ما هو دور الذكاء الاصطناعي في زيادة نمو الاقتصاد التركي؟

يمر العالم بحقبة جديدة يطلق عليها البعض بالثورة الصناعية الرابعة، ثورة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وغيرها. 

وبات جلياً لدى الجميع أن الكثير من دول العالم تتسابق من أجل ضمان الحصول على أكبر حصة ممكنة من هذا السوق الحاضر المستقبلي والذي يتنامى بطريقة جنونية.

في تقريرنا هذا نركز على تركيا والتي تعتبر من أفضل 20 دولة في بعض مجالات الثورة الصناعية الرابعة، فهي تسعى أيضاً إلى امتلاك وتحليل أكبر قدر من البيانات الضخمة في السنوات القادمة.

فكما بات معروفاً لدى الكل أن حجم هذه البيانات في ازدياد متسارع وأن قيمتها السوقية ستكون أكبر مما هي عليه اليوم.

فقد قامت تركيا في 20 أغسطس الماضي بنشر تعميم رئاسي رقم 2021/18 بشأن "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2021-2025" نشر في الجريدة الرسمية برقم 31574.

ودخل هذا التعميم حيز التنفيذ في 24 أغسطس أي بعد 4 أيام فقط كأول وثيقة استراتيجية في تركيا في مجال الذكاء الاصطناعي بنفس الاسم "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2021 - 2025".

حيث تهدف تركيا بهذه الخطة من خلال نظام بيئي ذكي ومستدام للذكاء الاصطناعي إلى توليد قيمة على المستوى العالمي.

ولهذا نرى أن تصميم الخطة يركز على مجموعة من الأولويات كتعزيز التعاون الدولي وتدريب خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي ودعم الأبحاث والابتكار وتسريع التكيف الاجتماعي والاقتصادي.

كما تم تصميم استراتيجية الذكاء الاصطناعي لتشمل 3 أبعاد هي الحوكمة والتوافق الاستراتيجي وكفاءة الشركات. 

ففي بُعد الكفاءة المؤسسية ينصب التركيز على الأنشطة التي تهدف إلى رفع مستوى نضج الكفاءات الأساسية داخل المؤسسات. وفي بعد الحوكمة فإن الهدف هو توفير التنسيق الإداري والفني داخل المؤسسات وفيما بينها من أجل التطوير المستمر للكفاءات الأساسية.

ولعل الكثير يلاحظ أن هذه الخطة والتي يمكن وصفها بأنها خارطة طريق للذكاء الاصطناعي والتي تم إعداده بالتعاون مع مكتب التحول الرقمي برئاسة الجمهورية ووزارة الصناعة والتكنولوجيا وبمشاركة فاعلة من أصحاب المصلحة المعنيين أنها تتماشى مع خطة التنمية الحالية والتي تنتهي في عام 2023، وتتماشى أيضاً مع رؤية "تركيا الرقمية".

مستقبل الذكاء الاصطناعي
تشير العديد من الدراسات أن الذكاء الاصطناعي سيساهم بما يتراوح بين 13 إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 وسينمو بنسبة تتراوح بين 13 إلى 14 في المئة. 

فيمكن أن تتخيل أنه مع نهاية عام 2025 سيكون كل شخص في المتوسط قد أنتج 19 تيرابايت من البيانات، أي أن ما سينتجه في السنوات الثلاث سيفوق ما أنتجه في الثلاثين عام الماضية.

وهذا بدوره سيفتح المجال للعمل في تخصصات لم نشهد الإقبال عليها في السنوات الماضية، وهذا ما انتبهت له تركيا في خطتها الحالية بالعمل على زيادة توظيف المتخصصين في الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع الاحتياجات وكذلك تطوير القدرات الأكاديمية والتقنية للجامعات في مجال الذكاء الاصطناعي. 

وفي حقيقة الأمر فإن المختصين والجامعات تأتي في المراحل الأخيرة، وبالتالي فإن الاهتمام والعمل يبدأ مع الشباب من قبل تلك المراحل.

على مستوى الأبحاث والدراسات العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي في تركيا، فإن تركيا تحتل المرتبة 16 على مستوى العالم وفقًا لعدد المنشورات خلال العشر سنوات الماضية في مجال الذكاء الاصطناعي.

ولكن هذه الأبحاث لا تنعكس بشكل كافٍ على أرض الواقع. وربما هذا من الأمور التي تعول عليها الحكومة الحالية بوضعها الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، لتنتقل من التنظير على التطبيق.

الدور الاقتصادي
من المتوقع أن تساهم هذه الخطة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى ما قد يصل إلى 5%، علاوة على توفير فرص عمل تصل إلى عشرات الآلاف وبالتأكيد فإن الغالبية العظمى منها ستكون في مجال الذكاء الاصطناعي سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة.

وكما ذكرنا فإن العمل على الخطة وتنفيذها سيساهم في زيادة الدخل القومي، وذلك بتقليل الاعتماد على التكنولوجيا المستخدمة في تركيا من خارجها وجعلها محلية، بمعنى أنها تسعى إلى تعزيز الاستقلال التكنولوجي، والذي يتبعه ضرورة الاستقرار الاقتصادي.

من جانب أخر فإن الشركات المحلية أو حتى الشركات الناشئة داخل تركيا من المتوقع أنها ستشهد نموا خلال الفترة المقبلة إذا ما حصلت على كامل الدعم الموعود من طرف وزارة الصناعة والتكنولوجيا ومكتب التحول الرقمي، وتعتبر هذه فرصة لرواد الأعمال، حيث ستعمل الدولة على الاهتمام بالصناديق الاستثمارية التي تركز على الذكاء الاصطناعي وما يلزم توسع نطاقها.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات