكم والكيف، حيث يعتبر هذا القطاع من قطاعات الاقتصاد التركي الآخذة بالنمو والتطور، خاصة مع الأشهر الأولى من عام 2021، التي بدأت تشهد فيها تركيا انحسارا لتداعيات وباء "كورونا" على الاقتصاد المحلي والعالمي.

وقد تأثر هذا القطاع بعدة عوامل إيجابية، وذلك بفضل العديد من الميزات والتسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية، وكان من نتائجه أن حقق أرقاما قياسية خلال شهر أيار/مايو 2021.

أرقام قياسية تحققها صادرات مايو 2021

ارتفعت الصادرات التركية في أيار/مايو الماضي بنسبة 65.5%، مقارنة بالشهر نفسه من العام المنصرم.

وقال وزير التجارة التركي محمد موش، في مؤتمر صحفي إن "صادرات شهر مايو 2021 نمت بنسبة 65% مقارنة بالشهر نفسه من العام المنصرم محققة 16.5 مليار دولار".

وأوضح أن "الصادرات التركية حققت في مايو ثاني أعلى قيمة على مستوى الشهر الخامس في جميع السنوات".

وأشار إلى ارتفاع الواردات بنسبة 54 بالمئة في مايو المنصرم، مقارنة بالشهر نفسه من 2020، محققة 20.6 مليار دولار.

وكشف موش أن صادرات تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي ارتفعت 71.1% في مايو الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من 2020، محققة 6.8 مليارات دولار.

وبيّن أن الصادرات التركية في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، ارتفعت بنسبة 38.3 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

ولفت إلى أن صادرات الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، بلغت 85.2 مليار دولار.

مزايا تتيحها الأسواق التركية

في حديث مع صحيفة "نافذة اقتصادية"، قال أستاذ القانون والعلوم الإدارية والمالية، الدكتور محمد سهيل الدروبي، إنه "من الطبيعي أن تكون لزيادة الصادرات أهمية إيجابية كبرى على الاقتصاد التركي، فالصادرات تعد مصدرا رئيسا للعملات الأجنبية الواردة إلى تركيا إلى جانب السياحة والاستثمار المباشر، كما أن تأثيرها يكون واضحا على ميزان المدفوعات فينخفض العجز إن وجد أو يزيد الفائض".

وأوضح الدروبي أنه "من جهة أخرى، سيؤدي ذلك إلى تحسن سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الأخرى وبالتالي إلى خفض معدلات التضخم"، لافتا أنه "كان لحجم الصادرات دائما دور رئيسي في تطوير وتفوق الاقتصاد التركي واستمراره في التحسن".

وأشار الدروبي إلى أن "تركيا تحاول دائما دعم الصادرات وزيادتها، خاصة أنها تتمتع بالعديد من الإمكانيات والمزايا التي تجعل من زيادة الصادرات أمرا ممكنا، كالموقع الجغرافي الممتد على قارتين والذي يتوسط في الواقع الحركة والتبادل التجاري بين ثلاث قارات وعدة دول بثقافات واقتصاديات مختلفة، من الممكن لتركيا أن تقرب بينها، خاصة أن تركيا نفسها تتضمن عددا من الأعراق والثقافات المتآلفة والمتجانسة إلى حد بعيد".

كما لفت إلى أنه "من الأمور المميزة في قطاع الصادرات التركية أن معظم المنتجات التي تصدر تتضمن قيمة مضافة عالية وبالتالي تحقق عائدا جيدا للاقتصاد".

كذلك، اقترح الدروبي تصورا لزيادة الصادرات التركية، من خلال استخدام إمكانيات ووسائل متوفرة، لا يتم استخدامها بمستوى جيد في مجال دعم هذا القطاع، على حد تعبيره، وهي:

  • تطوير عمليات وأعمال التأمين على الصادرات وتوسعة نشاطها وتعريف المصدرين بها وبفعالياتها.
  • تطوير أعمال البنوك، خاصة التشاركية منها في مجال دعم الصادرات وتمويلها بوسائل وأدوات غير مكلفة وفعالة.
  • استغلال وجود عدد كبير من السوريين خاصة والجنسيات الأخرى المقيمة في تركيا، والذين يتمتعون بمزايا مهمة في مجال تطوير الصادرات التركية وترويجها عالميا، من خلال إتقانهم للّغات الأجنبية وخبراتهم في الأسواق الخارجية.

مشاريع البنية التحتية في خدمة الصادرات

كرست حكومة العدالة والتنمية التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، قسما كبيرا من ميزانيتها لبناء مشاريع البنية التحتية، وذلك عبر شق الطرق الدولية وحفر الأنفاق وبناء المطارات والموانئ وغيرها من المرافق التي تشكل قاعدة ضرورية لتسهيل مهمة التصدير إلى دول العالم.

ففي 4 حزيران/يونيو 2021، افتتح أردوغان في ولاية زونغولداق شمال غربي تركيا، ميناء “فيليوس”، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية في المرحلة الأولى 5 ملايين طن سنويا، على أن تصل في المرحلة الثانية إلى 25 مليونا.

ويعد الميناء من بين المشاريع التي تفخر بها تركيا، وسيكون أحد المراكز الجديدة للتجارة البحرية في المنطقة، إضافة إلى أنه سيكون مقصدا جديدا للسفن ذات الحمولات الكبيرة، بطاقة استيعابية سنوية تصل لـ 25 مليون طن عند اكتماله بشكل تام.

وفي 2 من الشهر ذاته، قال أردوغان، إنه سيتم وضع حجر الأساس لأولى جسور مشروع "قناة إسطنبول" أواخر شهر يونيو/ حزيران الجاري، وذلك في إشارة للبدء بشكل عملي بمشروع شق القناة وما يرافقها من موانئ وبنى تحتية من شأنها أن تسهل عملية التصدير.

كما أن الهدف الأساسي من شق "قناة إسطنبول" المائية الواقعة في الجانب الأوروبي من المدينة، هو تخفيف الخناق على مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي تحول إلى أحد أكثر المضائق البحرية حساسية بالنسبة لسفن شحن البضائع، نتيجة الازدحام المروري الحاصل فيه.

وكان قد سبق ذلك، العشرات من مشاريع شق الطرق وبناء الجسور والأنفاق، والسدود ومحطات توليد الكهرباء وتهيئة كل موارد الدولة التركية لتكون طوعا لدعم قطاع الصادرات التركي.

أسواق عالمية

بلغت صادرت تركيا في الربع الأول من العام الحالي 50 مليارا و23 مليون دولار، وبذلك سجلت زيادة بنسبة 17.2%.

وبحسب العديد من المراقبين والمسؤولين في تركيا، فإن هذا النجاح هو نتاج لدعم حكومي لقطاع التصدير والإنتاج في البلاد، وخطة إدارية محكمة تعاملت مع أزمة "كورونا" بكل احترافية.

كذلك يرى مراقبون أن "تركيا أثبتت للعالم تفوقها الكبير في مجال الصادرات وقدرة منتجيها المحليين على المحافظة على خطوط الإمداد لمدخلات الصناعة في الأوقات الصعبة".

ونهاية العام الماضي، أشاد كبير الاقتصاديين الإقليميين في البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، روجر كيلي، بالإصلاحات الاقتصادية واستقرار سعر صرف الليرة التركية، مؤكدا أن ذلك سيجعل تركيا تأخذ مكانة مميزة في جذب المستثمرين.

 

وتعد دول الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأمريكا، فضلا عن أغلب الدول العربية والإسلامية، أهم وجهات صادرات تركيا خلال الأعوام القليلة الماضية.

فيما تأتي الحبوب والبقوليات، والمفروشات، والمواد الخام والمصنعة، والسيارات، والصناعات الدفاعية، في قائمة الصادرات التركية إلى دول العالم.

 

 

 

 

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات