تركيا.. حرب الفائدة وسط تلاعب بالليرة وتدليس المعارضة
- طارق الشال
- الأحد , 19 ديسمبر 2021 8:15 ص بتوقيت جرينتش
يشهد الاقتصاد التركي حالة من الصراع للوصول إلى استقلال اقتصادي ينتزع حريته بعيدا عن مراهنات المستثمرين وبخاصة الأجانب على أسعار الفائدة المرتفعة.
وتأسر أسعار الفائدة الكبيرة الاقتصاد المحلي وبخاصة في الدول الناشئة لتجعله تحت وطأتها بالإضافة إلى أنها تلقي بظلالها السلبية على الاستثمار المحلي والتوظيف.
لذا تسعى تركيا بقيادة الرئيس أردوغان للتخلص من أعباء أسعار الفائدة المرتفعة و الوصول إلى اقتصاد قادر على تحقيق أرباح نتاج نشاط اقتصادي حقيقي وليس أرباح مصرفية قائمة على سياسة الائتمان.
وخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري عند 14 بالمئة بعد أن كان 19 بالمئة ما يعني أن المركزي خفض الفائدة حتى الآن بنحو 5 بالمئة.
ولكن في ظل ما تمارسه تركيا من سياسة نقدية واقتصادية، يحاول المستفيدين من أسعار الفائدة العالية إجبار البنك المركزي على التراجع من خلال الضغط على سعر صرف الليرة التركية في وقت بلغ معدل التضخم داخل تركيا نحو مايزيد عن 21 بالمئة.
بالإضافة إلى تلاعب المضاربين وبعض الجهات الخارجية بالعملة في محاولة لإضعاف شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولعل أحد أبرز الدلالات على وجود ضغط غير واقعي ومتعمد على الليرة التركية، هبوطها إلى 13.1 مقابل الدولار بعد ساعات من ارتفاعها عند 13.8 عندما ضخ البنك المركزي التركي في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2021 دولارات في السوق المحلي قدرها بعض المطلعون على الأمر بنحو مليار دولار.
وهو الأمر الذي دفع أردوغان مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى فتح تحقيق في تلاعب محتمل بالعملة، مشيرا إلى أن التقلبات الأخيرة في أسعار الصرف الأجنبي لا تستند إلى العوامل الأساسية لاقتصاد تركيا.
كان التدخل الأول للبنك المركزي التركي في 1 ديسمبر حوالي 650 مليون دولار، وكان تدخله الثاني في 3 ديسمبر حوالي 400 مليون دولار ، وكان تدخله الثالث في 10 ديسمبر حوالي 500 مليون دولار.
ومع التدخل الرابع من البنك المركزي بـ2.5 مليار دولار، ارتفع المبلغ الإجمالي إلى ما يقرب من 4 مليارات، بالإضافة إلى تدخل خامس في 17 ديسمبر الجاري.
ووسط معدلات التضخم المرتفع التي تعيشها تركيا عمل التجار الجشعين على تخزين بضائعهم وحجبها عن المستهلك بهدف رفع أسعار منتجاتهم بأكثر من معدلات التضخم الحاصلة لتعظيم مكاسبهم.
ومن هنا بدأ بعض المعارضين الأتراك بل والعرب بتصوير الاقتصاد التركي كما لو أنه ينهار بل وشيطنة الحكومة وتصويرها كما لو أنها تتعمد إضرار البلاد.
وتنسى هؤلاء أن خلال العام الجاري حققت الصادرات التركية أرقام قياسية حيث بلغت قيمتها ما يتجاوز الـ 203 مليار دولار خلال الأشهر 11 الأولى من العام 2021.
كما حققت صادرات تركيا من الصناعات الدفاعية والجوية رقما قياسيا في العالم الحالي، إذ وصل حجم الصادرات في 11 شهرا إلى مليارين و793 مليونا و974 ألف دولار.
كما شهد الاحتياطي الأجنبي لتركيا ارتفاعا ملحوظا حيث وصل إلى نحو 127 مليار دولار127.7 مليار دولار خلال منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
بالإضافة إلى توقعات وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني بشأن نمو اقتصاد تركيا هذا العام إلى 10.5 بالمئة، بينما توقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو أنقرة إلى 9 بالمئة.
ويسعى أردوغان إلى دفع بلاده لتكون في مصاف الدول العشر الأولى اقتصاديا في العالم، عبر آليات عديدة من ضمنها خفض أسعار الفائدة لخلق مناخ اقتصادي يستقطب الاستثمار الأجنبي المباشر ويحفز الاستثمار المحلي بمختلف أنواعه.
وذلك نظرا إلى أن تراجع أسعار الفائدة يؤدي إلى اتساع نشاط الشركات، حيث يمكنها أن تقترض من البنوك بأعباء أقل وبالتالي تتمكن من الإنتاج بتكلفة تسمح لها بالمنافسة مع الشركات الأخرى.
وتحفز الفائدة المنخفضة أصحاب رؤوس الأموال المحليين على سحب أموالهم من البنوك والعمل على خلق مشاريع بدلا من الاعتماد على أرباح البنوك النابعة من نشاطات غير مجدية اقتصاديا.
هذا بدوره يحفز النمو الاقتصادي ويساهم في تراجع معدلات البطالة التي بلغت حدود الـ12 بالمئة.
لا يوجد تعليقات