تعرف على أبرز عادات الزواج في تركيا والدول العربية وانعكاسات "كورونا" الاقتصادية عليها (تقرير)

لكل بلد عاداته وثقافته التي تميز شعبه عن باقي الشعوب في العالم، ويرجع ذلك لاختلاف المعتقدات الدينية والاجتماعية والثقافية التي تساهم في تحديد هوية المجتمع وطريقة عيشه.

ولعلّ من بين أبرز الثقافات في العالم، ثقافة الزواج، الذي يعد من أسعد المناسبات في حياة الإنسان بما يحويه من عادات وتقاليد طبقا لثقافات كل مجتمع على حدا، إلا أن تلك العادات قد شهدت تغييرا كبيرا في ظل الانفتاح العالمي والظروف الاقتصادية التي شهدها العالم مع انتشار وباء "كورونا"، ما تسبب في إحداث فروقات كبيرة.

في هذا التقرير، سنستعرض بعضا من عادات وتقاليد الزواج في تركيا والدول العربية، وأبرز الفروقات بينها من ناحية التكاليف، وكيف أثرت الظروف العالمية المرتبطة بوباء "كورونا"، في الحد من تلك التكاليف.

عادات وطقوس

تختلف مراسم وطقوس الزواج في تركيا تبعا لاختلاف المنطقة من الشمال إلى الجنوب، مما أدى إلى تنوع العادات والتقاليد المتبعة في الأعراس فكان يعرف قديمًا أن العرس يتم خلال أربعين يوم وليلة، وقبل وقت ليس ببعيد أصبحت الأعراس تتم في ثلاثة أيام وفي وقتنا الحاضر أصبح يومين فقط، وعادة ما يكون يومي نهاية الأسبوع (السبت والأحد).

وتبدأ مراسم الزواج بما يعرف بـ"الطلبة" في تركيا، حيث يقوم العريس بزيارة لبيت العروس ليطلبها من أبيها، ويتم ذلك عندما يذهب العريس مع كبار وفضلاء العائلة، في يوم الأحد أو يوم الخميس، لاعتقادهم بأنها أيام تجلب الطالع الحسن.

ويقع على عاتق العريس في يوم الزفاف إحضار طقم من الذهب لإلباسه للعروس، حيث أنه في تركيا لا يوجد شيء يعرف بالمهر المعجل والمؤجل، إلّا أنه مع ذلك، تطلب بعض العرائس من العريس أن يحفظ سورا من القرآن الكريم أو أن يؤدي واجبات دينية معينة مثل الحج أو الصيام حتى تتم الموافقة عليه.

وفي الخطبة يقوم العريس بتلبيس خاتم الخطوبة في نفس يوم قراءة الفاتحة، أو في يوم آخر يتفق عليه الطرفان، حيث يعاود أهل العريس زيارة بيت العروس، ويحضرون معهم باقة ورد وشوكولاتة، للاتفاق على تفاصيل يوم الخطبة.

 أما في العالم العربي، فتختلف عادات وتقاليد الاتفاق على الزواج عن مثيلاتها في تركيا، إذ يتم مسبقا الاتفاق على أمور الزواج من دفع مهر وشراء شبكة وأثاث المنزل، وخلافه من الاتفاقات التي على أساسها تتم الموافقة على الزيجة.

كما أن تسميات يوم الخطبة في الدول العربية والتقاليد المرتبطة به مختلفة بين بلد وآخر، ففي العراق مثلا يبدأ الزواج بعقد جلسة الاتفاق والتى تعرف باسم يوم "الشربت"، وفي الجزائر تسمى "الملاك"، وتبدأ بإحضار حلوى من نوع خاص وبجانبها شمعتين وكبش.

أما في فلسطين فتذهب والدة العريس وحدها لرؤية العروس لتحدد ما إذا كانت مناسبة لابنها، ثم تعود بصحبة ابنها ليشاهد العروس، ليتم تحديد موعد الاتفاق على الزواج والذى يسمى بـ"الجاهة"، وتختلف عادات الاتفاق على الزواج فى السعودية أيضا، حيث تبدأ بذهاب أهل العريس لرؤية العروس مع اتباع "الرؤية الشرعية"، والتى تكون بحضور أهل العروس، وإذا أعجب العريس بها يهدي أم العروس سوارًا من الذهب ومبلغ من المال، ليأكد بذلك رغبته فى الزواج، ثم تعقد جلسة تعرف باسم "الملكة".

مهور عالية في ظل "كورونا"

لجأ إلى تركيا خلال السنوات العشر الماضية، أكثر من 6 ملايين مواطن من مختلف الدول العربية حاملين معهم أعباء اللجوء والهجرة والظروف الاقتصادية التي أصابت دولهم وأسرهم.

ويلاقي الشباب السوريون الموجودون في تركيا صعوبة في الزواج بسبب التكاليف المرتفعة، وارتفاع إيجارات المنازل وانخفاض الرواتب بالرغم من ساعات العمل الطويلة، بحسب العديد منهم.

أحمد، شاب سوري يعمل في أحد المعامل في مدينة إسطنبول، قال في حديث مع صحيفة "نافذة اقتصادية"، إنه "في ظل هذه الظروف الاقتصادية، أنا بالكاد أستطيع تأمين احتياجاتي الأساسية من طعام وشراب ومسكن، بالنسبة لي أصبح الزواج حلما يصعب الوصول إليه".

وتابع "لقد تقدمت لخطبة العديد من الفتيات جميعهن يطلبن مهورا عالية لا طاقة لي بها، خاصة أنني أعيل عائلتي وإخوتي الصغار".

لكن فاطمة وهي سورية مقيمة في العاصمة التركية أنقرة، كان لها رأي آخر بالموضوع، مضيفة أن "ثقافة المجتمعين السوري والعربي بشكل عام، تحتم على الشاب تقديم مهر مناسب للفتاة، حتى لا تكون مطية له، ولكي يحترمها ويقدرها"، مشيرة إلى أن "العديد من الفتيات اللاتي تزوجن بمهور منخفضة كنَّ عرضة بشكل أسرع للطلاق لأن المهر المنخفض لم يشكل رادعا بالنسبة لأزواجهن".

بدوره، قال الصحفي المهتم بشؤون اللاجئين السوريين، أحمد صبرا، في تصريح لصحيفة "نافذة اقتصادية"، إنه "بالنسبة لتركيا، فلا ينص القانون التركي على وجود مهر في عقد الزواج على عكس ما هو موجود في الدول العربية من تسجيل المتقدم والمتأخر في عقد الزواج، لذلك على المواطنين الأجانب الراغبين بالزواج من أتراك أن يضمنوا حقوقهم قبل الزواج لأن القانون لا ينص على وجود المهر، وهذا ما تقع فيه العديد من السوريات على سبيل المثال إذ لا يدركن حقوقهن عند الزواج من أتراك وهو ما يؤدي في بعض الحالات إلى الطلاق أو حرمانهن من حقوقهن".

وتابع "العديد من الفتيات السوريات والعربيات من بعض الجنسيات، يرغبن بالزواج من أتراك لضمان مستقبلهن الاقتصادي، خاصة أن المجتمع العربي لا يملك ثقافة تمكّين المرأة ومراعاة حقوقها بشكل كبير".

من جانبه، رأى مختص الإرشاد النفسي والمجتمعي، الدكتور باسل نمرة، أن "ارتفاع تكاليف الزواج أصبحت كارثية جدا، إذ إن قسما كبيرا من الناس باتوا يطلبون مهورا عالية لفتياتهم بالدولار واليورو ما تسبب بصدمات نفسية لدى العديد من الشباب، بعد رفضهم بسبب الحالة الاقتصادية السيئة من قبل فتيات أحبوهنّ"، لافتا أن "ذلك أدى لعواقب وخيمة مثل ارتفاع نسب العنوسة والانحلال الأخلاقي في بعض الحالات".

وحول تأثير وباء "كورونا" على تكاليف الزواج، أشار نمرة إلى أن "الوباء أثّر بشكل طفيف على ارتفاع تكاليف الزواج، إلّا أن تلك التكاليف تكاد تنحصر في المهر الذي يشكل العائق الأساسي لدى الشباب"، موضحا أن "طلبات الأهل وصلت لمرحلة تعجزية ومازالت كذلك للأسف".

تجارب ناجحة

يضيف نمرة أن "الزواج من أجنبيات يعد إيجابيا جدا، فعلى سبيل المثال عندما اختلط المجتمعين التركي والمصري بالمجتمع السوري، وجدا قيم عالية عند الفتاة السورية، ما شجع الشباب الأتراك والمصريين على الزواج من سوريات".

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية القاسية التي خلفها وباء "كورونا"، إلّا أنه يوجد العديد من التجارب الناجحة في الزواج من أجانب، وهو ما يرويه أوغور كيتاش، الشاب التركي المتزوج من فتاة سورية في تركيا.

وأضاف كيتاش في حديث مع صحيفة "نافذة اقتصادية"، أن "تكاليف الزواج الباهظة تكاد تكون نفسها في كلا البلدين، إلا أنني عندما تعرفت على زوجتي السورية زينب أثناء دراستنا في الجامعة، وجدت أننا نملك نفس الرؤية حول رفض هذه العادات والتقاليد البالية، خاصة أن الوضع الاقتصادي العام في تركيا والعالم لم يعد مبشرا، وأصبح يشكل هاجسا لدى فئة الشباب ما أدى لعزوفهم عن الزواج".

وتابع كيتاش "لم تكن العوائق المادية مشكلة بالنسبة لي ولزينب، على الرغم من معارضة عائلتي لزواجنا في البداية خاصة أنه اقتصر على دعوة عدد قليل من الناس، الأمر الذي ترك حرقة في قلب والداي بسبب رغبتهما بالمباهاة بزواجي أمام الأقارب والأصدقاء".

من جهتها، أوضحت زينب أن زواجها مع أوغور كان "ناجحا جدا ومبني على أسس من الحب والاحترام والألفة، بغض النظر عن الفروقات المادية والاجتماعية".

وأضافت "نحن سعداء الآن في بيتنا، ونخطط لأن نعلم مولودنا القادم اللغتين العربية والتركية معا".

ومن الجدير ذكره، أنه شهدت الآونة الأخيرة إقبالا من قبل الشباب الأتراك للزواج من فتيات عربيات خاصة السوريات منهن بسبب انخفاض تكاليف الزواج، فضلا عن رغبة الفتيات أنفسهن بالزواج من أتراك لاستقرار وضعهم الاقتصادي والمادي قياسا بالشباب في بلدانهن.

 

 

 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات