خلافات "أوبك+" تضع مستقبل التحالف على صفيح ساخن (تقرير)

تشهد أسواق النفط العالمية أزمة كبيرة، قد تكون وجودية بالنسبة لتحالف "أوبك+" الذي جنى نجاحاته منذ النصف الثاني 2020 ودعم ارتفاع الأسعار فوق 75 دولارا للبرميل من متوسط 20 دولارا.

واشتعلت الخلافات بين الإمارات وتحالف "أوبك+" الذي تقوده السعودية، في مؤشر على إمكانية فقدان التحالف السيطرة على الإمدادات، لا سيما مع التحسن الكبير بالأسعار، وميل الكثير من الأعضاء نحو زيادة إنتاجها لجني الأرباح، ما ينذر بحرب أسعار.

ومنذ مايو/أيار 2020، كانت قرارات "أوبك+" القوة الدافعة وراء تعافي أسعار النفط، رغم متغيرات فيروس كورونا التي ما تزال تشكل خطرا على التعافي.

لذلك، فإن قرارات الإنتاج السريعة والتي تتم بشكل تدريجي، تعد عاملا أساسيا لمنع حدوث اضطرابات مفاجئة في الأسعار سواء صعودا أو انخفاضا.

"أوبك+" علقت في 5 يوليو/تموز الجاري، محادثات استمرت 5 أيام، بعد رفض الإمارات مقترحا سعوديا روسيا بزيادة محدودة في الإنتاج خلال الفترة من أغسطس/آب وحتى ديسمبر/كانون الأول 2021، يرافقه تمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية 2022 بدلا من أبريل/نيسان المقبل.

وبسبب فشل المفاوضات، تأثرت معنويات متعاملي الخام سلبا، إضافة إلى التأثر من ارتفاع الإصابات بالطفرات الجديدة لفيروس كورونا، خصوصا المتحور "دلتا"، والذي يقول خبراء الصحة أنه يضع العالم أمام موجة جديدة من تفشي جائحة كورونا.

وبدأت دول "أوبك+" في مايو/أيار 2020 تخفيضات غير مسبوقة في الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا تشكل 10 بالمئة من الاستهلاك العالمي من الخام.

ومنذ ذلك الحين، جرى تقليص هذه التخفيضات وصولا إلى خفض حالي بمقدار 5.8 ملايين برميل يوميا.

** نفي إماراتي

والأربعاء، أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية أن المفاوضات بين الإمارات وتحالف "أوبك+" ما زالت مستمرة، نافية التوصل إلى اتفاق بشأن حصص الإنتاج.

وقالت الوزارة، في بيان مقتضب أوردته وكالة أنباء الإمارات، إنها "تتابع ما تم تداوله في وسائل الإعلام بشأن التوصل إلى توافق بين دولة الإمارات وتحالف منظمة أوبك+ على تعديل سقف الإنتاج المرجعي للدولة".

وأضافت الوزارة في بيانها، أن "المفاوضات البناءة ما تزال مستمرة بين الأطراف المسؤولة والاتفاق مع المنظمة (أوبك+) لم يتم حتى الآن".

جاء النفي الإماراتي بعدما أوردت وكالة "بلومبرغ" للأنباء الأمريكية، في وقت سابق الأربعاء، أن أبوظبي توصلت إلى اتفاق وسط مع تحالف "أوبك+" لاستئناف خطواته بتخفيف قيود الإنتاج، اعتبارا من أغسطس/آب المقبل".

** حرب أسعار

من جانبها، توقعت وكالة الطاقة الدولية، إن خلاف تحالف "أوبك+" بشأن ضخ المزيد من الإمدادات، قد يفضي إلى حرب أسعار لا سيما مع ارتفاع الطلب على الخام، بفضل تسارع عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا.

وذكرت الوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها، إن احتمال نشوب معركة على الحصة السوقية بين أعضاء "أوبك+"، حتى وإن كان مستبعداً، يهدد الأسواق النفطية.

وأضافت أن حالة الجمود الحالية في التحالف، يعني أن حصص الإنتاج ستظل عند مستويات يوليو/تموز، لحين إمكانية التوصل إلى تسوية، فيما ستشهد الأسواق النفطية حالة من الشح في الوقت الذي ينتعش فيه الطلب.

وذكرت أن أسعار النفط تفاعلت بقوة مع أزمة "أوبك+"، مع احتمالية حدوث أزمة إمدادات عميقة إذا لم يتم التوصل لاتفاق.

** مطالب مماثلة

وتوقعت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، أن يؤدي السماح لدولة ما برفع قدرتها الأساسية من الإنتاج، إلى تحفيز مطالب مماثلة من أعضاء آخرين وتعريض الجهود للسيطرة على إمدادات النفط الخام للخطر.

وقالت فيتش في تقرير حديث، إن تأجيل "أوبك+" قرارها بشأن مدى زيادة إنتاج النفط الخام، يثير تساؤلات حول قدرة التحالف على تنسيق الإنتاج، وتسليط الضوء على الخلافات حول سياسات التوريد.

وأشار إلى أن السعودية وروسيا تكافح بجانب الإمارات للتوصل إلى حل وسط.

وحسب فيتش، فإن الخلافات قادت أسعار النفط إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات بسبب اتساع عجز النفط، والذي يقدر حاليا بأكثر بقليل من مليون برميل يوميًا.

وتوقعت فيتش أن يتوصل التحالف لاتفاق بزيادة الإنتاج، مع ترقب عودة 1.5 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني إذا تم رفع العقوبات الأمريكية.

** مخاطر محتملة

وحسب التقارير الصادرة عن مؤسسات دولية، فإن اشتعال حرب أسعار لن يفيد أحد وسيدخل السوق في دوامة من عدم الاستقرار ومخاطر كبيرة على ميزانيات الدولة المنتجة.

وفي تقرير صندوق النقد الدولي الصادر الأسبوع الماضي عن الاقتصاد السعودي، قال إن اقتصاد المملكة يواجه مخاطر محتملة على المدى المتوسط على صعيد المعروض الكبير وتقلبات في سوق النفط بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بين بلدان "أوبك+" بجانب مخاوف من تباطؤ التعافي العالمي.

وأوضح الصندوق أن التأثير المتوقع على اقتصاد المملكة في حالة تحققت المخاطر، سيكون مرتفعا وقد يؤدي إلى تراجع أسعار النفط إلى زيادة عجز الميزانية العامة.

وفي حال استمرار تراجع الأسعار فترة طويلة، يرى الصندوق أنه سيتعين على السعودية إجراء تصحيحات إضافية مما سيكون له تداعيات سلبية على مستويات النمو والتوظيف والائتمان وسيلة الجهاز المصرفي وجودة الأصول.

ولم يتضح بعد عما إذا كانت السعودية والإمارات سيتغلبان على الخلاف فيما بينهما، إذ يُوصف الخلاف بين البلدين داخل مجموعة "أوبك+" بأنه تصدع واضح في جدار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في ملفات عدة.

وليست المرة الأولى التي تشهد علاقات البلدين خلافات كهذه غالبا ما يتم تجاوزها خلف أبواب مغلقة، مثل الخلافات حول التطبيع مع إسرائيل والحرب في اليمن وسوريا وليبيا والعلاقات مع تركيا أو إيران، وهي خلافات لا تظهر للعلن.

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات