شتاء ساخن ينتظر تونس مع تصاعد احتجاجات تطالب بالتشغيل

عادت الاحتجاجات الشعبية لتتصدر المشهد الاقتصادي والاجتماعي في تونس، للمطالبة بالتشغيل وتحسين الأوضاع الاقتصادية في عديد المناطق، بعد هدوء استمر عدة شهور.

تعيش تونس هذه الأيام، احتجاجات اتسعت رقعتها في عدة مناطق بعد نحو أسبوعين من انتهاء "أزمة الكامور" بإعادة فتح مرافق النفط بمحافظة تطاوين (جنوب).

انتهاء أزمة الكامور، جاءت بعد أن توصلت حكومة هشام المشيشي، لاتفاق مع محتجين، قضى بإعادة تشغيل منشآت النفط مقابل توفير مئات فرص العمل لأبناء الجهة.

كان المشيشي أعلن أن الحوار واستعادة الثقة والذي تم اعتماده في حل "أزمة الكامور"، سيتم اعتماده في كل الولايات، وخاصة التي تعاني من إشكاليات تنموية، ومنها قفصة وقبلي (جنوب) وجندوبة (شمال غرب) وسيدي بوزيد والقصرين (وسط غرب).

على إثر ذلك، اندلعت احتجاجات في عدة مناطق على غرار سليانة والقيروان (وسط) وتوزر وقابس (جنوب) وباجة (شمال غرب)، على ما اعتبروه استثناء من قائمة الولايات والجهات التي ستحظى بالإصلاح والتنمية.

وهددت جمعيات مدنية ومحتجون، بغلق الطرق إن لم يتم دراسة سبل لتحسين الأوضاع التنموية والاجتماعية .

وفي محافظتي جندوبة والكاف (شمال غرب)، قطع متظاهرون الطرقات المؤدية لمركزي المدينتين بتكديس الحجارة وإشعال الإطارات، للمطالبة بالتنمية والتشغيل وتحسين البنية التحتية.

وأما في محافظة توزر (جنوب غرب)، نفذ عاطلون عن العمل وقفة احتجاجية مطالبين بحق الجهة في التنمية ودراسة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية بها.

وشملت الاحتجاجات محافظة قابس بإغلاق محتجي تنسيقية "الصمود 2" مدخل المجمع الكيميائي التونسي (شركة حكومية)، ما أدى إلى تعطيل توفير الغاز السائل المنزلي بعديد المناطق.

ويطالب محتجو تنسيقية "الصمود 2"، بتفعيل قرارات حكومية سابقة تخص المحافظة وسكانها، تتعلق بتوفير وظائف وتحسين الأوضاع التنموية والاجتماعية.

كما اقتحم معتصمو "الدولاب" بمحافظة القصرين (وسط غرب)، مقر شركة بترولية ليغلقوا مضختها، معلنين تواصل احتجاجاتهم إلى حين تحصيل جهتهم نصيبها من التنمية والوظائف من جهة الحكومة.

** تراكمات

اعتبر الباحث في علم الاجتماع والأستاذ بالجامعة التونسية، مهدي مبروك، أن الاحتجاجات في تونس تتراكم منذ 10 سنوات، وقضاياها ظلت عالقة دون حلول إلى الآن.

وأضاف مبروك للأناضول، أن الاستحقاقات والقضايا النبيلة ظلت تدور حول التشغيل والتنمية والعدالة بين المناطق.. "للأسف ورغم تعاقب أكثر من 8 حكومات منذ 10 سنوات، وتورط بعضها أحيانا في سوء إدارة الأزمة والحوار مع المحتجين ... فإنه لم يتحقق شيء".

** ظروف استثنائية ووضع متحرك

من جهته قال رئيس جمعية علم الاجتماع عبد الستار السحباني، للأناضول،"عوامل عديدة أدت إلى الاحتقان الحالي من بينها الظرف الاستثنائي الذي تعيشه تونس كغيرها من الدول بسبب ما خلفته كورونا من انعكاسات.

ووصف السحباني الوضع الذّي تشهده تونس، بأنه نتاج طبيعي، خاصة بعد تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة التي تحدث فيها عن مجالس جهوية ستعقد للنظر في مطالب جهات دون ذكر جهات أخرى.

وعبر عن مخاوف من إمكانية الوصول إلى شلل في بعض المرافق الحيوية (الماء، الكهرباء، الغاز ..) وهو دليل على أن الحكومة الحالية، ورثت تركة ثقيلة من سابقاتها.

وكان العام الجاري، صعبا على مسار استحداث فرص عمل جديدة، بل أدت جائحة كورونا إلى نقل عاملين لصفوف البطالة، مع تضرر كافة القطاعات الاقتصادية.

وقال المعهد التونسي للإحصاء، الشهر الماضي، إن 69.3 ألف عامل فقدوا وظائفهم بسبب جائحة كوفيد 19 منذ مارس/ آذار الماضي، عادت الغالبية لاستئناف وظائفها، وظل 29 ألفا بلا عمل.

بينما يبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل حتى نهاية الربع الثالث 2020، نحو 676.6 ألف فرد، بنسبة بطالة 16.2 بالمئة مقارنة مع 15.1 بالمئة على أساس سنوي.

وفيما يتعلق بالحوار الذّي أطلقته الحكومة قال الباحث مبروك، إنه لا يعتقد أن مثل هذه الحوارات ستخمد الاحتقان مالم تعد للدولة هيبتها.

"لا أرى أن الأسلوب الحالي من شأنه أن يلبي مطالب المحتجين، التي أعتقد أنه من المستحيل أن تتحقق كلها في ظل الوضع الصعب الذّي تعيشه البلاد".

**واقع صعب

يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، أن المتسبب الأول في هذه الاحتجاجات هو الحكومة التي أعلنت أن المقاربة التي ستنتهجها في قادم الأيام هي مقاربة من يطلب أكثر يحصل على الأكثر.

وأوضح الشكندالي للأناضول، أن المقاربة الأسلم والأكثر واقعية، "تتمثل في أن من يستحق أكثر هو من يأخذ أكثر"

"لا يمكن اليوم الانتظار كثيرا.. مع وجود تجاذبات حول من سيشارك في الحوار من سيقصى منه، فالاقتصاد الوطني لا يمكن أن ينتظر حتى تهدأ عاصفة التجاذبات السياسية".
 

شارك الخبر

أخبار ذات صلة

تعليقات

لا يوجد تعليقات