هل يمكن أن يكون معيار المرابحة التركي موجهًا للمصارف والعميل معًا؟

في خطوة رائعة من اللجنة الاستشارية التابعة لاتحاد المصارف الإسلامية التركية أصدرت معيار ينظم بيع المرابحة للآمر بالشراء في تركيا والذي يسمى اختصاراً معيار المرابحة، والمرابحة هي بيع سلعة نقدا أو مؤجلاً ببيان سعر شرائها أو تكلفتها للعميل وإضافة ربح معين عليها.

وأما المرابحة المطبقة في المصارف الإسلامية هي عبارة عن مجموعة من المعاملات: من شراء سلعة من البائع الأول من قبل المصرف الإسلامي - والتي عادة نقداً - وبيعها للعميل النهائي على أساس الآجل عن طريق إضافة ربح معين على سعر الشراء أو التكلفة، بناء على طلب العميل ووعده بالشراء.

 وتسمى مجموعة المعاملات هذه بـ"المرابحة" وكذلك "المرابحة المالية" أو "المرابحة المصرفية" أو "المرابحة المعاصرة" أو "المرابحة لأمر الشراء".

ما هي اللجنة الاستشارية؟
في القرار رقم 7736 الصادر في 21 فبراير 2018 تم تشكيل لجنة من قبل جمعية المصارف الإسلامية التركية لتحديد الأسس والمعايير المهنية فيما يتعلق بالمصرفية الإسلامية، وأن يتم تحديد الإجراءات والمبادئ المتعلقة بتكوين اللجنة وعملها وواجباتها وصلاحياتها من قبل جمعية البنوك المشاركة في تركيا وبموافقة مجلس الإدارة.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذا القرار أكد على امتثال البنوك المشاركة للقرارات التي تتخذها هذه اللجنة.

وقدم هذا المجلس الحديث نسبياً 12 قرار وثلاثة معايير حتى الآن، حيث صدر المعيار الأول (معيار محدث) الخاص بإصدار وتداول شهادات الأسهم في 26 أغسطس/آب 2020، ثم صدر المعيار رقم 2 الخاص بالتورق في 2 مارس/آذار 2021.

معايير المرابحة
وفقاً للمادة 6 من قرار رقم 253 الصادر من مجلس إدارة الاتحاد بتاريخ 2 أبريل 2018 حول تشكيل المجلس الاستشاري وواجباته وإجراءات عمله ومبادئه. نصت على واجبات المجلس الاستشاري مفصلة في 7 نقاط، من ضمنها تحديد المبادئ والمعايير المهنية التي يجب على المصارف الإسلامية الالتزام بها، وحل النزاعات فيما بينها، وكذلك تنظيم برامج لتدريب المبادئ والمعايير وإصدار المطبوعات والمشاركة في البرامج المنظمة لهذا الغرض.

وصدرت معايير المرابحة في 6 مايو 2021، تحت رقم معيار 3 في 26 صفحة، واحتوى المعيار على طبيعة معاملة المرابحة في الخدمات المصرفية الإسلامية والأحكام الفقهية التي يجب مراعاتها أثناء أداء المعاملة. وتم تقسيم المعيار جزئين رئيسيين: أحكام معاملات المرابحة والأسس الشرعية لمعيار المرابحة.

وكمقارنة سريعة يلاحظ أن بنود معيار المرابحة الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي) جاءت حسب التسلسل الزمني لعملية المرابحة بدءًا من الوعد وانتهاء بتملك العميل السلعة، أما في معيار المرابحة الصادر من اتحاد المصارف الإسلامية التركية جاءت مقسمة حسب الأحكام والأسس الشرعية.

لمن تصدر المعايير؟
بصفة عامة تعتبر المعايير مرجع أساسي للعاملين في مجال الصيرفة الإسلامية وأهل الاختصاص. وهذه المعايير إلزامية في بعض الدولة واسترشادية في دول أخرى.

ولكن هناك صعوبة في فهم بعض المعايير التي تصدر من مؤسسات حول العالم، بل إن حتى بعض المعايير لا يفهمها كل المختصين، فعلى سبيل المثال المعيار الشرعي الصادر عن الأيوفي والخاص بالزكاة يجد المراجعين الشرعيين والمدققين صعوبة في فهمه لتضمنه الكثير من المسائل المحاسبية.

وعلى الرغم من أن هذه المعايير تخدم أطراف كثيرة، إلا أن أغلب هذه المؤسسات تركز على المعايير الشرعية ولا تنظر كثيراً بنشر مذكرات توضيحية أو كتيبات تفصيلية لغير أهل الاختصاص، وبالتالي نرى بعض المصارف تجتهد بتصميم بعض المنشورات التوعوية.

إلا أن هذه الجهود الفردية من هذه المصارف لا ترقى إلى جهود مؤسسات ومراكز متخصصة في هذا المجال.

معايير موحدة وشروحات مختلفة
أن هذه المعايير في حقيقة الأمر هي لتنظيم العلاقات والأدوار بين الأطراف ذات العلاقة، فماذا لو كان المعيار عن المرابحة كما في مقالتنا اليوم، فبالتأكيد فإن شريحة كبيرة من المستفيدين من التمويل القائم على المرابحة هو العميل، ولكن هل هم معنيين بقراءة هذا المعيار؟

مع الإشارة بأن هذه المعايير بالتأكيد تهم مؤسسات أخرى، ولكن تلك المؤسسات الأخرى لها القدرة على إعادة طرح هذه المعايير لإداراتها وموظفيها حسب سياساتها، بل إن بعضها قد يواجه موظفوها في الإدارات التنفيذية وما دون ذلك صعوبة في تطبيق تلك المعايير.

وهنا تنشأ مشكلة وتعارض مع أصل فكرة إصدار المعايير، فلو كل موظف فهم وفسر المعايير بما يراه، فلن تحقق المعايير هدفها بأن تكون معايير. فالغاية هي تطبيق المعايير وليس إصدارها فقط. أما العميل يكون الأمر متروك لاجتهادات بعض الناس أو بعض المؤسسات.

وهنا قد يتساءل البعض، بأن هذه المؤسسات بالأساس من أهدافها هو وضع هذه المعايير للمؤسسات المالية الإسلامية، وليس وضع معايير للعميل. وهذا صحيح، غير أن في حالة تركيا، فإن اللجنة الاستشارية منبثقة في الأساس من الاتحاد الذي كل أعضائه هم كل المصارف الإسلامية العاملة في تركيا.

بمعنى آخر فإن الاتحاد مستفيد استفادة مباشرة من (المعايير التوضيحية). وهذا لا يتعارض مع واجبات المجلس كما ذكرنا بعضاً منها سابقاً.

إن وجود معايير شارحة تلخص ما يحتاجه العميل من حقوق وأدوار وكذلك ما يهمه معرفته تجاه الأطراف الأخرى والتي تكون طرف في عملية تمويلية ما يجعل تحقيق الهدف من إصدار تلك المعايير يصل بشكل عادل إلى كل العملاء بدون غبش أو فهم مغلوط لأي بند أو فقرة من بنود وفقرات تلك المعايير.

من وجهة نظري مازال أمام تركيا دور وإسهامات في هذا الجانب، من خلال اللجنة الاستشارية التابعة للاتحاد، والعمل على هذا الأمر بما يتناسب مع البيئة التركية، وهذا سيساهم في تقديم مفهوم جديد ونظرة شمولية وإسهامات مبتكرة في مجال الصيرفة الإسلامية.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات