تعاون تركي إفريقي تقوده أنقرة بأدوار بارزة

مازالت تركيا تسعى إلى زيادة نشاطاتها الاقتصادية داخل القارة السمراء المبطنة بالثروات والاقتصادات البكر، عبر توطيد العلاقات البينية وتكثيف مجالات عمل بعد أن أصبح الأفارقة يرون في تركيا الشريك الأنسب لتطلعاتهم التنموية والأمنية.

وتأتي العلاقات التركية الإفريقية كبديلاً عن العلاقات غير المتكافئة التي تفرضها عليهم القوى الاستعمارية القديمة وتلك الصاعدة مؤخرا.

وتجاوز حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة الإفريقية 25.3 مليار دولار في 2020، ويعمل الطرفان على رفع حجم التجارة البينية إلى ما هو أعلى من 50 مليار دولار.

ويأتي هذا جليا في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال قمة الشراكة التركية - الإفريقية التي عقدت في إسطنبول في منتصف الشهر الجاري، بقوله: "واثق أننا سنرتقي بحجم تبادلنا التجاري إلى 50 مليار دولار أولا ثم إلى 75 مليار دولار عبر جهودنا المشتركة".

وأضاف: "نتيجة لجهودنا المشتركة وصلنا بالعلاقات التركية الإفريقية إلى مستويات لم يكن من الممكن تصورها قبل 16 عامًا"، وذلك عبر علاقات نشأت على أساس الشراكة المتساوية ومبدأ "رابح - رابح".

دور اقتصادي

وتوفر الشركات التركية ما يقارب 25 ألف فرصة عمل في الدول الأفريقية، كما عملت شركات المقاولات التركية على تنفيذ 1686 مشروعا بقيمة إجمالية تصل إلى 78 مليار دولار في جميع أنحاء إفريقيا.

واكتسب رواد الأعمال الأتراك حصة سوقية في إفريقيا من خلال بناء الطرق والملاعب والمطارات وبيع مواد البناء والمنتجات الغذائية الزراعية، وآلات النسيج والمعدات الطبية ومنتجات النظافة.

وتباع المنتجات التركية بسعر أرخص بنسبة 20 بالمئة إلى 30 بالمئة من نظيراتها الأوروبية، وغالبا ما تتمتع المنتجات التركية بسمعة أفضل لدى المستهلكين الأفارقة من تلك المصنوعة في الصين، وفق صحيفة لوموند الفرنسية.

وأصبح لتركيا اليوم 43 سفارة في إفريقيا، مقارنة بـ12 سفارة منذ عشرين عاما، كما تنشط  الخطوط الجوية التركية الآن في إفريقيا عبر رحلاتها من وإلى 61 مدينة كبرى.

وبلغت قيمة الاستثمارات للمشاريع الممنوحة لشركات المقاولات التركية في إفريقيا 71.1 مليار دولار في عام 2021 فقط.

كما لعبت الصناعات الدفاعية دورا مهما في العلاقات التركية الإفريقية، حيث تسلم كل من المغرب وتونس أول شحنة للطائرات التركية بدون طيار في سبتمبر/أيلول، في إطار عقود تشمل تدريبات عسكرية.

وتريد إثيوبيا الآن الحصول على طائرات بدون طيار من طراز "بيرقدار تي بي 2"، بالإضافة إلى تدريب مشغليها.

وبين شهري يناير ونوفمبر الماضيين، بلغت مبيعات المعدات العسكرية التركية لإثيوبيا 94.6 مليون دولار، مقابل 235 ألف دولار للفترة نفسها من العام الماضي.

وتسعى كلا من أنغولا وتشاد والمغرب إلى تحقيق طلبيات للأسلحة التركية تعادل بنفس النسب هذا العام، وفقا لاتحاد المصدرين الأتراك.

كما عبّرت نيجيريا عن اهتمامها بالطائرات التركية دون طيار، وقال بيلو محمد متولي، حاكم ولاية زامفارا، إنَّ هذه الطائرات من شأنها مساعدة الجيش النيجيري في محاربة الجريمة المنظمة.

ويرى الخبير الاقتصادي، إمرا أربا، أن تركيا تسعى لتوظيف جميع إمكانياتها للتوغل في إفريقيا، ما يسمح بتحقيق مكاسب تنعكس على الطرفين فمن جانب تتمكن تركيا من توسيع قاعدة صادراتها ومصالحها في المنطقة الإفريقية التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، بالإضافة إلى توسيع استثمارتها الخارجية ونفوذها.

مشيرا إلى ما تتيحه أيضا تلك العلاقات من فرص كبيرة أمام الشركات التركية المتوسطة والكبرى.

وأضاف، أربا، لـ"نافذة اقتصادية"، أما من جانب آخر تتمكن الدول الإفريقية من زيادة حجم الاستثمارات المباشرة لديها، ما سينعكس على البطالة والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى زيادة معدلات التنمية المحلية في تلك الدول ودخول صناعات جديدة بها.

دور إنساني

ولم يتوقف الدور التركي عند هذا الحد، بل تقدم تركيا أيضًا المساعدات الإنسانية والتعليمية من خلال العديد من المؤسسات، فعلى سبيل المثال، قدمت الوكالة الحكومية التركية المسؤولة عن مساعدة الأتراك المقيمين بالخارج لنحو 6 آلاف طالب إفريقي منحا كاملة في الجامعات التركية على مدار العقد الماضي.

كذلك تعمل مؤسسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية التركية (IHH) منذ تسعينيات القرن الماضي، في 41 دولة في القارة على تقديم مساعدات إنسانية عديدة، حيث قامت المؤسسة بتقديم عمليات إعتام عدسة العين المجانية إلى 100 ألف مريض إفريقي.

كما يقدم الهلال الأحمر التركي والوكالة التركية لإدارة الكوارث والطوارئ (AFAD) الدعم للسكان فيما يتعلق بالحصول على المياه أو الرعاية الصحية، لا سيما في مالي والنيجر، وفق صحيفة "لوموند".

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات