اكتشافات الذهب في تركيا.. رافد اقتصادي جديد واستقلالية سياسية (تقرير)

كتب/ إبراهيم هايل

في 10 حزيران/يونيو الجاري، أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى ورانك، اكتشاف كميات كبيرة من الذهب والفضة، تتجاوز قيمتها مليار و200 مليون دولار، وذلك في ولاية آغري شرقي تركيا.

وأوضح ورانك أنه “نتيجة لجهود البحث الطويلة في موللاكارا التركية، تم اكتشاف على 20 طنا من الذهب بقيمة 1.2 مليار دولار، فضلا عن 3.5 أطنان من الفضة بقيمة 2.8 مليون دولار”.

ويأتي هذا الاكتشاف لما توليه وزارة الطاقة والموارد الطبيعية في تركيا من أهمية كبرى لقطاع التعدين واستخراج وإنتاج الذهب، وهو ما تم إثباته خلال الفترة الماضية من خلال الكشوفات وأعمال التنقيب عن الطاقة في البحرين الأسود والمتوسط.

رفد الاقتصاد التركي بموارد جديدة

يرى العديد من الاقتصاديين أن من شأن الاكتشاف الجديد رفد الاقتصاد التركي بموارد دخل جديدة من جهة، وتشجيع الشركات المحلية إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية إلى هذا القطاع من جهة أخرى.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي والباحث الاقتصادي فراس شعبو، إن "هذا الاكتشاف إضافة إلى اكتشافات الغاز السابقة ستساهم في رفد الاقتصاد التركي وإنعاشه بشكل أكبر، خاصة من ناحية تعويض الخسائر التي حصلت خلال فترة وباء (كورونا)".

وأوضح شعبو في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "الـ20 طنا المكتشفة إضافة إلى اكتشاف مخزونات من الفضة، من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد التركي، على الأقل بشكل نفسي وإيجابي"، مضيفا أنه "لو نظرنا بشكل عام إلى الصورة الكلية، فإننا نرى تركيا قد بدأت بشكل جدي البحث والتنقيب عن مواردها الطبيعية المدفونة في أراضيها".

و تابع "إن هذا من شأنه أن ينعكس في المستقبل على الاقتصاد التركي، فعلى الرغم من أن عمليات الاستخراج والتنقية قد تطول، إلا أنه سيكون لها مردود إيجابي على المدى المتوسط".

ولفت أن "تركيا منذ 2019 كانت تسعى بشكل كبير لزيادة احتياطياتها من الذهب، حيث تأتي في الترتيب الـ10 عالميا لاقتناء الذهب".

وأشار شعبو إلى أن "تركيا اشترت في عام 2019، نحو 70 طنا من الذهب إذ كانت تلك أكبر عملية شراء في تاريخها والأكبر عالميا في ذلك العام".

واستطرد أن "تركيا تسعى لزيادة احتياطياتها الذهبية بشكل مستمر، وما تم من اكتشافات سيساهم في دعم هذا التوجه بما يتوائم مع سياستها النقدية والمالية".

إنجاز جديد في طريق الاستقلالية الاقتصادية

ترجع الاكتشاف المتتالية في قطاع التعدين في تركيا، إلى سياسة الحكومة التركية الداعمة لهذا القطاع، وذلك عبر تشجيع الشركات التركية العاملة فيه، بما يضمن جذب مزيد من الاستثمارات وضخها في مشاريع مختلفة، إلى جانب توفير الآلاف من فرص العمل واستغلال موارد البلاد لدعم الاقتصاد التركي.

ميته جان، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة إسطنبول، قال إن "الاكتشاف الجديد إضافة لما سبقه من اكتشافات، من شأنها أن تعزز الاستقلالية السياسية والاقتصادية لتركيا عالميا، خاصة في ظل الأزمات التي عصفت بالعالم جراء تداعيات وباء (كورونا)".

وأضاف جان في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "الحكومة التركية تهدف من خلال عمليات البحث والتنقيب في قطاع التعدين، إلى تعزيز اقتصادها ورفده بموارد جديدة من شأنها تقليص التبعية للخارج في هذا القطاع، فضلا عن استقلالية القرار السياسي وعدم ارتهانه للضغوضات الخارجية".

وأوضح الأكاديمي التركي أن "الاستثمار في هذا القطاع سيساهم في جذب الاستثمارات الخارجية، وبالتالي تحقيق أرباح كبيرة للشركات الأجنبية، التي تسعى دائما وراء الربح، الأمر الذي سينعكس إيجابا على صورة تركيا واقتصادها على المستوى العالمي".

 

وحول الجدوى الاقتصادية لهذا الاكتشاف قال جان إن "التأثير المباشر لهذا الاكتشاف قد لا يظهر بشكل آني، كون عمليات التعدين والاستخراج تحتاج إلى سنتين على الأقل، إلا أنه إضافة إلى الـ540 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المكتشفة في البحر الأسود، سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد والمواطن التركي بعد أن يدخل في الناتج القومي".

ويأتي هذا الاكتشاف في وقت تستورد فيه تركيا نحو 160 طنا من الذهب سنويا، بسبب عدم كفاية الكميات المستخرجة في البلاد التي لا تلبي الطلب المتزايد على المعدن الثمين.

وفي 10 حزيران/يونيو الجاري، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، إن تركيا تهدف لإنتاج 45 طنا من معدن الذهب خلال العام الجاري 2021، لافتا أن جميع الاستثمارات في هذا القطاع تتم بتقنيات تركية محلية.

وبيّن دونماز أن “تركيا تهدف لرفع إنتاجها من الذهب إلى 100 طن سنويا، خلال السنوات الخمس المقبلة”.

ووفق رسم بياني نشرته وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية، فقد بلغ إنتاج تركيا 1.4 طنا من الذهب خلال 2001، و17 طنا في عام 2010، و27.1 طنا في عام 2018، و38 طنا في عام 2019.

وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، أعلنت تركيا اكتشاف منجم للذهب يحتوي على ملايين الأونصات التي تقدر قيمتها بنحو 6 مليارات دولار.

ومن الجدير ذكره، أن نشاط التعدين في قطاع الذهب، بدأ في تركيا لأول مرة عام 2001، في منجم “يرغاما” بولاية إزمير غربي تركيا، حيث جرى خلاله استخراج 340 طناً منذ ذلك الوقت. وحالياً توجد 18 مؤسسة لتعدين الذهب تعمل في تركيا.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات