ازدهار التعاون التركي الإفريقي.. فما هي الأسباب؟
- طارق الشال
- الاثنين , 1 نوفمبر 2021 17:19 م بتوقيت جرينتش
تدفع تركيا نفسها نحو التوغل في إفريقيا مما يعزز استثماراتها وحجم تجارتها الخارجية، ويقودها إلى الاستفادة من القارة السمراء التي تتمتع بثروات اقتصادية كبيرة.
لذا تسعى تركيا إلى تعظيم شراكتها مع هذه الدول، ولكن ليس بالفكر الاستعماري الذي تنتهجه بعض الدول الأوروبية عن طريق المنفعة الأحادية بل في إطار المنفعة المتبادلة بين أنقرة و نظيراتها من الدول الأفريقية.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قيمة الاستثمارات التركية في القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن تركيا تسعى لرفع حجم تجارتها مع القارة الإفريقية إلى 75 مليار دولار سنويا.
حيث قال أردوغان: إن "حجم التجارة بين تركيا وإفريقيا ارتفع إلى 25.3 مليار دولار نهاية 2020 ونهدف لرفعه إلى 50 مليار دولار في مرحلة أولى ثم إلى 75 مليار دولار سنويا".
وهو ما يعني أن تركيا رفعت حجم تبادلاتها التجارية مع إفريقيا خمسة أضعاف من 5.4 مليار دولار في 2003 حين وصل أردوغان الى السلطة وصولا الى 25.3 مليار دولار في 2020.
وأشار الرئيس التركي إلى أن قيمة الاستثمارات التركية في القارة الإفريقية تجاوزت 6 مليارات دولار.
وتتميز الاستثمارات التركية في إفريقيا بحرصها على توظيف اليد العاملة المحلية، ففي عام 2014 بلغ عدد فرص العمل التي أوجدتها الاستثمارات التركية نحو 16.5 ألف فرصة عمل، إلا أن بعض التقديرات تذهب إلى أن الاستثمارات التركية التراكمية في أفريقيا نجحت في توفير نحو 100 ألف فرصة عمل.
وأدى هذا التعاون التركي الإفريقي إلى ارتفاع عدد السفارات التركية في القارة من 12 إلى 43 منذ 2002، وباتت شركة الخطوط الجوية التركية تؤمن رحلات الى أكثر من 60 وجهة.
حيث بدأ الوجود المؤسسي لتركيا في إفريقيا يتبلور على المستويات التي توجد فيها فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين، نتيجة للعلاقات المتغيرة.
مما يمكن اعتبار كل هذه الجهود دليلاً على وعي تركيا متعدد الأوجه بالسياسة الخارجية، فضلا عن كونها مؤشرًا على الآفاق الواعدة لبقاء تركيا داخل القارة على المدى الطويل وفعاليتها بها.
ومهدت تركيا لبسط علاقاتها الاقتصادية مع الدول الإفريقية من خلال إنشاء العديد من المجالس الاقتصادية في إطار ثنائي، حيث بلغ عدد هذه المجالس نحو 31 مجلسا مع 31 دولة، كما تصل الخطوط الجوية التركية إلى نحو 48 جهة في 31 دولة أفريقية.
وساهم قطاع المقاولات التركي في إفريقيا، بتنفيذ قرابة 1150 مشروعا في مجالات مختلفة للبنية الأساسية، وتقدر هذه الأعمال بنحو 70 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات في مشروعات البنية الأساسية في إفريقيا تقدر سنويا بنحو 170 مليار دولار.
الأمر الذي أدى إلى أن يصل حجم أعمال المقاولين الأتراك في إفريقيا بنحو 20% من إجمالي أعمالهم الخارجية على مستوى العالم.
وتلعب الصناعات الدفاعية التركية دورا في هذا التعاون التركي الأفريقي، فقد بدأت بعض الدول الأفريقية مؤخرًا في المشاركة في شراء المعدات التركية.
ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة حول مبيعات الأسلحة الإفريقية، فقد صدرت صناعة الدفاع التركية 40 ناقلة جنود مدرعة بعجلات إلى بوركينا فاسو في عام 2018، و20 إلى تشاد، وثلاث إلى غانا، وست إلى موريتانيا و25 إلى السنغال.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الجزائر ونيجيريا ورواندا وتونس من بين الدول الإفريقيةالتي تستقبل ناقلات جند مدرعة تركية الصنع، يعد معظمهم من المركبات المدرعة ماركة كوبرا التي تنتجها أوتوكار.
كما صدرت تركيا بنادق هجومية ومسدسات إلى عدة دول أفريقية.
ويرى الخبير الاقتصادي التركي، إمرا أربا، أن هذا الدور الاستراتيجي الذي تقوم به تركيا الآن في القارة السمراء يصب في مصلحة الطرفين وبخاصة في صالح تركيا كونها تتعاون مع اقتصاد بكر يحمل العديد من الثروات".
وأضاف أربا، لـ"نافذة اقتصادية"، أن تركيا تلعب دورا ليس اقتصاديا فقط بل دورا تنمويا في هذه البلدان الإفريقية عبر تطوير الجانب التعليمي وتقديم المنح التعليمية من قبل تركيا لأبناء هذه الدول، وكذلك الجانب الصحي والعمل الخيري من قبل منظمات خيرية تركية، سواء كانت تلك المنظمات تابعة للحكومة أو تابعة للمجتمع المدني.
وأشار الخبير الاقتصادي التركي، إلى أن تعزير دور السيادة لهذه الدول من قبل تركيا يدفعها للتعاون مع أنقرة، متوقعا تطور هذه العلاقات وزيادة حجمها إلى مستويات غير مسبوقة خاصه مع حرص الجانب التركي على تسهيل العقبات الاستثمارية و الاقتصادية بين الطرفين بشكل دوري.
وتنخرط العديد من الشركات التركية في معظم دول الساحل وغرب إفريقيا في مجالات متنوعة، بهدف زيادة الاستفادة الاقتصادية وتعظيم مصالح أنقرة التي أضحت شريكًا تجاريًا لعدد من دول المنطقة.
فعل سبيل المثال السنغال التي تنفذ الشركات التركية فيها بعض مشروعات البنى التحتية الرئيسة مثل مركز عبده ضيوف الدولي للمؤتمرات، وقصر داكار الرياضي، وفندق راديسون، بالإضافة إلى إدارة مطار بليز ديان الدولي لمدة 25 عاماً، كما تعمل تركيا على تنفيذ حوالي 29 مشروعًا بقيمة تتجاوز 700 مليون يورو في عام 2018.
وفي الكاميرون تم بناء مجمع جابوما الرياضي في دوالا من قبل مجموعة يانجان التركية، وبتمويل من "ترك إكسيم بنك" التركي بقيمة 116 مليار فرنك إفريقي.
كما وقعت أنقرة مع مالي في ديسمبر 2019 من خلال مجموعة "كاليون" التركية مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء "متروباص" في العاصمة باماكو.
وقد ضخت تركيا نحو 250 مليون دولار في مشروعات البنية التحتية بالنيجر، واستطاعت مجموعة شركات تركية الفوز بعقود ضخمة أبرزها بناء مطار نيامي الجديد بتكلفة 154 مليون يورو.
كما تحرص أنقرة على تعزيز التعاون مع نيجيريا في القطاع النفطي، وهو ما دللت عليه زيارة السفير التركي لدى أبوجا إلى شركة البترول الوطنية النيجيرية NNPC في أغسطس 2019، والتأكيد على حرص أنقرة على التعاون لتطوير البنية التحتية لمشروعات النفط في المنطقة، وتعزيز الشراكة التجارية بين البلدين.
لا يوجد تعليقات