شراكة اقتصادية تركية جزائرية تصب في مصلحة البلدين

تسعى تركيا إلى توسيع نشاطها الاقتصادي مع العديد من الدول وبخاصة الإفريقية، وتأتي الجزائر ضمن تلك الدول، حيث اعتبر البعض أن أنقرة استغلت الخلاف القائم بين فرنسا والجزائر التقارب السياسي والاقتصادي مع الجزائر، والذي وصل إلى حد إذابة الوجود الفرنسي في صدارة الاقتصاد الجزائري.

وتعد تركيا خامس أكبر شريك تجاري للجزائر، بينما تعتبر الجزائر ثاني أكبر شريك تجاري لأنقرة في أفريقيا.

ويأتي التعاون التركي الجزائري في صالح الطرفين حيث تسعى تركيا إلى تعزيز حصتها من الغاز الجزائري على حساب الغاز الذي تستورده من روسيا وإيران.

بينما تسعى الجزائر للاستفادة من الاستثمارات التركية في الجزائر، والتي وصلت حتى الآن 5 مليارات دولار، إلى جانب 1300 شركة تركية تنشط هناك.

واقترحت الجزائر على تركيا نهاية العام الماضي إنشاء تكتل شركات متعددة الجنسيات لدخول أسواق دولية، وكان ذلك خلال لقاء وزير التجارة كمال رزيق مع سفيرة أنقرة لدى الجزائر ماهينور أوزديمير غوكطاش.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 4 مليارات دولار، ويكاد يكون الميزان التجاري لصالح تركيا إلا أنه يعد متوازناً بين البلدين لأن الفارق طفيف جداً بواقع 38 مليون دولار فقط.

مع وجود خطة تستهدف رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار بحلول نهاية 2030، بما يمهد إلى شراكة استراتيجية تُتوج بالتوقيع على اتفاقية منطقة تبادل حر.

وتمكنت الاستثمارات الخارجية لتركيا بالجزائر البالغة نحو 5 مليار دولار بنهاية 2020، من توظيف نحو أكثر من 30 ألف عامل جزائري، كما أنجزت الشركات التركية نحو 377 مشروعًا استثماريًا بالجزائر بقيمة 16.1 مليار دولار.

ويعد أهم الشركات التركية الناشطة بالجزائر شركة "توسيالي للحديد والصلب" بقيمة 2.5 مليار دولار، وصناعة النسيج بقيمة 200 مليون دولار، إضافة إلى شركات الإنجاز العقارية التي كان لها النصيب الثاني بعد الصين.

كما دخلت الاستثمارات التركية قطاعات الرقمنة والسياحة والتعليم والصحة والمياه والفلاحة والطرقات، وتتطلع إلى الاستفادة من إنجاز ميناء الحمدانية الكبير، ضمن مشروع طريق الحرير الصيني.

قطاع الطاقة

ويأتي قطاع الطاقة في صدارة التعاون المشترك بين البلدين، خاصة في ظل وجود رغبة قوية من قبل تركيا في زيادة كميات الغاز المستوردة من الجزائر.

كما تعد تركيا أول مستورد للغاز الطبيعي المسال كميات سنوية تقدر بـ5.4 مليار متر مكعب، ورابع مستورد لغاز البترول المسال من الجزائر.

ووقعت المؤسسة الوطنية للمحروقات في الجزائر (سوناطراك) مع شركة "رونيسانس" التركية 3 عقود لتطوير المشروع البتروكيميائي، لإنتاج البولي بروبيلين بمدينة جيهان التركية، بتكلفة قدرها 1.4 مليار دولار.

تكامل اقتصادي

وترى تركيا أن الجزائر هي بوابتها إلى إفريقيا، لذلك تسعى إلى تحفيز استثماراتها فيها، مما يشير إلى أن هناك مزيدًا من الشراكة والاستثمارات الجديدة في المستقبل، بينما ترى القوى الاقتصادية بالجزائر أن التعاون مع تركيا سيكون مفيدًا في ظل القوة السياسية والاقتصادية الإقليمية التي تتمتع بها أنقرة.

ويأتي هذا جليا في الدورة الـ 11 للجنة المشتركة الجزائرية التركية على مستوى الوزراء التي انعقدت يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

حيث تم خلالها دراسة اتفاقيتين حول "حماية المستهلك وتفتيش السوق ومراقبة نوعية المنتجات والخدمات" و"العمل، الشغل والضمان الاجتماعي".

إضافة إلى 3 مذكرات تفاهم لـ"إنشاء غرفة جزائرية – تركية للتجارة والصناعة"، وإقامة "توأمة بين المدرسة العليا للقضاء وأكاديمية العدل التركية" وكذا "التعاون في مجال البيئة".

كما تم اقتراح التوقيع على مذكرة تفاهم في "الأشغال العمومية" تسمح بتحفيز الاستثمارات التركية في مجال الطاقة.

بدوره يرى الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، أن العلاقات الجزائرية التركية تعد جيده، خاصة وأن تركيا تعد الشريك رقم واحد بالنسبة للجزائر في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضاف خرشي، لـ"نافذة اقتصادية"، أن في جانب الطاقة تعد تركيا هي المستفيد الأكبر من هذه العلاقات القائمة بين البلدين، مشيرا إلى أن القمة الأخيرة بين البلدين تناولت قطاعات ذات أولوية لتركيا وليس الجزائر.

لذا يرى خرشي، أنه على الجزائر الاستفادة من تركيا في قطاعات غير قطاع الطاقة، الذي تتمتع فيه الأولى بقدرة تنافسية، مثل قطاع التشييد والبناء الذي تحتل فيه تركيا المرتبة الثالثة عالميا من حيث الإيرادات الخارجية.

كذلك طالب الجزائر بالتركيز على تنويع اقتصادها عبر تحفيز قطاع صناعة الأدوية وقطاع الفلاحة وقطاع المالية عبر تحقيق شراكات مع تركيا تصب في خروج الجزائر من بوتقة المحروقات.

وبالتالي يمكن القول بأن المقومات الاقتصادية للبلدين تتوفر على عوامل التكامل، فالجزائر، البلد النفطي التي تزخر بكفاءات وتجارب مهمة في مجالي النفط والغاز وتراكم تجارب تمتد لعقود، بإمكانها مرافقة تركيا في اكتشافاتها الغازية الجديدة.

بينما التجربة التنموية في تركيا التي تتفوق في المجال الصناعي والبناء والزراعة والنسيج والصناعات الدفاعية، ستصب في صالح الجزائر، وبالتالي فإن العلاقات بين البلدين تسير بمنطق رابح رابح.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات