تعاون تركي إماراتي يعزز الدور الاقتصادي بين البلدين ويمهد لفرص جديدة

تنافست الإمارات العربية المتحدة وتركيا على النفوذ الإقليمي منذ اندلاع الانتفاضات العربية قبل عقد من الزمن، وهو التنافس الذي جعلهما يدعمان أطرافًا مختلفة في الحرب الأهلية الليبية ويمتد إلى نزاعات من شرق البحر المتوسط إلى الخليج.

ولكن في ظل السياسة الجديدة التي تتبعها تركيا بقيادة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عبر محاولة استعادة العلاقات مع الدول التي نشبت معها خلافات سياسية على الساحة الدولية وبخاصة دول الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والسعودية، توطد أنقرة علاقاتها الاقتصادية مع أبوظبي.

حيث أسفرت الزيارات المتبادلة الأخيرة بين أردوغان والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عن توقيع 23 اتفاقية تعاون بين البلدين.

وأكد أردوغان إن تركيا والإمارات تسعيان إلى تعزيز التجارة الثنائية والبحث عن فرص في "الهياكل التكميلية لاقتصاد البلدين".

تعاون اقتصادي

وتلعب تلك الاتفاقات دورا مهما في تحفيز اقتصادات البلدين ورفع حجم التبادل التجاري وإيجاد فرص استثمارية جديدة.

وتمثلت تلك الاتفاقات في توقيع مذكرة تفاهم حول تبادل المعلومات المالية في سياق مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما وقّع أردا أرموت، الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي التركي، مع الرئيس التنفيذي لشركة "ميناء أبو ظبي" محمد الشامسي، مذكّرة تفاهم بين المؤسستين التركية والإماراتية، حيث خصصت دولة الإمارات العربية المتحدة 10 مليارات دولار لصندوق الاستثمار في تركيا.

ومن المحتمل أن تحقق الاستثمارات الإماراتية أرباحًا كبيرة في المستقبل، لما تتمتع به بتركيا من نشاط اقتصادي قوي.

ووقع مذكرة تفاهم بين شركة "أبو ظبي التنموية القابضة" والصندوق السيادي التركي، أرموت، ورئيس مجلس إدارة شركة "أبوظبي التنموية" القابضة محمد حسن السويدي.، ويأتي هذا التعاون بهدف إنشاء صندوق موجه نحو التكنولوجيا.

كما وقع مذكرة تفاهم للتعاون بين الشركة الإماراتية ذاتها، وهيئة الاستثمار الرئاسي التركية، السويدي، وأحمد براق داغلي أوغلو، رئيس الهيئة التركية.

ووقّعت بورصة أبو ظبي وبورصة إسطنبول مذكّرة تفاهم للتعاون بينهما، وقّعها سعيد الظاهري رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي للأوراق المالية، وأريشاه أريجان رئيسة مجلس إدارة بورصة إسطنبول.

كما وقّع اتفاقيةَ تعاون إداري وشراكة في الشؤون الجمركية بين تركيا والإمارات، محمد موش وزير التجارة التركي، وعلي محمد حماد الشامسي رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في الإمارات.

وفي مجال الطاقة، وقع مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، فاتح دونماز وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، وسهيل بين محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي.

كما وقع مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال البيئة بين أنقرة وأبو ظبي، وزير البيئة والتحضر التركي مراد كوروم، ومريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية.

أيضا شملت الاتفاقات المشتركة توقيعات أخرى في مجالات الاستثمار، والدفاع، والنقل، والصحة، والزراعة.

شراكة متينة

وبلغت قيمة التجارة بين البلدين في النصف الأول من عام 2021 أكثر من 26.4 مليارات درهم  (7.19 مليار دولارت) بقفزة نمو بلغت 100 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020.

وسجلت القيمة الإجمالية للتجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا 13.7 مليار دولار أمريكي في 2021، بزيادة قدرها 54 بالمئة عن 2020، وزيادة بنسبة 86 بالمئة عن 2019.

وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، بينما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.

ويوجد ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.

وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا نحو 18.4 مليارات درهم في نهاية عام 2020، بينما بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليارات درهم.

وترتكز الاستثمارات التركية على قطاعات البناء والتشييد والعقارات والقطاع المالي والتأمين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.

بدوره، يرى الباحث الاقتصادي، إبراهيم الطاهر، أن عودة الانفتاح الاقتصادي لتركيا على جميع الدول التي كانت على خلاف معها الآن يعد نهجا صحيحا خاصة في ظل الأجواء العالمية المضطربة من ارتفاع معدلات التضخم العالمية وأزمة سلاسل التوريد.

وأضاف الطاهر، خلال حديثة لـ"نافذة اقتصادية"، أن هذه الاتفاقات التركية الإماراتية ستعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتخفيف الضغط على الليرة التركية خاصة مع تعزيز التجارة الثنائية بالعملات المحلية بينهما.

 وأشار الطاهر إلى أن الرابط التجاري بين البلدين سيتفاقم مع الإعلان عن وجود نوايا لعمل طريق بري سيربط بين تركيا والإمارات يقلص مدة الشحن بين البلدين من 21 يوما إلى 7 أيام فقط، ما يسهل من عمليات النقل ويوفر كثير من الأموال التي تكبدها التجار في الشحن.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات