النقود ... وعناصر التحكم في قيمتها

كتب/ فاضل الحايك

- ما هي مراحل تطور النقود؟ وماهو الغطاء الذهبي؟ 

- ماهو سعر الصرف؟ لماذا يتغير؟ 

- ما المقصود بالقوة الشرائية؟ وكيف تتآكل؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذه الومضة؛

إذا كانت السياسة النقدية هي أحد أحجار الزاوية في الاقتصاد فإن النقود هي المادة التي تلصق أحجار الاقتصاد بعضها ببعض، وتعد وسيلة تبادل تسمح للناس بالحصول على ما يحتاجون إليه.

مراحل تطور النقود

- المقايضة: وهي إحدى الطرق التي كان يتبادل بها الناس البضائع مقابل السلع والخدمات التي يحتاجون إليها. يتقابل شخصان يمتلك كل منهما بعض السلع التي يحتاجها الآخر، فتتم المقايضة. 

- السلع المعيارية: وهي سلع تعمل كنقود قابلة للحمل وسهلة التخزين، ذات قيمة ومطلوبة على نطاق واسع، وبالتالي حلت مشكلة الشخص الذي يريد مقايضة سلعة مع شخص آخر لا يريد هذه السلعة.

مثال: استخدم المستعمرون الأمريكيون جلود القندس والذرة المجففة في المعاملات التجارية مع السكان الأصليين لأمريكا.

- المعادن النفيسة: كالفضة والنحاس والذهب، وهو مثال أكثر تطورًا وتعبيرً عن السلع المعيارية حيث له قيمة بذاته وقابلية كبيرة للتداول، وقبول واسع لدى الناس، ومع تطور التعاملات المالية وصعوبة حمل كميات كبيرة من الذهب ظهرت البنكنوت والتي كانت تصدرها محلات الصاغة قبل أن تصدرها البنوك. 

- البنكنوت (Banknote): وثيقة يصدرها البنك أو السلطة الحاكمة تثبت أن حامل هذه الوثيقة لديه كمية محدد من الذهب تُمنح له عند الطلب، وعندها أصبح التداول أكثر مرونة وسهولة.

- النقود المغطاة (المعيار الذهبي): فبعد اتساع تبادل البنكنوت وعدم كفاية الذهب لسد حاجة الدولة، ظهرت فكرة العملة الورقية المغطاة بمقابل من الذهب، تطبعها الدولة وتتعهد بوجود مقدار من الذهب والمعادن النفيسة محفوظة لديها مقابل كل ورقة نقدية مطبوعة.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن فكرة المعيار الذهبي تعد من بين العوامل التي جعلت عملة ورقية مثل الدولار الأمريكي تحتل هذه المكانة من الأهمية في الاقتصاد العالمي، ففي عام 1944 تمت اتفاقيات بريتون وودز بين دول أوروبا التي خرجت للتو من الحرب العالمية الثانية بوضع اقتصادي صعب وبين حليفها العسكري القوي اقتصاديًا؛ الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعهدت بالحفاظ على قيمة عملتها مستقرة وفق المعيار الذهبي مقابل أن تلتزم بقية الدول الأوروبية باعتماد الدولار كعملة احتياطية لديها بدل الذهب، وقد انهت الولايات المتحدة العمل بهذه الاتفاقية في عام 1971 نتيجة مشكلات اقتصادية مرت بها.

- النقود الإلزامية (القانونية): وهي التي نتداولها حاليًا إما ورقيًا أو إلكترونيًا، وتصدرها الدولة قانونًا دون غطاء ذهبي لها بل وفق عناصر مختلفة كحجم احتياطي البنك المركزي، والناتج القومي، وحجم الديون على الدولة وغيرها، إضافة إلى عناصر التحكم بقيمة النقود على حساب كميتها الحقيقية، ويعتمد هذا النوع من النقود في تحديد قيمته على مقدار الثقة بالنظام الاقتصادي ومدى تطوره، وبطبيعة الحال لا يمكن للدول طباعة النقود إلى اللانهاية لأن كثير من النقود يعني انخفاض قيمة العملة وفق ثنائية العرض والطلب.

عناصر التحكم بقيمة النقود

1- سعر الصرف Exchange Rate

هو قيمة عملة ما مقابل عملة أخرى، ومعظم العملات معوّمة بحرّية، أي ترتفع أو تنخفض أسعارها بناءً على العرض والطلب (كالدولار الأمريكي)، وبعض العملات ليست معوّمة ولها قيود تحددها الدولة (كاليوان الصيني)، في حين أن بعض العملات تكون مربوطة بعملة أخرى بسعر ثابت لا يخضع للتذبذب (كالريال السعودي المربوط بالدولار الأمريكي).

ولا يعبر بالضرورة سعر صرف عملة ما عن قوة أو ضعف اقتصادها، بقدر ما يعبر عنه الثبات النسبي لهذا السعر. 

عوامل تحدد سعر الصرف:

العامل الأساسي الذي يحكم سعر صرف عملة ما هو الكمية المعروضة أو المطلوبة منها وفق ثنائية العرض والطلب التي تحدثنا عنها سابقًا. 

ويتجلى ذلك في الحالات التالية:

أ- هيكل ميزان المدفوعات: إذا كانت دولة ما تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج فذلك يعني أنها تطلب المزيد من العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد أي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل انخفاض سعر صرف العملة المحلية.

ب- معدل سعر الفائدة الحقيقي: والذي إذا ازداد سيؤدي إلى تشجيع رأس المال الأجنبي للدخول في استثمارات محلية، مما يؤدي الى زيادة الطلب على العملة المحلية وبالتالي ارتفاع أسعار صرفها.

ج- الاستقرار السياسي والاقتصادي: فكلما زاد هذا الاستقرار زادت ثقة المواطنين والمستثمرين الأجانب بعملة هذا البلد وبالتالي توازن سعر صرف عملته المحلية. 

2- القوة الشرائية purchasing power 

هي ما يمكن لوحدة واحد من العملة الحصول عليه من سلع أو خدمات في وقت معين.

قياس القوة الشرائية 

يمكن قياسها بالمعنى الاقتصادي بمقارنة سعر سلعة أو خدمة ما بمؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وهو مؤشر يقيس متوسط التغير في أسعار مجموعة سلع أساسية بين فترة وأخرى. إضافة إلى اعتباره مؤشر لتحديد معدل التضخم.

ولتوضيح القوة الشرائية:

تخيل أن شخص يحصل على نفس الراتب الذي كان يحصل عليه جده قبل 40 عامًا، فاليوم سيحتاج إلى أضعاف هذا الراتب لمجرد الحفاظ على نفس مستوى المعيشة، ومثال آخر؛ قبل 10 سنوات كان أمام الشخص الذي يريد شراء منزل بمبلغ معين خيارات أكثر من المتاحة له الآن بنفس المبلغ.

تآكل زمني

بما أن القوة الشرائية تؤثر على كل جانب من جوانب الاقتصاد الكلي والجزئي، فإنها عندما تتآكل بسبب التضخم؛ يقل مقدار ما يمكن شراؤه بمبلغ معين من المال وبالعكس عندما تتحسن.

وتعتبر الرواتب والاستثمارات التي تجني عوائد ثابتة هي الأكثر عرضة لمخاطر القوة الشرائية أو التضخم.

وتحاول البنوك المركزية الحفاظ على استقرار الأسعار والقوة الشرائية للعملة من خلال السياسات النقدية التي تحدثنا عنها في الومضة الاقتصادية السابقة.

للاطلاع على كامل سلسلة ومضة اقتصادية ... هنا

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات