الوطن العربي الأعلى بطالة عالميا.. فما هي الأسباب والحلول؟
- طارق الشال
- السبت , 21 أغسطس 2021 11:19 ص بتوقيت جرينتش
يعيش العالم العربي حالة من التزايد المستمر في معدلات البطالة خاصة بين فئتي الشباب والنساء، نتيجة أزمة كورونا بالإضافة إلى عوامل اقتصادية أخرى تساهم في عدم توافر فرص عمل تكون قادرة على احتواء أكبر قدر ممكن من العاطلين.
فمن الطبيعي بمكان أن نجد وفق آخر التقارير التي ترصدها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومنظمة العمل الدولية، أن يسجل العالم العربي أعلى مستوى بطالة في العالم، لا سيما بين النساء والشباب، إذ بلغ عدد الأفراد العاطلين عن العمل في المنطقة العربية 14.3 مليون.
ويكشف التقرير عن واقع عدم قدرة سوق العمل في المنطقة، وبالأخص القطاع النظامي، على خلق فرص عمل عادلة وكافية، ويظهر الأعداد المرتفعة للعاملين في القطاع غير النظامي، التي تبلغ حوالي ثلثي إجمالي اليد العاملة العربية، جراء التغيرات الديمغرافية وعدم الاستقرار السياسي وتراجع الاستقرار المالي والنقدي.
ولكن بالإضافة إلى ما يعاصره المواطن العربي من مشكلات اقتصادية تحجم من فرص العمل، جاءت أزمة كورونا لتزيد من حدة الأزمة ومرارة البحث عن العمل والوظيفة هي الألم الأكبر والتحدي الأعظم في وجه أرتال العاطلين، إذ سجل معدّل البطالة ارتفاعاً بلغ أكثر من 16 بالمئة.
جوهر الأزمة
وعلى الرغم من أن كل الدول العربية وضعت توفير فرص العمل ومكافحة البطالة ضمن أولوياتها، إلا أنه ليست هناك نتائج ملموسة على أرض الواقع.
ويرجع الخبير الاقتصادي إبراهيم حسونة، أسباب ارتفاع البطالة في الوطن العربي إلى أن الاقتصادات العربية تعتمد بالأساس على قطاعات غير إنتاجية بالإضافة إلى أن طبيعة هذه الاقتصادات ريعية فهي تعتمد على ما لديها من ثروات فقط.
وأضاف حسونة، لـ"نافذة اقتصادية"، أنه وفقا لطبيعة هذه الاقتصاديات فإن المحرك الأساسي لتحفيز الاستثمارات الحقيقية والنشاط الاقتصادي الحقيقي الذي يخلق فرص عمل غير موجود بالأساس.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه في حال كان هناك أي نشاط إنتاجي داخل بلادنا العربية فهو يعتمد في الأساس على الخارج وعلى السلع الوسيطة المستوردة وبالتالي يكون المنتج النهائي ذا تكلفة عالية مما يحجم من قدرته التنافسية، لنجد أن في نهاية المطاف فشل هذا النشاط أو اتفائه بتحقيق هوامش ربح بسيطه.
مما يرغم أصحاب هذه النشاطات بالاكتفاء بعدد قليل من العمالة بالإضافة إلى عدم الرغبة في توسيع نشاطاتهم أو استثماراتهم، وفق تعبير حسونة.
ويبدو هذا جليا في تقرير المنظمة الأممية التي قالت إن عدد الأفراد العاملين في قطاعات حددت بأنها الأكثر عرضة للمخاطر، كالصناعة والضيافة والعقارات والأعمال والأنشطة الإدارية، يبلغ 39.8 مليون شخص يواجهون خطر التسريح أو تخفيض الأجر وساعات العمل.
وأضافت المنظمة، أنه على الرغم مما يروّج له صانعو السياسات للمشاريع الصغيرة على أنها تساهم في خلق فرص العمل، أبرزت الدراسات أن معدلات التوظيف في هذه المشاريع تشهد في الواقع أدنى نسبة نمو مقارنة بالمشاريع الأخرى وقدرها 1 بالمئة سنويًا.
كما نوه تقرير الإسكوا ومنظمة العمل الدولية الصادر في 19 أغسطس/آب الجاري، إلى أزمة أخرى تسببت في ارتفاع معدلات البطالة، وهي أن الصراعات والاضطرابات السياسية في المنطقة العربية شكلت عقبة أساسية تعيق أداء الشركات، خاصة أنها تؤثر على ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، وتحد بالتالي من الاستثمار والاستهلاك.
الحلول اللازمة
ويرى تقرير المنظمة الأممية أنه على الدول العربية تطوير خارطة طريق عملية لتعزيز التعافي الذي يركز على الإنسان، ولبناء مستقبل أفضل يوفر الأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
مشيرا إلى أنه من خلال المزيج الصحيح من السياسات وأطر التنسيق الصحيحة والمشاركة الفعالة لممثلي العمال وأصحاب العمل، يمكن ضمان التعافي الناجح والانتقال الفعال نحو مستقبل عمل أكثر شمولاً.
بدوره قال حسونة، إنه على الدول العربية الانتقال من كونها اقتصادات ريعية تعتمد على مواردها الطبيعية من نفط وغاز طبيعي إلى اقتصادات منتجة تعمل على استغلال الأجور التي يتقاضاها العامل العربي والتي تعد متواضعة مقارنة بالدول الأخرى لتحفيز صادراتها، لتحفيز النشاط المحلي وخلق فرص عمل.
وأكد الخبير الاقتصادي على ضرورة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال القضاء على البيروقراطية والعوائق التي تقابل المستثمرين الأجانب لتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي المحلي مما يخلق أيضا فرص عمل كبيرة في الداخل.
بالإضافة إلى ضرورة تطوير البحث العلمي واستخدام التكنولوجيا، وذلك لخلق منتج محلي ذا جودة عالية يكون قادر على المنافسة عالميا مما يجذب أنظار المستهلكين عالميا ويشجع أصحاب رؤوس الأموال في الداخل العربي على تدوير أموالهم في الاقتصاد المحلي بدلا من إيداعها داخل البنوك وحرمان الاقتصاد العربي منها.
لا يوجد تعليقات