صعود الاستثمار الأجنبي يقود الاقتصاد التركي للنمو (تقرير)

دفعت بيئة الأعمال والاستثمار في تركيا التي تتمتع بمجالات مبتكرة في الاقتصاد العالمي والتطورالمستمر، إلى جذب الاستثمارات العالمية وبخاصة المباشرة منها، الأمر الذي جعلها تلعب دورًا في النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد.

وتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا 165 مليار دولار في الفترة من يناير/ كانون الثاني 2002- نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وخلال هذه الفترة، تم تنفيذ 62.4 بالمئة من هذه الاستثمارات في قطاع الخدمات، بينما كان 24.2 بالمئة منها في قطاع التصنيع، و11 بالمئة في قطاع الطاقة، و2.4 بالمئة في الزراعة والتعدين.

ولم تتوقف مؤشرات تركيا في الاستثمارات المباشرة عند هذا الحد حيث قال مؤخرا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده باتت الثانية في وسط وشرق أوروبا من حيث استقطاب الاستثمارات الدولية المباشرة خلال الأعوام الـ 16 الأخيرة.

حيث احتلت استثمارات دول الاتحاد الأوروبي المرتبة الأولى في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بنسبة 67 بالمئة بقيمة 110.4 مليارات دولار.

بينما احتلت دول آسيا المرتبة الثانية بنسبة 18 بالمئة بقيمة 29.1 مليار دولار، أما دول القارة الأمريكية فتأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 9 بالمئة بقيمة 14.3 مليار دولار، وذلك في الفترة من 2002 إلى 2020.

فحتى عام 2002 ، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا 15 مليار دولار أمريكي فقط ، في حين اجتذبت البلاد منذ ذلك الحين حوالي 225 مليار دولار أمريكي من الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة 2003-2020.

ومن حيث الدول فإن أكبر 10 دول مستثمرة في تركيا، هي هولندا والولايات المتحدة وبريطانيا والنمسا وألمانيا ولوكسمبورغ وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا وأذربيجان.

بدوره قال الباحث الاقتصادي، إبراهيم الطاهر، إن الاستثمار المباشر في تركيا يلعب دورا مهما في تحفيز الصادرات التركية وخفض العجز التجاري، كما يسهم في تقليص معدلات البطالة ويحفز معدلات النمو الاقتصادي.

وأشار الطاهر، لـ"نافذة اقتصادية"، إلى أن الاقتصاد التركي يلعب دورا بارزا في جذب الاستثمارات العالمية وفي الصدارة منها الأوروبية، مشيرا إلى أن تركيا تمكنت من الحفاظ على جذب هذه الاستثمارات في عز أزمة كورونا خلال عام 2020.

ورفعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش"، في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، توقعاتها بشأن نمو اقتصاد تركيا هذا العام من 7.9 إلى 9.2 بالمئة.

وفي 2020، بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا قرابة 5 مليارات دولار، منها نحو 800 مليون من أمريكا الشمالية، في عام كان الأصعب عالميا، بسبب تفشي جائحة كورونا.

أسباب الانجذاب

ومازالت تشهد الاستثمارات المباشرة داخل البلاد توسعا كبيرا لما تذخر به تركيا من عوامل محفزة، منها الموقع الاستراتيجي، واتساع السوق المحلية التي تحوي 83 مليون مواطن، والبيئة الاستثمارية المناسبة، والآليات الشاملة المحفزة على الاستثمار، وسهولة التصدير لدول الجوار.

بالإضافة إلى أن الدولة توفر للمستثمرين فرصا مثل الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، وتخفيضات على الرسوم الجمركية وإعفاء من الضريبة الجمركية، وتخصيص مكان للاستثمار وغيرها من الفرص والإمكانات.

كذلك انخفاض تكاليف التصنيع الناتج عن أسعار الصرف المواتية بالإضافة إلى قربها من المواقع الأوروبية، مما يسرع من أوقات التسليم، حيث تعمل تركيا كمركز تصنيع لأكثر من 250 علامة تجارية عالمية.

كما أن تركيا تعد مركز إقليمي اقتصادي يوفر مراكز تسوق حديثة للغاية، ويسهل الوصول إليه لأكثر من 1.5 مليار شخص يأتون للتجارة والخدمات الأخرى في البلاد، الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على البنية التحتية والمرافق في البلاد.

وتنشط الاستثمارات، في القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة، والقطاعات التي تركز على البحث والتطوير والابتكار والتي تساعد على تحقيق التحول التكنولوجي، والقطاعات التي تساعد على ضمان أمن المعروض.

ومن أبرز هذه القطاعات تكنولوجيا الطاقة، والتقنيات الطبية، واللوجستيات، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا الحيوية، وصناعة السيارات، والنقل بالسكك الحديدية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعات الدفاعية، وتكنولوجيا الفضاء، وتقنيات الصناعات الزراعية، والقطاعات التي تركز على البحث والتطوير.

استراتيجية جديدة

لم تكتفِ تركيا بما وصلت إليه في هذا المؤشر الحيوي (الاستثمار الأجنبي المباشر) الذي يعد أحد العناصر التكميلية للسياسات الصناعية والتجارية والمالية في البلاد. حيث عملت على وضع خطة بعنوان "استراتيجية الاستثمار الدولي المباشر لتركيا 2021-2023".

وتم الإعلان عن هذه الاستراتيجية من خلال تقرير صادر عن رئاسة الجمهورية التركية خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، والتي تقدم خارطة طريق للبلاد في مجال الاستثمارات الدولية، بهدف زيادة هذه الاستثمارات.

مما يمكن البلاد أيضا من رفع قدرات العمالة المؤهلة وكمية المنتجات ذات القيمة المضافة التي تقدم مساهمات كبيرة للاقتصاد المحلي.

وترتكز الاستراتيجية على أساس ثلاثة مبادئ أساسية، وهي التركيز على المستثمر والتخصص في الاستثمار الأجنبي المباشر والمؤهل، وتوحيد الجهود من أجل التعاون والتنسيق لخدمة عملية الاستثمار.

وجرى إعداد الاستراتيجية لتكون على ثلاث مراحل، وهي "سوق الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي والإقليمي، وتحليل الاتجاهات والتوقعات الرئيسية فيما يتعلق بمستقبل السوق".

بينما المرحلة الثانية "تحليل مقارن لأداء الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا وبيئة الاستثمار في تركيا مقارنة مع عدد من البلدان"، وثالثا "تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر المؤهل في تركيا، وأهداف".

من جهته، أوضح الطاهر، أن إرادة الحكومة التركية تدفعها إلى وجود رؤية تنموية للاقتصاد المحلي بشكل مستمر ، وهو الأمر الذي نتج عن هذه الاستراتيجية، مضيفا بأن الأسس التي بنيت عليها الاستراتيجية ستلعب دورا كبيرا في جذب مزيد من المستثمرين الأجانب.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات