تركيا.. اكتشافات متتالية للغاز الطبيعي في البحر الأسود تمنح الاقتصاد مزيدا من الحرية (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

لا يتوقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن زف "البشائر السارة" للشعب التركي فيما يتعلق باكتشافات الغاز الطبيعي في البحر الأسود، فقد أعلن في 4 حزيران/يونيو الجاري، عن اكتشاف جديد يقدر بـ135 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي قبالة سواحل ولاية زنغولداق شمال غربي تركيا، لافتا أن أعمال التنقيب في باقي الآبار ما تزال مستمرة.

أهمية الاكتشافات الجديدة

في 7 حزيران/يوينو 2021، أفاد تقرير لشركة "وود ماكنزي" للدراسات والاستشارات، أن اكتشافات تركيا الأخيرة من الغاز الطبيعي، تكفي لسد حاجة البلاد من الطاقة لمدة 12 عاماً.

وتوقع التقرير الذي أعدّته اشلي شيرمان، كبيرة الباحثين لدى "وود ماكنزي" (مقرها اسكتلندا)، أن تكتشف تركيا كميات إضافية من الغاز الطبيعي خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف أن اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة تعزز من قوة تركيا خلال مفاوضات توريد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب مع كل من روسيا وإيران وأذربيجان.

وأكد خبراء أن اكتشافات الغاز في البحر الأسود ستجعل أنقرة أكثر قوة على المستوى الاقتصادي، وستمنحها مزيدا من الحرية في حركتها السياسية الخارجية.

فمع اكتشاف هذه الاحتياطات سيصبح الموقف التركي أقل تعرضا للضغوطات الروسية النابعة من سيطرتها على موارد الطاقة الأساسية لتركيا.

من جهته، أشار ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى أن الحدث، الذي تفوق أهميته هذه الحقول، هو قدرة تركيا على القيام بمثل هذه العمليات في البحر الأسود بإمكانياتها الذاتية فقط.

تحقيق الأمن في مجال الطاقة

البروفيسور علي بلقانلي، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة إسطنبول التركية، قال لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن "تركيا مقبلة على مرحلة جديدة بالاعتماد على النفس في مجال سوق الطاقة العالمي، خاصة أن الاكتشافات مرشحة للزيادة خلال الأيام أو الأشهر المقبلة".

وأشار بلقانلي إلى أن "الاكتشافات الأخيرة سيكون تأثيرها واضح على الاقتصاد التركي خلال فترة وجيزة من بدء الإنتاج الفعلي، وستنعكس إيجابا على الميزان التجاري التركي".

وأوضح أن "تركيا خلال فترة وجيزة استطاعت أن تثبت نفسها على المستوى العالمي في مجال الطاقة، خاصة أن الاكتشافات الأخيرة تمت بإمكانيات وطنية بحتة دون الارتهان للشركات الأجنبية"، مضيفا أن "الغاز الطبيعي المكتشف يمتاز بجودته التي ستنعكس بشكل إيجابي على تكلفة استخراجه".

من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن “تركيا تعمل ليل نهار من أجل الاستفادة من احتياطي الغاز الطبيعي المكتشف واستخدامه بحلول العام 2023”، مشددا أنه "لن نتوقف أو نرتاح حتى نكون دولة مصدرة للطاقة".

أرقام الاحتياطيات المكتشفة وتأثيراتها

يرى العديد من الخبراء أن الاحتياطيات الجديدة المكتشفة ستساهم في خفض فاتورة الطاقة وتدفع تركيا إلى مراجعة عقود توريد الغاز مع العديد من الدول المورّدة، فضلا عن أنها ستكون ورقة رابحة بيد تركيا تجعلها قادرة على إبرام عقود جديدة بشرط أفضل.

وفي هذا الشأن، قال الباحث المهتم بالشأن التركي، أحمد الحوري، في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إن "سوق الغاز الطبيعي المسال يشهد العديد من التطورات على المستوى العالمي، فضلا عن التداعيات التي تسبب بها فيروس (كورونا) على الاقتصاد العالمي".

وأضاف الحوري أن "توقيت الاكتشافات الجديدة يعتبر مثاليا بالنسبة لتركيا، لأن 25% من عقود الغاز طويلة الأجل لتركيا تنتهي نهاية العام الجاري 2021، وهو ما يتيح لتركيا توقيع صفقات جديدة بشروط أفضل".

ولفت أن "العقود طويلة الأجل التي أبرمتها تركيا مع شركة (غازبروم) الروسية، والتي تغطي 8 مليارات متر مكعب من واردات الغاز، ستنتهي نهاية العام الجاري، إضافة لانتهاء اتفاقية مع أذربيجان لتوريد 6.6 مليارات متر مكعب من الغاز، وأخرى مع نيجيريا تغطي 1.3 مليار متر مكعب".

في سياق متصل، قال وزير الطاقة والموارد التركي، فاتح دونماز، في تصريحات صحفية إنه من المتوقع أن تُكتشف في أقرب وقت آبار وحقول جديدة في منطقة حقل الغاز المكتشف، لافتا إلى أن بلاده تواصل العمل في مناطق الاكتشافات التي حصلت، وأنهم سيواصلون "أعمال التنقيب والمسح بإمكانيات محلية، كما سيُنشأ خط أنابيب لنقل الغاز".

أما رئيس الاتحاد التركي لموزعي الغاز الطبيعي، يشار أرسلان، فقد قال إن الاكتشاف الجديد والبالغ 135 مليار متر مربع لن يكون الأخير. مشيرا إلى أن الاحتياطي الحالي سيرتفع مع استمرار أنشطة التنقيب والحفر لسفن الأبحاث الزلزالية في المنطقة، وستشهد الأشهر المقبلة اكتشافات جديدة للموارد في البحر الأسود.

وبلغ إجمالي احتياطي الغاز المكتشف في المنطقة 540 مليار متر مكعب، مع الاكتشاف الجديد حسبما أعلن الرئيس أردوغان.

وكانت تركيا اكتشفت العام الماضي وجود نحو 405 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي في البئر "تونا-1" القريبة من "أماسرا-1″، وهو أكبر اكتشاف غاز في البحر الأسود حتى الآن.

وتتوقع تركيا أن يكون أول تدفق للغاز من حقل سكاريا في 2023، ووفق "بلومبيرغ"، فإن من المتوقع أن يوفر حقل سكاريا ما يصل إلى 30% من الغاز الذي يتطلبه اقتصاد تركيا.

وتستورد أنقرة حاليا ما يقارب 50 مليار متر مكعب من الغاز الذي تستهلكه سنويا، ويتوقع المسؤولون أن يعزز الإنتاج المحلي الطلب على الغاز في البلاد بنسبة 60%، ليصل إلى 80 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2030.

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات